خالد ضوا: سكّين جدتي أداتي الوحيدة في عالم النحت

أهو الحنين للطين أصل الإنسان، أم هي بدائية هذه المادة السهلة التطويع فنياً، أم هي رائحة جدته العتيقة، المتعلقة بقبضة سكينٍ جعلت الفنان "خالد ضوا" لا يطاوع النحت إلا بهذه المادة، هنا للطين فضاء خاص به، وقصة ولع قديمة بدأت فصولها عند بيت الجدة، وامتدت إلى ضواحي باريس حيث يقيم حالياً، فالطين واحد، كما عذابات البشر الواحدة. "وخالد ضوا"، هو فنان سوري (30عاماً)، درس النحت في جامعة دمشق، وشارك في عدة معارض جماعية، قبل أن تدمر براميل الأسد مشروع معرضه الفردي الأول، كما دمرت أحلام كثر من السوريين، فضلاً عن تدمير مدنهم. طين وسكين، يختزل "الضوا" مشواره الفني، وأدوات تعبيره بهاتين الكلمتين البسيطتين والمعقدتين في آن معاً، فالطين بدء الحياة، والسكين أداة بريئة، عندما تستخدم للفن، لا للقتل. "منذ العام 2007، وأنا أركز من خلال أعمالي على حالة "الانتظار"، حيث يعيش البشر الانتظار في كل مكان، بطرق مختلفة ولأسباب مختلفة، بعضهم يدرك ماذا ينتظر وبعضهم الآخر لا يدرك، وقد يمثل لبعضهم الانتظار غياب إمكانية الفعل الحقيقي، أما بعضهم الأخر فقد أتفن الانتظار وصار عمله الأصيل، إذاً تأثير الانتظار وكيفية تعامل الأشخاص مع انتظارها الشخصي هو ما تطرحه بعض أعمالي فمنذ انطلاقة الربيع العربي وبروز الفعل الأكثر أهمية "التظاهر" وهو المضاد فعلياً لكل حالات الانتظار التي سبق، وأنا أتطرق لها، حاولت أن أتجاوب مع الطاقة الجديدة التي برزت في الشارع، وأن أعكسها وأجسّد مواقف وحالات إنسانية ناتجة عن الواقع الجديد، من خلال عدة أعمال، منها أحرار المرسم، وأعلن انشقاقي، وحرقتونا والبلد.سكّين جدتي أداتي الوحيدة في عالم النحت وبالتوازي مع التركيز على تجسيد مايدور في البلاد، فقد ركز الفنان على حالات قد تكون نكوصية، ولكنها موجودة بكثرة في المجتمع، والشارع السوري، ولاسيما الضبابيون منهم، وهو مابرع في تصويره عبر أعمال "ملك الهشاشة، وأنت تراقب"، حيث حالة العديد من الأشخاص السوريين الذين اكتفوا بالمراقبة، والانتظار أيضاً. يستحضر الفنان القيود التي كانت تحكم الشباب السوري على غفلة منه قبل اندلاع الثورة، ويرى أن الثورة حلماً، وهبة لكسر التوابيت السياسية، والدينية، والاجتماعية، ومن ثم الدخول عبر بدايات جديدة. ورداً على سؤالنا عن أقرب الأعمال من روحه، أجاب: لكل عمل اغراؤه، ولكن فيما يخص الثورة كان " المظاهرة" هو الأقرب لي، حيث يعيش الفرد ليصل لمرحلة الإعلان عن مطلبه مرحلة مخاض كبيرة، فيها يواجه حقيقة وجوده ومخاوفه وما ينتظره من مستقبل غامض، إنها رحلته لاكتشاف الحقيقة. هذا المخاض المحاط باحتمالات الرفض، والقمع، واحتمالات أكثر قسوة في الإقصاء والنفي، وصولاً إلى إعلانه عن موقفه الصلب الذي لا عودة عنه وفق مبدأ "كل شيء أو لا شيء"، وليجد نفسه مع أفرادٍ آخرين يشعرون بأنه مطلب جماعي، ويصبح مصيرا مشتركا بين الجميع. يرى خالد أن الثورة ضرورة، والمطبات التي تمر بها لاتغير في الأمر شيئاً، والأهم من هذه المطبات هو استمرار الفعل الفردي، وهذا ما يحاول أن يقوم به على مستواه الشخصي، ومن خلال أعماله. ويعتزم خالد إقامة معرض فردي مؤخراً، في صالات باريس، ولايخفي حسرته على عدم احتضان السرير الدمشقي المكلل بالياسمين لمعرضه البكر.