الخليج بين مطرقة «داعش» وسندان إيران!

عبد الله خليفة الشايجي

تواجه دول مجلس التعاون الخليجي، بعد ربع قرن على احتلال العراق لدولة الكويت وأكثر من عقد على الغزو الأميركي للعراق وأربعة أعوام على موجة «الربيع العربي».. نمطاً جديداً من التهديدات، من جانب فاعلين وميليشيات من غير الدول باتت تقاتل جيوشنا وتفجر مساجدنا وتجند بعض أبناء أوطاننا للقيام بعمليات إرهابية لتهديد أنظمتنا وشعوبنا. وهذا التهديد أخطر من كل التهديدات الخارجية، لأن خلاياه النائمة قد تضرب في أي وقت وأي مكان!

تعرضت ثلاثٌ من دول مجلس التعاون الخليجي لعمليات إرهابية دامية؛ فضرب تنظيم «داعش» في السعودية مستهدفاً مسجدين في القطيف. وفي الأسبوع الماضي قام «داعش» بتفجير مسجد قوات الطوارئ في الطائف. وتعرضت مملكة البحرين لسلسلة تفجيرات إرهابية أودت بحياة رجال شرطة على أيدي خلايا اتضح أنها تتلقى الدعم من الحرس الثوري الإيراني.

وتعرضت الكويت لاختراقات أمنية غير مسبوقة على أيدي «داعش»، بغية زرع الفتنة الطائفية، وعلى أيدي إحدى الخلايا الشيعية النائمة تلقت التدريب والتسليح من «حزب الله».

وكانت الكويت قد شهدت في شهر رمضان الماضي تفجيراً إرهابياً نفذه عضو في «داعش» بواسطة حزام ناسف في مسجد الإمام الصادق، ما أدى لسقوط عدد من الضحايا. لكن الكويت نجحت في تجاوز تداعيات الاعتداء الإرهابي، بفضل حنكة قيادتها وتلاحم شعبها، فلم يستطع المتطرفون جرها لفتنة طائفية. ثم كان الاختراق الآخر الذي كشِف عنه الأسبوع الماضي، حيث نجحت قوات الأمن والاستخبارات الكويتية، عبر عملية استباقية نوعية ناجحة، في كشف الخلية الإرهابية التي هرّبت ترسانة من الأسلحة ربما هي الأضخم في تاريخ العمليات الإرهابية في الكويت!

لذلك فإن أمام الأجهزة الأمنية الكويتية الكثير من التحدي، ومثلما نجحت في إسقاط وكشف خلية «داعش» التي فجرت مسجد الإمام الصادق، فهي تعمل الآن بمهنية عالية للكشف عن ارتباطات الخلية الإرهابية الأخيرة والأطراف الداخلية والخارجية التي سهلت لها مهمتها. والخطير في الأمر هو حجم الترسانة المهربة، والاختراق الأمني الذي مثّله تهريبه. والسؤال الآن: هل سيكشف التحقيق مع الخلية الإرهابية خلايا نائمة أخرى؟

وإلى غاية مرور 24 ساعة على إسقاط الخلية الإرهابية، لم تصدر وزارة الداخلية الكويتية بياناً مفصلاً تكشف فيه أسماء وصور واعترافات أعضاء الخلية الإرهابية، لدى إحالتهم لنيابة أمن الدولة لاتخاذ الإجراءات بحقهم، كما فعلت الوزارة بحق خلية «داعش» حيث كشفت أسماء وصور وخلفيات أعضاء الخلية بمن فيهم منفذ العملية والأعضاء الذين ساعدوه في التفجير. ومثل ذلك فعلت مملكة ‏البحرين‏ أيضاً حين قامت بعرض فيديو لعملية القبض على أعضاء الخلية البحرينية واعترافاتهم بالتخطيط للقيام بالعملية الإرهابية وتلقيهم التدريب والتسليح من الحرس الثوري الإيراني.

وهكذا تجد دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة السعودية والكويت والبحرين، أنها تواجه تهديدات من نوع جديد وخطير من جانب جماعات مسلحة تهدد دول المجلس وتعمل على نشر الفكر والتعصب الطائفي. لهذا بات مطلوباً، وبإلحاح، التنسيق الأمني والعمل الجماعي للتصدي لتلك التهديدات بطريقة وأسلوب مغايرين كلياً للأساليب والطرق المعمول بها سابقاً.

ستبقى دولنا التي تجد نفسها بين مطرقة «داعش» ومخططها وأسلوبها المستفز والمنفر، وبين سندان إيران وحلفائها الذين يساعدونها على تحقيق مشروعها، خاصة بعد استقوائها بالاتفاق النووي والقبول الدولي.

بعد ربع قرن على كارثة غزو واحتلال عراق صدام حسين لدولة الكويت ومحاولته تغيير جيوبولتيكية المنطقة، تغيرت طبيعة ونوعية وشكل التهديد ولم يعد حكراً على الدول والغزو والاحتلال، بل أصبح تهديداً فكرياً وعقائدياً تمثله «القاعدة» و«داعش»، وتهديداً استراتيجياً من جانب دولة ذات مشروع أيديولوجي، توظف وكلاءها وحلفاءها وتجند مواطنين خليجيين لزعزعة أمن واستقرار بلادهم.

نواجه تحديات حقيقية ينبغي مواجهتها جماعياً، بنهج متكامل وخلّاق، أمنياً وفكرياً وعقائدياً وسياسياً واستخباراتياً.. لأن البديل سيكون مزيداً من التهديدات والاختراقات!

المصدر: الاتحاد