دمشق غارقة ببحر من النفايات وعلب الخمر في حدائق الياسمين

ميكروسيريا

دمشق اليوم تكاد أن تكون سورية الأطياف المختلفة فقد هرب إليها كل من سقطت فوقه البراميل في محيطها والمحافظات القريبة وكذلك اجتمع فيها كل المجرمين المحليين والمرتزقة بحجة الدفاع عن سورية انطلاقاً من دمشق التي تضيق من حولها هالة النار.

الشوارع المزدحمة ليست فقط بالبشر بل بالأوساخ المتناثرة في كل مكان، دون أن يلتفت إليها أحد فالكل مشغول باستثمار حتى الأوساخ بدء من الشرطي إلى موظف المحافظة إلى أعلى الهرم القذر في سلم هذه الدولة الفاشلة التي تستثمر الموت والقمامة.

حاويات منتفخة في العاصمة وأكوام من الزبالة البشرية تتراكم أمام المداخل الرئيسية لها، وفي أسواق الخضار روائح البقايا المتعفنة فلم يعد أحد هنا يحفل بالويلات والكوارث التي ستنتشر كالوباء في صدور وقلوب السوريين، وكذلك الباعة الجوالين الذين انتشرت صناديقهم الكرتونية وأغلفة بضائعهم على الأرصفة وفي الشوارع هذا عدا ما يلقيه المارة من فضلات طعامهم وشرابهم فلم تعد الأخلاق عامل ردع كما كانت بعد انتشار ظاهرة التشبيح الأخلاقي كأحد مظاهر القوة والتمرد على القانون وإن كان في شكله الهزيل.

لا يمكن أن تكون هذه دمشق الياسمين، وليست هذه رائحتها، التي كان يأت من أجلها العربي والأجنبي طمعاً بأن يشتم رائحة التاريخ الذي ولد فيها، فدمشق أقدم مدن التاريخ المأهولة وعاصمة أعظم الإمبراطوريات التي نهضت في الشرق، وتمددت لتصل أوروبا والصين وأفريقيا.

عبوات العصير وبقايا السندويش في كل مكان، فمن الممكن أن تجدها في حواضن الشجر المعدنية، وعلى أدراج الأنفاق، وأسوار الأبنية الحكومية والخاصة، وفي أنفاق عبور المشاة، وما تعجب منه هو اختفاء حاويات الأعمدة التي كانت منتشرة بشكل كثيف في العاصمة هذا عن أعداد قليلة من الحاويات الكبيرة في مداخل الأحياء وأمام الأماكن العامة التي يرتادوها المواطنون بكثافة.

الحدائق العامة، التي كانت محروسة بناطور دائم موظف لحفظ أمن الناس ومنعهم من القاء مخلفاتهم-تحولت إلى تجمعا متناثرة لمخلفات السهارى والسكارى التي لا يقدر أحد منعهم خصوصاً من العساكر والميليشيا التي تمارس جنونها في ك مكان، وهذه المخالفات عبارة عن عظان (الفراريج) وعلب الخمر التي زادت أنواعها ومبيعاتها في سنوات الأزمة وصار شرب الخمر علانية في الشوارع.

فروع بردى التي تخترق العاصمة هي الكارثة الأكبر ومصدر تجمع القمامة والنفايات خصوصاً بعد أن صار بردى مجرد ذكرى لا يصل إلا فترة قصيرة إلى العاصمة بسبب سنوات الجفاف المتتالية، وفي هذه الأنهار الصغيرة تتجمع علب المياه الفارغة البلاستيكية، والأكياس بأحجامها المتنوعة وأي شيء يمكن أن يلقى بالنهر الذي أصبح كالمستنقع ولكن بلون أسود ورائحة مميتة أضف إلى ذلك العلب البلاستيكية والزجاجية.   

في ريف العاصمة لا تستغرب من استخدام الحاويات كحواجز، وهذه الحاويات ممتلئة وتفوح منها الروائح القاتلة، وقد لا يجرؤ سائق سيارة الزبالة على تفريغها إلا بعد وقت طويل، أما السواتر الترابية التي تغلق الحواري فعبارة عن حاوية كبيرة باستثناء محاولة الأهالي زرع ما يمكن منها لعدم تحويلها إلى مكبات تجلب الموت.