أية فرصة للمساعي الروسية لسوريا؟

موناليزا فريحة

سوريا لا أوكرانيا تحرك الديبلوماسية الروسية في الأسابيع الأخيرة. زيارات مسؤولين عرب لموسكو أخيراً أبرزت جهد موسكو لتحريك الحل السياسي للنزاع السوري. والجبهة الموحدة التي أعلنها وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والايراني محمد جواد ظريف ليست بعيدة من هذا الجهد. حكام السعودية والكويت وقطر ومصر والمغرب والأردن، إلى ولي العهد الإماراتي، سيزورون العاصمة الروسية قبل نهاية 2015. ومع أن لقاءات القيادات في المعارضة السورية في موسكو لم تكشف تغييرا حقيقيا في السياسة السورية للكرملين، فقد عكست أقله ليونة روسية جديدة حيال معارضين كانت إلى وقت قصير تضع فيتو عليهم.
الحراك الروسي تسارع منذ لقاء الرئيس فلايديمير بوتين وولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، في حزيران. مذذاك، نزلت موسكو بثقلها لتسويق خطتها تأليف تحالف واسع يضم المعارضة السورية والجيشين السوري والعراقي والاكراد، لمواجهة الخطر الذي تمثله “الدولة الاسلامية” والتنظيمات المتطرفة، والذي تتعامل معه موسكو بجدية كبيرة.
عاملان يحركان موسكو. التطرف الذي يجتاح سوريا والذي اختبرته في مناطقها الانفصالية، وخيار سياسي للأزمة تأمل في أن يضمن لها مصالحها، وخصوصاً موقعها في مواجهتها المفتوحة مع واشنطن. ولكن في كلا العاملين تتضارب مقاربتها للحل مع رؤية القوى الاقليمية الفاعلة. وزير الخارجية السعودي عادل الجبير نسف كل محاولة روسية لتسويق التنسيق مع الرئيس السوري بشار الاسد في الجهود لمحاربة “الدولة الاسلامية”، كما لأي جهد لإشراكه في عملية انتقالية.
الديبلوماسية الروسية ليست ساذجة. الارجح أنها لم تكن تتوقع موقفا سعوديا مختلفاً لمجرد حصول لقاء سعودي – سوري أقل ما يمكن القول عنه إنه كان فاشلاً. وبذلك، بدا كأنها تسدي خدمة الى طهران الخارجة للتو من عزلتها، والتي أظهرت نفسها حليفاً وفيّا لها بعيدا من المصالح الاقتصادية التي تحرك الدول الغربية حيالها. وهذه الخدمة لن تكون الاخيرة. وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الذاهب الى نيويورك في أيلول المقبل لعرض خطة النقاط الثلاث الرامية بدورها الى انقاذ الاسد، سيجد في مجلس الامن حليفا قويا له.
المساعي الروسية الرامية الى جمع الرياض وطهران في هذه الحال لن تحقق مبتغاها، ولن تساهم في احسن الاحوال الا في رفع أسهم موسكو لدى الجمهورية الاسلامية. فاذا شاءت موسكو حقاً وقف الجحيم السوري ومنعه من التمدد الى أراضيها وأراضي غيرها، عليها التحرك أسرع لاقناع السوريين بأنها حقاً طرف محايد، والتعاون مع السعودية لوقف امداد الجماعات المسلحة من الجانبين بالعديد والعتاد وبدء عملية انتقالية تأخذ في الاعتبار مصالح الدولة السورية ومؤسساتها بدل التمسك بالرئيس الاسد ولو على حساب خراب سوريا.

المصدر: النهار