بين النظام والتنظيم والثوار طرق معبدة لتهريب “البشر” تدر على أصحابها الملايين

درعا: ميكروسيريا

يعتقد الكثيرون أن هجرة الشعب السوري عبر البحر إلى دول أوروبا أخطر أنواع الهجرة، ولكنه في الحقيقة تعتبر هجرة الشبان من جنوب إلى شمال سوريا توازي هجرة البحر في الخطورة، بحسب روايات وشهود جربوا الخروج من محافظة درعا جنوبا إلى حدود تركيا شمالا.

أجرت “ميكروسيريا” حورا مع أحد أبناء محافظة “درعا” “محمد إسماعيل” والذي قرر الخروج من سوريا، فقال “محمد” وهو خريج كلية الهندسة المدنية من جامعة دمشق انه كان أمام خيارين إما البقاء في مناطق سيطرة جيش النظام، وهذه يترتب عليه مخاطر كبيرة، حيث يقوم الأخير بسحب جميع الشبان إلى الخدمة العسكرية، أو الاستقرار في مناطق سيطرة الجيش الحر، وهذه المناطق تخلو من فرص العمل، ومن أبسط مقومات الحياة، وتشهد ارتفاع جنوني في الأسعار، يضاف إلى ذلك استهداف قوات بشار الأسد لهذه المناطق بكل أنواع الأسلحة،  لذلك لم يجد أي خيار آخر غير الهجرة.

وتابع: قبل أن يفكر أحدا بالهجرة، بترتب عليه منذ البداية تأمين مبلغ مالي يكفيه لدفع تكاليف الرحلة من درعا إلى حدود تركيا، ويقدر المبلغ بثمانمائة دولار، يدفع على مراحل، وفي كثير من الأحيان يتعرض الشبان للسرقة على الطريق لذلك كان من اللازم تمحيص المهرب، واختيار “مهرب “ذو خبرة على الطريق لتجنب الوقوع في الكمائن، وبكون “المهرب” هو أهم شخص في الرحلة لذلك عليك اختيار مهرب تربطه علاقة قوية بكل الأطراف في سوريا، فالمهرب يقوم بدفع المبالغ المالية لكل الحواجز على الطرقات “حواجز الجيش الحر، وحواجز اللجان الشعبية، وحواجز النظام، وحواجز تنظيم داعش.

وإذا كان المهرب على خلاف مع أحد هذه الأطراف تكون الرحلة في خطر لا يحمد عقباه، ففي كثير من الأحيان وعندما كان يختلف المهرب مع إحدى الحواجز المذكورة، فإن الرحلة تتعرض لكمين، أو يتم إلغاء، وفي هذه الحالة فإن المبلغ المدفوع لا يسترد.

وأضاف محمد: الطريق غير آمن على الإطلاق، في كل يوم يتعرض الشبان إلى كمائن من قوات النظام على الطريق، قبل الوصول إلى “بادية الشام” وينتج عن الكمائن مقتل واعتقال عشرات الشبان، ولكن الخطر لا يتوقف هنا، فبعد تجاوز مناطق سيطرة النظام هناك مناطق سيطرة تنظيم داعش، وهو المكان الذي اختفى فيه العشرات من الشبان.

وقال المتحدث: يستغرق الطري قرابة العشرة أيام، لتقطع سوريا من جنوبها حتى شمالها، وينقسم الطريق إلى عدة محطات من ضمنها المشي على الأقدام مسافة تتجاوز المئة كم.

ووفقا لمصادر خاصة فقد اطلعت ميكروسيريا على أعداد المهاجرين يوميا، حيث أفاد المصدر بأن أعداد الشبان تتراوح ما بين الثلاثين والأربعين شاب باليوم الواحد، فيما تعرضت رحلات الأسبوع الماضي لأكثر من كمين كان آخرها يوم الثاني عشر من شهر آب أغسطس الحالي، ولا تزيد نسبة الشبان الذين يصلون الحدود التركية عن 10%، حيث أكد المصدر أن الهجرة ساهمت بزيادة حالات السرقة والاحتيال في الجنوب السوري، وخاصة أن غالب الأهالي يبيعون ممتلكاتهم بأباخس الأثمان من أجل تأمين المبلغ المالي المطلوب للهجرة لأبنائهم.

وقال المصدر: نسبة كبيرة من الشبان المهجرين يقررون البقاء في مناطق سيطرة تنظيم داعش أثناء الرحلة، بسبب تبيعة المهربين لتنظيم داعش.

وبحسب المصدر فإن الخطر الأكبر يتمثل ببقاء بعض الشباب في مناطق سيطرة تنظيم داعش، ومن ثم أرسالهم إلى الجنوب السوري وزرع خلايا للتنظيم في محافظة درعا، وذلك بعد تسجيل أكثر من حالة من أبناء المنطقة، خلال الفترة القصيرة الماضية.

في الأشهر الماضية ازدادت نسبة الشباب المهاجرين، وبحسب منظمات تعنى في عمليات التوثيق في حوران، تجاوز بلغ الشبان الخارجين من المناطق الجنوبية عبر مهربي الداخل، خمس عشرة ألف شاب أغلبهم من أصحاب الشهادات الجامعية أو الطلاب في الجامعات، وذلك في الفترة الممتدة ما ببن صيف عام 2014 إلى بداية شهر “آب” الجاري.