من الصالون النسائي إلى ملعب شييرد بوش

سارة مطر

التقى فريقا النصر والهلال في مباراة كأس السوبر في العاصمة البريطانية لندن، لأول مرة في تاريخ البطولة حيث لم يسبق أن أقيمت خارج العاصمة الرياض، وعلى الرغم من ندرة الحدث وضخامته كأول اتحاد كروي غير أوروبي، يقدم على تلك الخطوة، ويلعب مباراة السوبر خارج حدود بلاده، إلا أن المتابع للحدث يكتشف أنه لم تتم الإشارة إلى المباراة في الصحف البريطانية، بل إن مشجعي الكرة في لندن لا يعرفون شيئاً عن المباراة.

ورغم كل هذا التجاهل المتعمد من الصحف الإنكليزية للحدث الرياضي السعودي المقـام على أرضهـا، أفـردت صحيفة الجارديان البريطانية بعد المباراة، مساحة واسعة للحدث عن نهائي كأس السوبر السعودي، ونشرت أربع صور خاصة، حيث حمل عنوان “طعم الكرة السعودية إلى ملعب شييرد بوش”، وقالـت في مطلعه “من الرياض إلى ريوسليب، التف الآلاف في مدرجات معلب لوفتيس روود ليشهدوا أفضل مباراة في السعودية”. كما تضمن التقرير تحليلا مفصلا عن اللقاء، وتفاعلا إيجابيا مع صيحات الجماهير مع الهجمات، واصفا إياها بالصراخ القوي، خاصة عندما تصل الكرة إلى منـاطق الخطر، ويبـدو أن صحيفة الجارديان قد تحمست للنشر عن كـأس السوبر، بعد أن شـاهدت التفاعل الكبير على الأخص من قبل المرأة السعودية، وهذا ما جعل المادة الصحفية كاملة الدسم.

وهكذا نظر العالم إلى المباراة، أما في المجتمع السعودي فبدت نظرته مختلفة تماماً، فالبعض يجد أن مشاركة المرأة السعودية في الملعب كمتفرجة، لم يأت بخير، فيما ذهب البعض لوضع “هاشتاغ” لرفضه ما حدث في كأس السوبر، أما البعض الآخر فيجد أن حضور المرأة للملعب هو بداية ملؤها الأمل والنوايا الحسنة، ففي أوروبا يسمح للمرأة أن تحضر جنباً إلى جنب مع الرجل لمشاهدة المباراة، من دون قيود أو شروط، لذا، فلا يمكن لأحد أن يلقي اللوم على كل فتاة حضرت بهدف دعم فريقيْ وطنها، فهن شقائق الرجال، وعلى الأخص أن معظمهن ظهرن برفقة أسرهن، مما يعني أن لا حق لأي مخلوق محاسبة الفتاة أو محاسبة أسرتها، فالمشجعة السعودية مارست حقها بشكل طبيعي جداً في وطن يسمح فيه للمرأة بحضور المباريات، كما في الكويت والبحرين وسلطنة عمان والجمهورية المصرية.

ولنعترف بحقيقة مُرة، بأن المشجعات قد حققن المزيد من الأضواء، أكثر بكثير من الأضواء التي لم تسلط بشكل منصف على اللاعبين وعلى أدائهم في المباراة، فقد كان كل الشغل الشاغل للمشجعين والمتابعين للمباراة، تقييم مستوى الفتيات والتقاط الصور لهن من خلال شاشة التلفزيون، ونشرها على معظم مواقع التواصل الاجتماعي، والتعليق على الصور الملتقطة من الشاشة، ولم يكن الأمر يستحق تلك الأهمية، فأعطى للموضع مبالغة كبيرة، لتجييش الرأي العام، لكي يكون ضد حضور المرأة مستقبلا لأي ملعب سعودي.

وهنا أحب أن أذكر بوجوب الإحساس بالعدالة فالمرأة هي النصف الآخر للمجتمع، ويحق لها أن تعيش أدوارها التي تستحقها، من دون حتى أن تسعى بكل ما تملك للحصول على كامل حقوقها الإنسانية في المساواة والحرية، واحترام مبادئها الشخصية.

ولكن أكثر ما أثارني في المباراة وهو أمر شديد الحساسية لدى البعض، هي الطريقة التي ظهرت فيها الفتيات على الملعب، فأعتقد بـأنهن ظنن أن المباراة عبارة عن حفل “زواج”، فاعتنين بمظهرهن بشكل لافت، حتى أنني أجزم بأن البعض منهن قد عرجن على صالون نسائي، لإعداد تسريحة ووضع مكياج بطريقة احترافية، إلى جانب الملابس التي أظنها بدت إلى حد ما غير مقنعة، ولو أنها، أولاً وأخيراً، تعبر عن شخصية من يرتديها، ولكن البعض قد فهمن أن حضور مباراة في ملعب، هو أشبه بحضور لـ”قاعة أفراح”، لذا كان عليهن الاستعداد الكامل، للظهور بمظهر أنيق جداً، في محاولة للتعبير عن هويتهن، فيما أني لاحظت في الشوط الأول والوحيد من المباراة التي تابعتها، أن معظم الفتيات اللاتي حضرن المباراة، لم يتخلين عن هواتفن الجوالة أبداً، فكل واحدة انغمست في التمتع بالمشاركة في معظم مواقع التواصل الاجتماعي، بدلاً من متابعة المباراة التي بدت من وجهة نظري، شديدة الحماس وتعبر عن استعداد الفريقين، بالكامل، لهذه البطولة.