مجزرة “دوما” جاءت تلبية لمطالب شيعة النظام بدمشق وصداها لم يتجاوز حدود البلاد

ميكروسيريا

لقيت المسيرات الشيعية التي جابت شوارع مدينة “السيدة زينب” جنوبي العاصمة السورية-دمشق، صداها في أروقة صنع القرار لدى نظام “بشار الأسد”، ليحقق مطالب شيعة “دمشق، لبنان، العراق” في إبادة المدن السورية السُنية بشكل كامل، نصرة لبلدتي “الفوعة وكفريا” الشيعيتين المحاصرتين من قبل جيش الفتح في ريف إدلب.

إذ أن النظام السوري انتظر كذلك النتيجة التي ستفضي إليها المفاوضات بين الإيرانيين وحركة “أحرار الشام الإسلامية” حول معادلة “الزبداني” مقابل “الفوعة وكفريا”، والتي كانت تهدف إلى تهجير سُنة جبال القلمون عن مناطقهم، واستقدام شيعة “كفريا والفوعة” إلى دمشق، في خطوة تهدف إلى التغيير الديموغرافي للبلاد، إلا أن المفاوضات باءت بالفشل، بسبب رفض “أحرار الشام” لهذا المطلب بشكل كامل، وتمسك الوفد الإيراني المفاوض به.

وما إن خرجت نتيجة المفاوضات إلى العلن، حتى ظهر التأثير الإيراني الواضح على مصدر صنع القرار في دمشق، ببدء حملة شرسة تطال المناطق التي تسيطر عليها كتائب الثوار، والتي تحاصرها قوات النظام السوري والميليشيات الشيعية، لتهاجم طائرات النظام السوري الحربية السوق الشعبي في مدينة “دوما” بالغوطة الشرقية، موقعة ما يزيد عن 120 قتيلاً بينهم 10 نساء وعشرات الأطفال الذين كانوا يبيعون الخبز والخضار، إضافة إلى ما يشارف على 500 جريح غصت بهم المشافي الميدانية في الغوطة الشرقية.

فشل المفاوضات كان أحد مطالب المتظاهرين في “السيدة زينب” الذين كانوا يفضلون إبادة مناطق أخرى غير “الزبداني” ووقف أي عملية سياسية لصالح العمليات العسكرية، وهذا ما أكدته مصادر النظام الموالية وأبناء مسؤوليه الذي طالبوا سلاح جو النظام بأن لا يبقي حجراً على حجر في الغوطة الشرقية.

النقيب “إسلام علوش” المتحدث العسكري باسم “جيش الإسلام” قال لـ “ميكروسيريا ” خلال اتصال معه، إقدام النظام السوري وخاصة بعد الاتفاق النووي الإيراني، على تسليم الإيرانيين ملف الحكم في سوريا بشكل كامل، فباتوا هم أصحاب القرار فيه، متهماً إيران بالوقوف وراء المجزرة المروعة في الغوطة الشرقية، وإحكام حصار المدن الموقعة على هُدنٍ وتهدئات مع النظام السوري، بهدف تصعيد الحملة ضد المناطق المناوئة لنظام حكم “بشار الأسد”.

ومن جانب آخر، لبى النظام السوري مطالب شيعته ضد بقية المناطق، فهاجم قرى وبلدات في “وادي بردى” في ريف دمشق، بعشرات الغارات الجوية والقصف العنيف المركز على الأحياء السكنية، والذي أدى إلى عشرات الضحايا والجرحى، وتسوية أبنية سكنية كاملة بالأرض، في حين ما زال يحاصر مئات آلاف المدنيين في كلاً من مدن “معضمية الشام، قدسيا، والهامة”، مانعاً إدخال أي من المواد الغذائية إليهم، وكذلك منع خروج أو دخول المدنيين ما عدا الموظفين في حكومته وطلاب الجامعات.

في حين استنكر السوريون الصمت العربي والدولي الرهيب حيال هذه المجازر التي ارتكبت في ريف دمشق، وعدم ظهور أي مواقف حقيقية من قبل جامعة الدول العربية و “دول أصدقاء الشعب السوري”، رغم أن هذه المجازر تأتي قبل أيام فقط عن ذكرى مجازر الكيماوي التي راح ضحيتها آلاف السوريين بالغازات السامة، إلا أن الأحوال تشابهت في كلتا المجزرتين واقتصر ردود الأفعال على الشجب والاستنكار والقلق، ليبقى النزيف السوري مستمراً دون أي صدى يذكر خارج حدود البلاد، في ظل غياب أي مساعٍ جدية لإيقاف ما يرتكبه النظام السوري، أو الإيرانيين، وغياب أي دور سني فعال في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الدماء السورية.