الأردن ومكاسب الحرب ضد “داعش”

توبن هارشو

محلل سياسي أميركي

إذا كان الكثير قد كتب حول الكيفية التي استغلت بها إيران الحرب ضد تنظيم «داعش» لزيادة نفوذها عبر الشرق الأوسط، فإن بلداً آخر بدأ، ومن منطلق إيجابي مختلف، منذ البعض الوقت في تحويل مساهمته الجادة في مواجهة العنف إلى مكاسب ملموسة: إنه الأردن.

فقبل عقد فقط، كانت هذه المملكة محدودة الموارد مهمة للجميع، وكان حضورها مؤثراً ويحظى باهتمام الغرب خاصة لدورها كسد منيع في وجه صدام حسين. واليوم أيضاً بات الأردن عضواً محورياً في الائتلاف الذي يحارب «داعش»، وبلداً يتمتع باقتصاد حيوي وجيش قوي يحظى بالدعم والتسليح من قبل الولايات المتحدة والحلفاء الإقليميين.

ولنتأمل التالي: ففي 2003، وهي السنة التي تم فيها غزو العراق، منحت الولايات المتحدة الأردن 950 مليون دولار من المساعدات الاقتصادية و612 مليون دولار من المساعدات العسكرية. ولكن بحلول 2011، انخفض هذان الرقمان إلى 362 مليوناً و300 مليون. وعلى نهج الولايات المتحدة سار مانحون آخرون، حيث انخفض إجمالي المساعدات المقدمة للأردن من حوالي 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 4 في المئة من 2006 إلى 2011.

فكان من نتائج ذلك أن تراجع الاقتصاد، حيث انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، الذي كان قد ارتفع بـ9 في المئة خلال السنة التي تلت غزو العراق، إلى معدل نمو بلغ 1,3 في المئة في 2010.

وفي 2004 ثم في 2008، كانت ثمة دواعي قلق لدى البعض من أن ترغم المملكة، مع انهيار المفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية، على ضم الضفة الغربية إليها في إطار نوع من الاتحاد، الذي يشكل فيه الفلسطينيون أغلبية السكان.

ثم أتت متغيرات إقليمية أخرى على شكل اضطرابات عنيفة، حيث جاءت أولًا انتفاضات ما سُمي «الربيع العربي»، التي لم تشمل الأردن تقريباً في وقت قلبت فيه بقيةَ المنطقة رأساً على عقب، ما كرّس سمعة المملكة كبلد مستقر سياسياً. ثم جاءت الحرب ضد «داعش»، التنظيم الإرهابي الذي يبدو الأردن، بجيشه الصغير والمدرب تدريباً جيداً، مؤهلًا على نحو فريد لمواجهته.

ويمكن القول إن تمرير الكونجرس الأميركي لقانون يسرّع مبيعات أسلحة لعمان في فبراير الماضي – بعد وقت قصير على بث «داعش» لشريط فيديو مروع لحرق الطيار الأردني الأسير حياً – زاد من تحول المملكة إلى شريك بالغ الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وبشكل عام، تم رفع حجم المساعدات الأميركية للأردن في كل سنة من السنوات الثلاث المقبلة إلى مليار دولار، مقارنة مع 660 مليون دولار في 2014. كما وافقت واشنطن مؤخراً على بيع الأردن صواريخ مضادة للدبابات من طراز «جيفلن» و«هلفاير»، و92 مدرعة لنقل الجنود من نوع «كوجر»، و100 قنبلة موجهة بالليزر من طراز «بايفواي»، ونظام تصويب جديد لأسطوله من مقاتلات «إف 16». وفضلًا عن ذلك، سيحصل الأردن على مبلغ مهم من الـ2,1 مليار دولار التي خصصها الكونجرس لـ«صندوق شراكات محاربة الإرهاب» الذي أنشأه البيت الأبيض.

المصدر: الإتحاد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»