تقرير حقوقي: أكثر من 67 ألف حالة اختفاء قسري في سوريا خلال 4 سنوات

A pair of handcuffs

 : ميكروسيريا

أصدر كل من الشبكة السورية لحقوق الإنسان (لندن)، والمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (جنيف)، تقريراً مشتركاً بعنوان “لا أثـر: ضحايا الاختفاء القسري في سوريا”، تناول إحصائيات لحالات الاختفاء القسري في سوريا على مدار الـ 4 سنوات الماضية، والتي بلغت (67.561) حالة على الأقل، منها قرابة 65 ألف حالة لدى القوات الحكومية السورية (96% من مجموع الحالات)، ونحو 2400 حالة لدى الأطراف المسلحة الأخرى في الأراضي السورية، كقوات “الإدارة الذاتية” الكردية، وتنظيم داعش (يطلق على نفسه اسم الدولة الإسلامية) والنصرة، وفصائل المعارضة المسلحة الأخرى.

وقال التقرير، الذي جاء بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، الذي يصادف 30 آب (أغسطس) من كل عام، إن الاختفاء القسري في سوريا يبدأ باعتقال الشخص، والذي يتم غالباً من بيته أو من الشارع، من قبل مجموعة من المسلحين، ربما بزي عسكري، أو حتى بزي مدني، وغالباً دون الإفصاح عن هويتهم، ودون إبداء أية أسباب، أو إبراز إذن بالقبض، ليختفي بعدها هذا الشخص الذي تم اعتقاله، رجلاً كان أو امرأة، من حياة ذويه وعائلته وأحبته ومجتمعه، حيث يتم إنكار وجوده في عهدة أي من الجهات المسؤولة، أو يتم رفض الكشف عن مكان وجوده أو الإدلاء بأي معلومة عنه، وهو ما يمثل، قانونياً وأخلاقياً، جريمة ضد الإنسانية، تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وتعد من الجرائم التي “لا تسقط بالتقادم”.

وأشار التقرير إلى أن السلطات تتعمد ممارسة الإخفاء القسري للأشخاص كي لا تُبقي دليلاً يُشير إلى مسؤوليتها عن عمليات الاعتقال التعسفي بحقهم، وما قد يتبعها من تعذيب وعنف جنسي، مبيناً أن ممارسة الاختفاء القسري، لا سيما من قبل القوات الحكومية، تمثل نهجاً شاملاً في جميع المحافظات السورية. وأضاف التقرير أن بعض الأهالي يلجؤون إلى دفع الرشاوى للمسؤولين (تصل في بعض الأحيان إلى آلاف الدولارات) من أجل الحصول على معلومات عن مصير أبنائهم، وهو ما يبدو أنه أحد أهداف الإخفاء القسري الذي يتعمده الضبّاط والمسؤولون.

وحسب الإحصاءات التي أوردها التقرير، فإن (58148) من الـ 65 ألف مختفٍ قسرياً لدى القوات الحكومية السورية هم مدنيون، وبينهم (3879) طفلاً، و(2145) سيدة. وقال التقرير إن معظم المختفين قسرياً لدى القوات الحكومية السورية هم من ريف دمشق (16744) حالة، ثم درعا (10543) حالة، وأوضح أن العام 2012 كان الأسوأ من حيث ممارسة جريمة الإخفاء القسري من قبل النظام، بعدد وصل إلى (25276) حالة، أي بمعدل أكثر من 68 حالة يومياً.

وبالنسبة لحالات الإخفاء القسري لدى القوات المسلحة الأخرى، بين التقرير أن قوات “الإدارة الذاتية” الكردية، والتي تتبع بشكل رئيس لحزب “الاتحاد الديمقراطي الكردي”، استخدمت استراتيجية الإخفاء القسري لخصومها في الأحزاب السياسية، أو لتخويف الأهالي من رفض القرارات والقوانين التي تفرضها في المناطق التي تسيطر عليها، وبشكل خاص في حالة فرض قوانين التجنيد الإجباري، مبيناً أن حالات الاختفاء القسري لدى قوات “الإدارة الذاتية” الكردية تصل إلى (352) حالة إخفاء قسري، بينهم (43) طفلاً، و(9) نساء.

وذكر التقرير أن “تنظيم داعش” مارس أيضاً سياسية الإخفاء القسري بهدف نشر الذعر وإرهاب الناس في المناطق التي يسيطر عليها، ولاستهداف من يخالفه الرأي أو يعترض على قراراته، وقد وصل عدد حالات الاختفاء القسري على يده إلى ما لا يقل عن (1122) حالة، بينهم (109) أطفال، و(65) امرأة. فيما استهدفت “جبهة النصرة” بعمليات الإخفاء القسري النشطاء الإعلاميين والصحفيين الأجانب الذين قاموا بممارسة نشاطهم ومهنتهم دون الحصول على ترخيص من الجبهة يسمح لهم بالعمل، كما استهدفت العاملين في منظمات أجنبية إغاثية. وهي غالباً ما تقوم بإخفاء أولئك الذين تحتجزهم مدة تتراوح بين شهرين إلى 8 أشهر، ثم تقوم بإطلاق سراحهم. وقد وصلت حالات الاختفاء القسري لدى قوات “جبهة النصرة” إلى (876) حالة، بينهم (35) طفلاً، وسيدتان.

كما مارس عدد من فصائل المعارضة المسلحة السورية الأخرى عمليات إخفاء قسري، وكانت تلك العمليات في معظمها تتم بعد سيطرة تلك الفصائل على مناطق كانت خاضعة للقوات الحكومية، حيث تقوم باعتقال بعض أهالي تلك المناطق المؤيدة للنظام، ثم تستخدمهم كرهائن لديها من أجل القيام بعمليات تبادل أسرى، كما حصلت عدة حالات اختفاء قسري لنشطاء إعلاميين وحقوقيين في المناطق التي تخضع لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة. وقد وصلت حالات الاختفاء القسري على يد فصائل المعارضة المسلحة إلى (211) حالة، بينهم (22) طفلاً، و(11) سيدة.

وأوضح التقرير أن “الاختفاء القسري” يمثل ألماً مستمراً للمختفي -إن ظل حياً- ولعائلته، منذ اللحظة الأولى لمأساة الاختفاء، وتزداد هذه المعاناة بشكل رئيس عندما يكون الشخص المختفي معيلاً للأسرة، أباً وزوجاً، حيث يتضرر أولاده بشكل حاد. وفي ظل حالة التأرجح بين اليقين وعدم اليقين هذه، لا تستطيع في كثير من الأحيان زوجة المختفي قسرياً أن تتزوج، كما لا يستطيع الأهالي اقتسام الميراث لعدم وجود شهادة وفاة، وأغلب الأسر لا تجرؤ على الاتصال مع الجهة الآسرة للسؤال عن مصير أبنائها، حيث حصلت حالات كثيرة جرى فيها اعتقال لأشخاص قاموا بالسؤال عن مصير أبنائهم، ثم اختفوا معهم.

وأضاف التقرير أن هذا الألم يمتد، بالطبع، لضحية الإخفاء القسري ذاته، والذي لا تصل إليه أي معلومات عن عائلته، وما حل بهم، وفي الواقع، فقد أصبح هؤلاء الضحايا، فعلياً، محرومين من أية حقوق، سوى تلك التي يمكن أن يمنّ عليهم بهم سجّانوهم. وحتى أولئك الذين أُفرج عنهم في وقت لاحق، بعد مدة من الاختفاء القسري، عانوا بعد الإفراج عنهم من آثار جسدية ونفسية قاسية امتدت لسنوات.

ودعا كل من الشبكة السورية لحقوق الإنسان، والمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في ختام تقريرهما المشترك، مجلس الأمن، إلى أن يضطلع بدوره بصورة أكثر فاعلية، وأن يتحمل مسؤولياته فيما يتعلق بالمختفين قسرياً في سوريا، وإحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، معتبراً أن جميع القرارات الدولية ستبقى مدعاة لاستهزاء وسخرية النظام السوري وعدم التعامل الجدي معها في ظل عدم وجود ضغط حقيقي، وهو ما ينعكس جدياً على أرض الواقع. كما دعا التقرير الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا سيما الدول ذات الصلة بما يحدث في سوريا، إلى الضغط على الأطراف المختلفة من أجل السماح للجنة التحقيق الدولية المستقلة بالوصول إلى جميع مراكز الاحتجاز من أجل التحقيق في المزاعم الرهيبة حول انتهاكات حقوق الإنسان داخل مراكز الاحتجاز، ومحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم، والكشف عن مصير المفقودين.

للاطلاع على التقرير كاملاً نرجو زيارة الرابط

http://sn4hr.org/arabic/2015/08/30/4721/

أخبار سوريا ميكرو سيريا