100 ألف ميليشياوي من أنحاء العالم يتقاتلون فوق المسرح السوري

400

ورم خبيث يستأصله الشعب بعد سقوط الطاغية

فاطمة حوحو: الرأي

يؤكد المراقبون الدوليون للحرب الدائرة في سورية أن نظام الرئيس بشار الأسد يعتمد على الميليشيات الأجنبية في المعارك التي يخوضها جيشه ضد المعارضة السورية، فيما تقوم إيران بسدّ النقص في أعداد عناصر قوات النظام التي تتناقص يوماً بعد آخر جراء تَزايُد أعداد القتلى أو عمليات الفرار التي تجري في المواقع الساخنة والانسحابات التي تؤشر إلى عدم الرغبة في خوض المعارك.

أكثر من مئة ألف مقاتل أجنبي في الأراضي السورية بينهم نحو 60 ألفاً من تنظيمات متطرفة موالية لإيران من لبنان والعراق وأفغانستان والشيشان، وهناك أكثر من 800 مقاتل روسي أيضاً. ويتردد أن عدد عناصر «داعش» يبلغ نحو 50 ألفاً، من سوريين وشيشان وأوروبيين وآسيويين وعرب وصينيين. أما المقاتلون الأجانب الذين انضموا إلى صفوف وحدات حماية الشعب الكردية، فيناهز عددهم الـ 200 عنصر من جنسيات غربية، وهناك إشارات عدة إلى وجود مقاتلين من غالبية دول العالم ومنها بلدان أوروبية ومن الولايات المتحدة.

يسيطر تنظيم «داعش» بحسب بعض التقديرات على نحو نصف مساحة سورية، ويعتبر مدينة الرقة «عاصمة الخلافة» التي نصّب نفسه عليها. وتشمل الأراضي التي تقع في قبضة التنظيم عليها غالبية محافظتي الرقة ودير الزور في الشمال والشمال الشرقي للبلاد، وبعض المناطق حول مدن حلب وحمص، بما في ذلك مدينة تدمر التاريخية، وكذلك أجزاء من جنوب دمشق، ومنها مخيم اليرموك.

خاض التنظيم معاركه بمواجهة جميع أطراف الحرب الأهلية في سورية، حيث حارب الثوار السوريين، والقوات الموالية لنظام الأسد، والميليشيات الكردية، وحتى الجماعة التابعة لتنظيم «القاعدة» في سورية، «جبهة النصرة»، علماً أن «داعش» هو نتاج انشقاق داخلي في صفوف «النصرة» في سورية حصل العام 2013 بسبب رفض زعيم الجبهة مبايعة قائد تنظيم «الدولة» أبو بكر البغدادي.

سورية هي المكان الذي مُني فيه التنظيم بهزيمته الأشدّ تدميراً، حيث تم استقبال تقدم «داعش» في بلدة كوباني الحدودية بمواجهة عنيفة جداً وشرسة من المقاومة الكردية، ترافقت مع قصف جوي مكثف من قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة، وفي تلك المعركة لوحدها خسر (داعش) نحو ألفي مقاتل. كما أن تحالف الميليشيات الكردية وقوات المعارضة المسلحة السورية كبّد التنظيم سلسلة من الهزائم في شمال سورية، بما في ذلك استعادة أراضي بلدة تل أبيض الحدودية الإستراتيجية، والتي كانت تشكل منفذ التنظيم لدخول المقاتلين الأجانب والإمدادات العسكرية.

أما «جبهة النصرة لأهل الشام» فهي منظمة تنتمي للفكر السلفي الجهادي، وتم تشكيلها أواخر 2011 خلال الحرب السورية وسرعان ما نمت قدراتها لتصبح في غضون أشهر من أبرز قوى المعارضة المسلحة للدولة السورية لخبرة رجالها وتمرسهم على القتال. وتبنت المنظمة هجمات انتحارية عدة في حلب ودمشق. وهي ذراع تنظيم «القاعدة» في سورية، وقد ربطتها تقارير استخبارية أميركية بتنظيم «القاعدة» في العراق. ودعت الجبهة في بيانها الأول الذي أصدرته في 24 يناير 2012 السوريين للجهاد وحمل السلاح في وجه النظام السوري.

جلّ عناصر الجبهة عند تأسيسها كانوا من السوريين الذي قاتلوا سابقاً في ساحات القتال مثل العراق وأفغانستان والشيشان وغيرهم ممن لهم باع طويل في قتال الجيوش. وهي مطعّمة كذلك بمقاتلين عرب وأتراك وأوزبك وشيشانيين وطاجيك وقلة من الأوروبيين. وللانضمام للجبهة على المتقدم أن يستوفي عدداً من الشروط مثل الالتزام بالفروض الدينية والحصول على تزكية من شخص موثوق وإثبات الجدية والانضباط.

صنفت الحكومة الأميركية «جبهة النصرة» على أنها جماعة إرهابية وهو الأمر الذي لقي رفضاً من ممثلي المعارضة السورية وقادة الجيش السوري الحر وأطياف واسعة من الثوار، وفي 30 مايو 2013 قرر مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة بالإجماع إضافة «جبهة النصرة لأهل الشام» إلى قائمة العقوبات للكيانات والأفراد التابعة لتنظيم القاعدة.

قامت الجبهة بعمليات كبرى عدة ضد نظام بشار الأسد أبرزها تفجير واقتحام مبنى قيادة الأركان في العاصمة دمشق في أوائل أكتوبر 2012، وكذلك تفجير مبنى المخابرات الجوية في حرستا، وأيضاً نسف مبنى نادي الضباط في ساحة سعد الله الجابري في حلب، وللجبهة مشاركة قتالية وثيقة مع بقية القوى المسلحة مثل الجيش الحر وكتائب أحرار الشام في العمليات المشتركة مثل معركة حلب (رغم اعتراضها على اقتحام الثوار لحلب المدينة)، والسيطرة على معرة النعمان ومعركة مطار تفتناز والهجوم على ثكنة هنانو والسيطرة على الفوج 46 ومعارك الغوطة ومعركة التوحيد والإخلاص ومعركة تحرير وادي الضيف وغيرها من العمليات.

أما الميليشيات التابعة لإيران التي تعمل هذه الأيام على تأسيس «حزب الله» السوري وتدرّبه وتضع ثقلاً مادياً في دعمه عبر العمل على استقطاب سوريين إليه، فإن الحديث المتصاعد عن دورها في المعارك الأخيرة في الشمال والجنوب والقلمون والزبداني ما هو إلا دليل واضح على أن النظام السوري لا يستعين فقط بهؤلاء لمساعدته في القتال على الأرض بل هو أعطى لهم حرية الحركة، حيث يخوضون المعارك وحدهم أو يقودونها بمشاركة القوات الأسدية، ويتحكمون بالقرارات العسكرية ويتحولون من ميليشيات مأمورة إلى ميليشيات آمرة، تعود لها وحدها القرارات العسكرية بحجج مختلفة وعناوين ذات أبعاد مذهبية.

والمعروف أن هذه الميليشيات الإيرانية الصنع تتواجد في عدد كبير من المناطق السورية لا سيما في العاصمة دمشق. فـ«حزب الله» يتولى السيطرة وينتشر في دمشق القديمة بالقرب من المسجد الأموي وفي مقام السيدة رقية، وعلى المنطقة الممتدة من قلعة دمشق حتى باب شرقي. والوضع ليس أشفى حالاً في ريف دمشق، حيث تتواجد ميليشيات لبنانية وعراقية في «الست زينب»، ومن بينهم كتائب أبو الفضل العباس العراقية التي دخلت مع «حزب الله» إلى المنطقة العام 2012، وتسيطر ليس على منطقة هذا المقام وحسب وإنما تتحكم بطريق دمشق الدولي ومحيطه، حيث سيطرت على بلدات البويضة والذيابية والنشابية ودير سلمان التي تحد الطريق من الجهتين، وهجرت أهلها أواخر 2012 وبداية 2013، بينما تم تحويل مناطق السبينة وحجيرة والدبابية إلى مستوطنة لهذه المجموعات التي استقدم عناصرها أسرهم أيضاً للعيش فيها.

وشارك «حزب الله» و«كتائب أبو الفضل العباس» في معركة المليحة التي استمرت 135 يوماً وأدت إلى تدمير 85 في المئة من المدينة، وفي معارك حي جوبر، وفي حصار الغوطة أثناء مجزرة الكيماوي الذي ارتكبها النظام في أغسطس 2013، وفي معارك الزبداني المستمرة وقبلها في القلمون.

أما ميليشيا «عصائب أهل الحق» العراقية فما زالت تتواجد في محيط دمشق، وكانت شاركت بتأسيس «كتائب أبو الفضل العباس»، وتعرف أيضاً باسم «لواء كفيل زينب» الذي تم تشكيله في يوليو 2013. وقاتلت هذه القوات في معارك طريق المطار الدولي والغوطة الشرقية، كما أن قسماً منها انتقل إلى مناطق حلب والقلمون.

ومن الميليشيات الموالية لإيران أيضاً قوات ما يسمى «أسد الله الغالب» التي أُعلن عنها في ديسمبر 2013، وهي تتواجد في منطقة السيدة زينب، وتتركّز منطقة عملياتها العسكرية في السبينة بقيادة «أبو فاطمة الموسوي». ويتراوح عدد عناصرها بين 300 و500 عنصر، وهي مسلحة تسليحاً جيداً، ولباسها مشابه لملابس قوات التدخل السريع العراقية.

وتبرز أيضاً ميليشيا «الإمام الحسين» التي يتواجد عناصرها من ريف دمشق إلى حلب، وهي كانت ظهرت في منتصف العام 2013 بقيادة أمجد البهادلي، ويزيد عدد عناصرها عن ألف مقاتل من العراقيين، ولها صلة بـ «جيش المهدي» العراقي. وقد نَعَت قائدها العسكري كاظم جواد الملقب بـ«الخال» بعدما تمكّن عناصر «الجيش الحر» من قتله في الاشتباكات التي جرت في منطقة زبدين بداية العام الحالي، وهو عراقي الجنسية، ومسؤول عن جرائم عدة في مخيم الحسينية والذيابية.

وفي الشمال السوري، تشكل كل من بلدتيْ نبل والزهراء في ريف حلب، مناطق رئيسية للميليشيات المدعومة من إيران التي تدعم سكان هذه المناطق الذين انخرطوا في «حزب الله» وكتيبة ما يسمى «قمر بني هاشم». وهذه الميليشيات تتواجد أيضاً في بلدتيْ كفريا والفوعة، شمال إدلب، حيث تحظى باهتمام إيراني مركز. ومن دلائل هذا الاهتمام دخول البلدتين في المفاوضات التي جرت أخيراً بين «أحرار الشام» والإيرانيين حول الزبداني، وكان مصيرها الفشل.

ولا تخلو مناطق وسط سورية من تواجد هذه الميليشيات ،إذ تتمركز في قرى ريف حمص التي يصل عددها إلى 50، وأهمها: «أم العمد»، و«أم جبات»، و«أم جنيينات»، وتشكل هذه القرى مورداً بشرياً مهماً في دعم الميليشيات في القتال، وقد برز دورها بشدة خلال معركة القصير عام 2013. وفي حماه أيضاً، لعبت هذه الميليشيات دوراً كبيراً في معركة «مورك» التي بدأت في فبراير عام 2013، واستمرت تسعة أشهر قبل سيطرة النظام عليها.

أما في الجنوب السوري، فيتواجد عدد لا بأس به من الميليشيات المدعومة من إيران، إذ كانت تتمركز في بصرى الشام، وتتخذ من مناطق في درعا قواعد لها، قبل أن تسيطر قوات المعارضة قبل أشهر على مساحات واسعة من ريف المحافظة، وتطردها وتقتل العشرات من عناصرها. وكان لـ «حزب الله» دور واضح في معارك درعا، إضافة إلى كتائب ميليشياوية أبرزها «لواء فاطميون» الذي يضم في صفوفه مقاتلين أفغاناً. وكانت المعارضة أسرت أحد عناصر هذا اللواء، وبثت تسجيلاً مصوراً لاعترافاته بينما قتل زعيمه الأفغاني علي رضا توسلي في معارك درعا.

أما المنطقة التي تشهد التواجد الأكبر للميليشيات التابعة لإيران، فهي المثلث الرابط بين ريف دمشق وريف درعا وريف القنيطرة بمساحة 7 كيلومترات مربعة، حيث يتواجد «حزب الله» وقوات من «الحرس الثوري» الإيراني، وهي المنطقة التي قُتل فيها العقيد الإيراني عباس عبد الإله في فبراير 2015.

وتشير تقارير عدة إلى أن بروباغندا الحشد الطائفي لاستقدام المقاتلين من العراق ولبنان وإيران وأفغانستان وغيرها نجحت في استقطاب عشرات الآلاف من المقاتلين إلى سورية، بإشراف إيراني، وقد عمل الحرس الثوري على إعدادهم وتدريبهم على يد خبراء عسكريين إيرانيين ولبنانيين من «حزب الله» من قوات النخبة. واعتمدت إيران في ذلك على إغرائهم برواتب عالية وتعويضات لأهاليهم، بعدما استخدمت المساجد والحسينيات والإعلام في تكوين رأي عام داعم للقتال في سورية تحت عنوان الدفاع عن المقامات ومن ثم قتال التكفيريين و«داعش».

واتهمت المعارضة السورية هذه الميليشيات بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات وبأنها شاركت قوات النظام بجرائمه ضد الإنسانية، وطالبت بمحاكمتهم كمتورطين في هذه الجرائم وباعتبارهم إرهابيين على غرار «داعش» و«جبهة النصرة».

ويوضح الناطق باسم الجبهة الجنوبية الرائد المهندس عصام الريس عبر «الراي» أن «الميليشيات التي تقاتل الآن في سورية هي التي استجلبها النظام أو قام بإنشائها لمواجهة الثورة، ولا توجد ميليشيات تقاتل ضد النظام. ومَن يواجه النظام هي فقط فصائل ثورية تتبع لــ(الجيش الحر) أو بعض الفصائل الإسلامية التي تقاتل بهدف إسقاط النظام وليست مأجورة، لأنها تدافع عن فئة كبيرة من السوريين ضدّ إجرام الأسد. أما الميليشيات التي تقاتل مع النظام فهي بشكل رئيسي (حزب الله) اللبناني وميليشيات عراقية مدعومة إيرانياً مثل عصائب أهل الحق وميليشيا أبو الفضل العباس وغيرها، وميليشيات أفغانية مأجورة من إيران أيضاً مثل لواء الفاطميين، وعناصر من ميليشيا الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس بقيادة قاسم سليماني بالإضافة إلى ميليشيا الدفاع الوطني التي جنّدها النظام من شبيحته وتتقاضى رواتب شهرية مقابل القتال».

ويؤكد أن «التنظيمات المتطرفة المتمثلة بــ(داعش) نادراً ما تقاتل ضد النظام وإن حدث هذا يكون بسبب الاقتتال على الموارد الاقتصادية والبترولية مثل حقل شاعر وبعض مناطق دير الزور شرق سورية».

ويذكّر بأن «ميليشيا وحدات الحماية الكردية المتمركزة في مناطق شمال حلب ومحافظة الحسكة وأجزاء من محافظة الرقة (الريف الشمالي) تقاتل لمصلحة (حزب العمال الكردستاني)، بهدف إنشاء دويلة كردية كامتداد لإقليم كردستان العراق ساعية لتحقيق الحلم بالوطن الكردي وهي لا تقاتل النظام، إلا إذا حاول الأخير إدارة مناطق تسيطر عليها، ونادراً ما يحاول النظام التعرض لهذه الميليشيا بسبب مصلحته بقتالها لــ(داعش) وتجنباً لمواجهة الرأي العام بقضية الأكراد، وفي المقابل النظام غالباً ما يتخلى لتنظيم (داعش) الإرهابي عن مواقعه بدون قتال ليثبت روايته للمجتمع الدولي: إما أنا أو الإرهاب، ويتجاهل أي قوى ثورية وطنية تقاتل تحت راية (الجيش الحر)، كما حدث في الرقة ومطار الطبقة وتدمر».

وعن توزع عديد وجغرافيا هذه الميليشيات والمهمات الموكلة إليها يجيب الريس «التموضع الجغرافي بشكل عام؛ (داعش) تسيطر على مناطق واسعة في شمال وشرق البلاد، وعلى مناطق صحراوية في صحراء شرق حمص وريف دمشق القلمون الشرقي، بينما تسيطر وحدات الحماية الكردية على مناطق الحسكة وبعض المناطق شمال الرقة وحلب، فيما يتقاسم النظام والجيش الحر بقية مناطق السيطرة حيث تسيطر الجبهة الجنوبية على أكثر من 65 في المئة من مساحة محافظة درعا وعلى 80 في المئة من محافظة القنيطرة وعلى أجزاء واسعة من ريف دمشق وبعضها مناطق ملاصقة للعاصمة دمشق مثل داريا والقابون والغوطة الغربية».

ويعرب الريس عن اعتقاده بأن «ما تبقى من جيش النظام السوري لم يعد له سلطة، فالسيادة السورية المزعومة بخطابات رئيس النظام لم يتبق منها أي شيء في ظل سيطرة الميليشيات الأجنبية على مفاصل الدولة والنقاط الحساسة والاستراتيجية فيها، وحتى مرافقة وحماية مسؤولين»، مضيفاً: «النظام بمن فيهم بشار أصبح إيرانياً، وبعض الشخصيات المهمة باتت خاضعة لحراسات إيرانية لضمان عدم هروبها من البلاد أو انشقاقها عن النظام المتهالك، فالنظام الإيراني يحاول الإبقاء على نظام الأسد بأقل الأضرار لضمان ورقة الضغط الدولي وضمان مصالحه في المنطقة، والمؤكد أن جيش النظام يتلقى معاملة سيئة من هذه الميليشيات وهو متهَم بالتقصير والخوف. وحتى على المستوى اللوجستي، الضابط أو الجندي في جيش النظام لا يُقدم له الدعم نفسه كغيره من الأجانب مثال وجبة الطعام – السلاح – الذخيرة واللباس، الأمر الذي يولّد امتعاضاً في صفوف السوريين من جيش النظام وشعوراً لديهم بأنهم درجة رابعة أو خامسة بعد الأجانب. ولا يملك رأس النظام أي قرار يجبر هذه الميليشيات على المغادرة أو تغيير المواقع أو الأهداف، والدليل على ذلك هو خطاب الهزيمة الأخير الذي ألقاه الأسد معترفاً بأن السوري ليس من يعيش بسورية أو يحمل جنسيتها في إشارة منه إلى الأجانب الذين يقاتلون في سورية وقام بجلبهم وشرّع لهم التواجد والسيطرة على البلاد».

وعن الدعم المادي لهذه الميليشيات في ظل المراقبة الدولية يقول الريس «باختصار (داعش) يتلقى تمويله من السيطرة على موارد البترول والغاز ومن الضرائب وأموال الزكاة والمخالفات التي يفرضها على المواطنين في مناطق نفوذه.أما ميليشيا الدفاع الوطني و(حزب الله) والميليشيات العراقية والإيرانية فتتلقى أموالها ودعمها من إيران مباشرة. وجيش النظام يعتمد على التذخير من النظام الروسي والتمويل الإيراني».

وعمن يعطي الأوامر ولمَن يعود قرار هذه الميليشيات، يفسر الريس «قرارات النظام مرهونة بقرار طهران، كونه يتلقى دعمه البشري والمالي من النظام الايراني. أما قرارات (داعش) فهي مرتبطة بأجندات دولة البغدادي، الخليفة المزعوم، وبمَن يلقّبون أنفسهم (شرعيي الدولة). فيما قوى المعارضة تتلقى دعماً محدوداً من الدول الصديقة للشعب السوري وهو دعم غير عسكري في غالبيته ويتركّز على الجانب الإغاثي إضافة إلى بعض المساعدات العسكرية القليلة جداً مقارنةً مع الحاجة المطلوبة لوقف آلة الأسد ومنعها من قتل الشعب السوري، خصوصاً الطيران. ولذلك لا تملك الدول الداعمة للمعارضة سلطة القرار كونها ظهرت مقصّرة ومتأخرة عن تلبية متطلبات الشعب السوري بالوقوف ضد الطاغية الذي قتل منهم ما يزيد على 300 ألف من الأبرياء واعتقل أكثر من 250 ألفاً غالبيتهم مجهولو المصير ومنهم من مات تحت التعذيب في فروع الأمن الأسدية. وبالتالي الدول الداعمة لقوى المعارضة السورية تملك سلطة محدودة على الفصائل المقاتلة بينما تملك سلطة كبيرة على المعارضة السياسية».

وحول تأثير عمل هذه الميليشيات على الثورة السورية وعلى الحراك السلمي يجيب الريس «وجود هذه الميليشيات وتحديداً الأجنبية هو المسبب الرئيسي لأي مشروع تقسيم عرقي أو طائفي. ولذلك هناك اعتراضات وانتقاضات حتى في الدائرة الضيّقة للنظام حول وجود هذه الميليشيات. وبالطبع تحوّل الصراع إلى الشكل الطائفي بسبب ترويج الأسد لفكرة الطائفية والإرهاب. وليس هناك أي شك في أن نظام الأسد، بتعامله الإجرامي مع الحراك السلمي، هو المولّد والمسبب الرئيسي للتطرف والإرهاب».

أما كيف تخرق هذه المجموعات حقوق الإنسان من خلال ممارساتها لا سيما في ظل التقارير عن أنها تقوم بأعمال خطف وقتل واعتقال شبيهة بما يفعله النظام وحتى أنها تعتقل نشطاء مدنيين سوريين، فيؤكد الريس أن «كل التنظيمات التي تمارس الخطف والقتل العشوائي واعتقال الناشطين تساهم بشكل أو بآخر في إبعاد الثورة عن هدفها الرئيسي وتقوي منطق الأسد القائم على معادلة: أنا أو الفوضى والإرهاب. وهذه الممارسات تقوم بها عادة التنظيمات التي تتبع لأيديولوجيات وأحزاب ذات فكر متطرف وهي لا ترمي بتواجدها إلى تحقيق أهداف الثورة».

وعن مستقبل هذه الميليشيات في الحياة السورية السياسية في حال تم التوصل إلى حل سياسي للأزمة، يقول الريس «بعد إنهاء المسبب، وهو في حالتنا نظام الأسد الديكتاتوري القمعي، يمكن استئصال الورم الخبيث وإعادة الشعب السوري المهجر ومنحه مجدداً القرار الذي سرق منه لعقود من الزمن. ولا صوت يعلو فوق صوت الشعب، وكما قام الشعب السوري بثورة على طاغية العصر، فلن تقف في وجهه ميليشيات مسلحة، هو الذي صمد في وجه أعتى الآلات العسكرية في المنطقة وأكثر الجيوش إجراماً».

أخبار سوريا ميكرو سيريا