البلعوس على درب الأطرش وجنبلاط


البلعوس انضم إلى نجوم بني معروف، سلطان باشا الأطرش وكمال جنبلاط، في خدمة الحق والكرامة، واستشهاده يعلن هزيمة النظام بانتفاضة السويداء نصرة للثورة وإسقاط الأسد

أحمد عدنان

في انفجار غادر، استشهد الشيخ وحيد البلعوس ورفاقه في السويداء جنوب سوريا، وليس غريبا اتهام بشار الأسد وحلفاؤه وشبيحته باغتيال الشيخ الثائر، كما استهدفوا سلفا أحرار لبنان وسوريا، خصوصا أن البلعوس قد تعرض لاستهداف سابق وفاشل من فرقة ماهر الأسد.

في السويداء، تزعم الشيخ البلعوس حركة مشايخ الكرامة التي ضمت كوكبة من مشايخ الطائفة الدرزية الكريمة ومن أعيان المنطقة لتصدح بمعارضتها ورفضها لطغيان بشار الأسد وحزب الله وداعش والقاعدة، كان بإمكان الشيخ الفارس أن يركن للدعة، لكنه أراد أن يعبر عن امتداد أصيل لبني معروف، فامتشق صهوة الحق ورفع راية العروبة، وقال لا لبشار الأسد ومن خلفه إيران، كما قال لا للإرهاب السلفي، كان بإمكانه أن يركن إلى إغواءات إيران وإغراءاتها بوطن درزي أو أقلوي، لكنه كرر ما أعلنه سلطان باشا الأطرش، ثم كمال جنبلاط ووليد جنبلاط، في وجه الاستعمار ثم إسرائيل والآن إيران: ليس كل عربي درزي لكن كل درزي عربي، بل إن الموحدين الدروز عرب قبل أن يكونوا دروزا.

حالة وحيد البلعوس في السويداء شكلت مصدر إزعاج جدي لبشار الأسد وشبيحته وحلفه، فالرجل لعب دورا محوريا في مقاطعة أبناء السويداء للتجنيد في جيش الأسد، كما قام بدور مؤثر في التواصل والتوسط بين فصائل المعارضة السورية من جهة، وأهل السويداء من جهة أخرى، وقد استشهد البلعوس وهو يسير باتجاه المصالحة التاريخية بين درعا والسويداء لتوحيد الجهود والصفوف ضد إيران وبشار وداعش، وهذه المصالحة، لو تمت، فإنها ستشكل تحصينا نهائيا للجنوب السوري أمام تهديدات الشبيحة والإرهابيين والحرس الثوري، كما أنها ستؤسس مناعة وطنية ضد الطائفية والعنصرية والتطرف لصالح المواطنة، وكلنا ثقة وأمل بأن لا ينسى أنصار البلعوس حلم زعيمهم وقائدهم.

إن العقلية الفذة التي خسرتها سوريا برحيل البلعوس تعبر عنها بوضوح مقولته “نحن لسنا مؤيدين ولسنا معارضين، إنما نحن وطنيون نغار على وطننا وطائفتنا”، ويضيف الشيخ الجليل “الدروز معروفون بموقفهم الوطني، نحن حريصون على وحدة سوريا ونرفض التقسيم والتعدي على كرامة الناس من كل الطوائف، سنحارب الفساد وندافع على الأرض والعرض ضد كل المعتدين”، ثم يتحدث عن بشار الأسد “النظام لا يقيم أي اعتبار لنا، وفوق ذلك غدر بنا وأطلق علينا النار من الظهر، بشار يصفنا بالإرهابيين بينما يصف رجاله الفاسدين بالوطنيين، وكرامة الجبل أهم من بشار الأسد نفسه”. ويشرح حال منطقته الغاضبة “أقام النظام حواجز في مناطقنا بحجة حماية المواطنين، لكن تلك الحواجز أهانت النساء وأطلقت النار على العزّل وسرقت المحروقات والأغذية، والرئيس الذي يعجز عن حماية المواطنين يجب أن يرحل، والرئيس الذي يريد بيع وطنه يجب أن يرحل، لا نريد إسرائيل ولا نريد وطنا درزيا ولا نريد رئيسا يختلق المعارك المزيّفة ويمتهن تهريب الدخان والمخدرات ويقوّي داعش بشراء المازوت منها بمئات الملايين، هو له إيران، أما نحن فسوريا أمّنا وسنعيش فوق أرضها بكرامة أو ندفن تحت أرضنا بكرامة، ومستعدون للذهاب إلى دمشق لإسقاط بشار الأسد، مع السلامة ما بدنا ياه”.

أبو فهد، الشيخ وحيد البلعوس، امتهن الزراعة والبناء رغم مكانته الدينية من أجل الرزق الحلال، أخطاؤه، كما يقول، أوصلته إلى الله فقد تعلم منها أن لا شيء ينفع إلا التقرب إلى الله. ويصف الثورة السورية بالطبيعية نتيجة عقود عانى فيها المواطنون بسبب الفساد وتسلط الأجهزة الأمنية وإذلالها للناس، وحين رفض النظام مطالبة الناس بالإصلاح والتجديد والتغيير كان لا بد من الثورة، وللأسف هناك من عمل على أن تكون سوريا مكسّر عصا للدول الكبرى ولتصفية الحسابات المذهبية التي يقدر عمرها بأكثر من ألف سنة، وفوق ذلك كله نُسيت فلسطين وضاعت مطالب السوريين المحقة في دهاليز الملفات الدولية، وحتى لا يساهم في إضاعة الحق أكد، مرارا، على رفضه لاستهداف مؤسسات الدولة التي هي ملك للشعب، كما أكد دائما رفضه لكل أشكال التطرف والإرهاب، وعن علاقة الدروز بغيرهم يقول “نحن نحرّم التعدي منا ونحرّم التعدي علينا، وقد عاش المسلمون الدروز مع غيرهم من الأديان والمذاهب لمئات السنين بلا تفرقة، وتقاسمنا الحياة والمخاطر والأرض، وانضوينا جميعا مع بقية الطوائف تحت راية زعيم الثورة العربية سلطان باشا الأطرش الذي رفع شعار “الدين لله والوطن للجميع″، ونبّه البلعوس إلى أنه لم يتعاط مع أحد في الخارج وأن سنده الوحيد هو الله ثم الشعب، والدليل الناصع على ذلك معركة الكرامة (داما) التي أذل من خلالها نظام الأسد على حد وصفه.

انضم وحيد البلعوس إلى نجوم بني معروف، سلطان باشا الأطرش وكمال جنبلاط، في خدمة الحق والمعالي والكرامة، ولعل استشهاده يعلن هزيمة فادحة للنظام بانتفاضة السويداء نصرة للثورة وإسقاط الأسد فتنبلج سوريا التي حلمنا بها جميعا كوطن مستقر ومزدهر وعادل وحر، وإن غاب بلعوس فالسويداء والدروز في جعبتهم ألف بلعوس، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، إنا لله وإنا إليه راجعون.

المصدر: العرب اللندنية