فايننشال تايمز: قاتل الطفل إيلان والمسؤول عن غرقه هو بشار الأسد

قالت صحيفة الفايننشال تايمز إنه على الرغم من أن تركيز العالم مازال منصبا على تنظيم الدولة، إلا أن نظام الأسد هو الأكثر فتكا بالسوريين.

وأشارت الصحيفة إلى أن البحث عن الشرير بدأ مباشرة بعد الصور المروعة لجسد الطفل الصغير أيلان كردي، الذي ألقت به الأمواج على شاطئ تركيا وقد فاضت روحه، وثارت مشاعر الناس حول العالم وتنادوا لمساعدة اللاجئين السوريين والضغط على الحكومات حتى تفعل شيئا.

ولفتت إلى أن مراقبين رأوا أن الشرير هو الأب الذي خاطر بحياة أطفاله؛ إذ دفع بهم نحو البحر في قارب مطاطي وآخرون قالوا إنه هو ذلك المهرب المتلاعب بحياة الناس، الذي خدعهم بعد أن وعدهم بأن تكون رحلتهم على متن قارب آلي أكثر أمنا.

فيما ندد سوريون آخرون بالحكومة الكندية التي رفضت طلب اللجوء الذي تقدمت به عائلة كردي إليها.

وقالت الصحيفة إن قائمة الجناة السياسيين تضمنت الاتحاد الأوروبي وكذلك الأمريكان، وهم في العادة هدف مريح إذ يحملون المسؤولية عن كل كارثة تقع في أي مكان في العالم. كما تضم عرب الخليج الذين لم يستوعبوا سوى النزر اليسير من إخوانهم، رغم أن بلدانهم هي الأقدر ماليا على تحمل أعباء ذلك بحسب الصحيفة.

وأضافت إن من يبحثون عمن يلومونه كان ينبغي عليهم أن يوجهوا أصابع الاتهام إلى نظام بشار الأسد في سوريا، ذلك النظام الذي أحال انتفاضة شعبية سلمية انطلقت ضده في عام 2011 إلى حرب أهلية وحشية، يتعرض خلالها السكان المدنيون بشكل منتظم إلى القصف بالبراميل المتفجرة كما يتعرضون للقصف بالأسلحة الكيماوية.

وأشارت إلى أن من بين ما يقرب من ربع مليون قضوا نحبهم في هذه الحرب، لربما تجاوز عدد القتلى من الأطفال عشرة آلاف طفل، لم ير معظم الناس حول العالم أجسادهم التي تصلبت أو تفحمت. وحدث ولا حرج عن أعداد أكبر بكثير من الأطفال الذين أصيبوا بجراح أو بإعاقات.

أضافت "بعد عام واحد من الانتفاضة وصل عدد اللاجئين إلى ما يقرب من مائة ألف إنسان، ما لبث عددهم بعد أربعة أعوام أن تجاوز الأربعة ملايين لاجئ، أما الذين نزحوا داخل سوريا نفسها فقد تجاوز عددهم عدة ملايين".

ويعيش معظم اللاجئين في مخيمات أقيمت في البلدان المجاورة لسوريا في الأردن، وفي تركيا، وفي لبنان. لم يغادر هؤلاء بيوتهم وقد بيتوا النية بالهجرة إلى أوروبا.

وأشارت إلى أن كل ما كانوا يأملون فيه هو أن تضع الحرب أوزارها سريعا، حتى يتمكنوا من العودة إلى قراهم ومدنهم. ولكن، بعد أن استفحل الأمر ومضت أربع سنين على محنتهم، لا يمكن لومهم إن راحوا يبحثون عن بديل أفضل يخلصهم من حياة البؤس والشقاء في مخيمات اللجوء، ويضمن مستقبلا أكثر أمنا لأطفالهم.

وأضافت أن الجدل الذي دار بشأن موت الطفل أيلان لم يوجه اللوم بما فيه الكفاية إلى الشريرين الفعليين، الذين يتحملون المسؤولية عن أضخم أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية.

ولفتت الصحيفة إلى  أن تنظيم الدولة يتحمل نصيبا كبيرا من المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في سوريا، فلقد تسببت الفظائع التي يرتكبها في توليد موجات إضافية من اللاجئين، بما في ذلك أولئك الذين هجروا من كوباني، البلدة التي تنحدر منها عائلة الطفل أيلان.

إلا أنه في الوقت الذي يتركز اهتمام العالم على داعش، يستمر نظام الأسد والمليشيات المتحالفة معه في قتل أعداد أكبر بكثير من السوريين، مقارنة بمن يُقتلون على يد الجهاديين. فبحسب ما صدر عن المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض للنظام، الذي يتخذ من المملكة المتحدة مقرا له، قتل في شهر أغسطس من المدنيين 1205 أشخاص، عدد الذين قضوا نحبهم في هجمات شنتها قوات النظام بما في ذلك خلال الغارات الجوية والقصف المدفعي ونيران القناصة 968 شخصا، بينما بلغ عدد الذين أعدمتهم داعش أو قتلوا في أثناء تبادل إطلاق النار بين فئات الثوار المختلفة 194 شخصا (هذا بالإضافة إلى 43 شخصا أخرين، قتلوا بسبب الغارات الجوية التي ينفذها التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية).

وكما يقول كينيث روث، المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس واتش، فإن المدنيين في معظم الحروب يغادرون خطوط المواجهة؛ بحثا عن نزر يسير من الأمن والأمان، إلا أن البراميل المتفجرة التي يستخدمها النظام في الحالة السورية لم تبق لأحد جيبا آمنا يلوذ به من خطر الموت الداهم.

وأوضحت أن هذا هو "الواقع البشع" الذي أدى، ولو جزئيا، دورا في إقناع السوريين بالفرار، كما قال السيد روث في تصريح نشر له هذا الأسبوع في صحيفة نيويورك تايمز. وإذا ما أريد إنقاذ السوريين فعلا ووقف تدفق السيل العرمرم من اللاجئين الذين يطرقون أبواب أوروبا ليلا ونهارا، فلابد من وضع حد للبراميل المتفجرة التي يقصف بها نظام الأسد المدنيين في مختلف المدن والقرى السورية.