‘مبادرة للسلام في سوريا : الكيماوي مقابل البراميل’
18 أيلول (سبتمبر - شتنبر)، 2015
السيد دي ميستورا، نؤكد لكم أن من شأن صدور قرار أممي يستجيب لهذه المبادرة أن يشكل انعطافا مهما في الأزمة السورية.
فأولا، إن السلاح الكمياوي لا يدمر الأبنية السكنية والمرافق العامة، والأحياء والبلدات، ولا يعيد مدنا بكاملها إلى عصر ما قبل الزجاج، وهو بذلك اقتصادي ومستقبلي، يقلل من أكلاف إعادة البناء، ويرتب أعباء أقل على الأجيال القادمة التي لا شك لدينا أنها تشغل موقعا متقدما من اهتمامكم الشخصي واهتمام الهيئات الأممية التي تمثلون. ثم أن من شأن بقاء البيوت سليمة أن يحد من لجوء من يبقون على قيد الحياة إلى أوربا والبلدان المجاورة.
ثانيا، إن السلاح الكمياوي يقتل دون آلام رهيبة يعانيها المصابون، ودون مناظر رهيبة، فلا رؤس مبتورة ولا أذرع مقطوعة ولا بطون مفتوحة ولا أرجل مرمية بعيدا عن أجساد أصحابها ولا أشلاء مختلطة بالدم والتراب، ولا دماء تغطي الأجساد المحطمة وتلوث الجدران والأرض. وهذا يصون كرامة الجسد الإنساني الذي هو مكون جوهري للكرامة الإنسانية. ثم إن في ذلك ما يحمي المشاعر الحساسة للرأي العام العالمي الذي أرهقته وقضت مضجعه صور الموت الفظيع القادمة من بلد السوريين.
ثالثا، إذا أعطي السيد بشار تفويضا كافيا، وليكن مثلا حتى 21 آب 2016، فربما تحقق قواته تقدما على حساب المتمردين وتنهي الأزمة، وتعيد الاستقرار العزيز إلى هذه المنطقة الاستراتيجية المهمة من العالم. صحيح أن ذلك ربما يتسبب بمقتل مئات ألوف السوريين، لكنهم ميتون في كل حال، إن لم يكن البراميل فاختناقا في شاحنات مغلقة أو غرقا في البحر. ثم أن الاستقرار يستحق الضحايا والتضحيات مثلما سبق للسيدة مادلين أولبرايت قبل 17 عاما أن رأت أن حصار نظام صدام يستحق موت نصف مليون طفل عراقي. نحن، في مبادرتنا هنا، نستند بقوة إلى هذه السابقة الناجحة، المرتبطة بدورها بسابقة «النفط مقابل الغذاء» التي أقرها مجلس الأمن قبل نحو عقدين.
رابعا، تعبيرا عن الحس الإنساني، لا شك أنكم، ومجلس الأمن، تتفهمون أن يحاول السوريون المضروبون بالسارين أن ينقذوا أكثر ما يمكن من المصابين. ونطمئنكم أن كلفة ذلك متواضعة، وأن التدرب على الإسعاف ومعالجة المصابين سهل نسبيا، وأنه يمكن بتسهيلات محدودة إقامة ورش تصنع كمامات واقية معقولة. ندعوكم لذلك إلى تضمين مشروع قرار مجلس الأمن تسهيل وصول الأتروبين والأدرينالين وبعض المواد اللازمة لصنع الكمامات إلى المناطق المقصوفة. ولعل مما يمكن أن يشجع المجلس على ذلك أن العمليات الجراحية التي تتسبب بها البراميل والقنابل الفراغية تحتاج إلى أدوية ومعدات كثيرة، وإلى كهرباء وأطباء جراحين، وأن كل عملية تستغرق ساعات، وقد لا تكلل بالنجاح، وأن الجرحى ينتظرون كثيرا، ويكثر أن يموتوا وهم ينتظرون دورهم في التدخل الجراحي.
لذلك ندعو إلى أن يلح القرار على هذا البند الفرعي، وأن يعطيه اسمه خاصا للبرهان على أهميته: الأتروبين مقابل السارين!
صدقاً، السيد المبعوث، إن البراميل سلاح تدمير أكثر شمولا من السارين، وإننا نطلب السارين مقابل البراميل كي نرى دمارا أقل في بلدنا. وهذا هو دافعنا أصلا وراء هذه المبادرة.
السيد دي ميستورا المحترم
نقترح عليكم، كجزء لا يتجزأ من المبادرة، ومن باب العدالة والتوازن، أن يتضمن قرار مجلس الأمن إيفاد خبراء من الشركات الألمانية المختصة من أجل تحسين فاعلية السارين المستخدم، وأن تجري الاستفادة من العلاقات الأميركية الإيرانية المتحسنة لتطوير مستوى المنصات والصواريخ المستخدمة من حيث الإصابة والفاعلية، ويمكن للبلدين الاتفاق على تخصيص قسم من الأموال الإيرانية المفرج عنها لهذا الغرض، بما يمثل خطوة إضافية نحو تحمل طهران مسؤولياتها الدولية، وتقدما في انخراطها في مجتمع الأمم المسؤولة.
نقترح أيضا أن تكون كل من الولايات المتحدة وروسيا وإيران وإسرائيل كفلاء لهذه المبادرة، لكون الأولى أبرز أصدقاء الشعب السوري وأقواهم، ولما هو معلوم من أن روسيا وإيران وسيطين نزيهين في أية محادثات تخص الأزمة السورية. ومن شأن مشاركة إسرائيل في كفالة تنفيذ المبادرة أن تعزز بقوة فرص نجاحها وتطابقها مع الشرعية الدولية. وليس هناك في سورية وفي العالم من يجهل دور الدول الأربعة في رعاية السلم والاستقرار الدوليين.
ونرى أن تنص المبادرة على أنه إذا لم يلتزم السيد بشار الأسد باستخدام السارين بدل البراميل فإن مجلس الأمن سيجد نفسه ملزما في أن يفكر في إصدار قرار، تحت الفصل السابع من نظامه، ضد أية محاولة من طرف السيد بشار الأسد لتعديل الدستور الحالي بغرض أن يعاد انتخابه عام 2028.
والمأمول أن يعبر المجلس عن عزم قوي على حظر البراميل المتفجرة، وربما يستحدث في قرار منفصل وكالة دولية خاصة لهذا الشأن، نقترح تسميتها الوكالة الدولية للبراميل، ونقترح أن يكون مقرها طهران.
السيد دي ميستورا المحترم
نحن على يقين بأنه لن يفوتكم المغزى العميق لهذه المبادرة، وبالتحديد أنها مبادرة من سوريين أساساً، بما يتوافق مع تطلعات الأمم المتحدة في أن يكون للشعوب كلمة في شؤون بلدانها، وفي أن تقرر شكل الموت المفضل لديها، وهذا يتوافق على أكمل وجه مع مبادئ الشرعية الدولية والقيم التي تعتنقها الإنسانية المتحضرة.
وتقبلوا منا فائق الاحترام، السيد المبعوث الدولي.
سوريون وأصدقاؤهم من أجل السلام