ماذا سيفعل بوتين بالضوء الأخضرالغربي في سوريا؟
3 أكتوبر، 2015
جدل كبير وشديد التعقيد يجتاح الأوساط الدبلوماسية في مختلف العواصم الدولية لشرح وتفسير وتأويل أي تصريح يصدره مسئول بشأن الأزمة السورية والدور الروسي المنتظر في مواجهتها، فهل واقع اللحظة السياسي معقد بالفعل، كما يريد أن يقنعنا البعض؟
”الحملة العسكرية الروسية في سوريا ستؤدي إلى كارثة مؤكدة”، تصريح قوي للرئيس الأمريكي باراك أوباما، سبقه بيان قوي، أيضا، أصدرته القوى المشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في سوريا، وطالبوا فيه موسكو بوقف ضرباتها الجوية ضد المعارضة السورية، عموما، والتركيز على تنظيم “الدولة الإسلامية”.
مواقف قوية، دفعت بالبعض للحديث مخاطر مواجهة روسية ـ غربية في سوريا، بل وذهب البعض الآخر للقول باحتمال اشتعال حرب عالمية ثالثة، دون أن ينتبهوا إلى أن محادثات بوتين في نيويورك وباريس، وقبلها محادثاته مع نتناياهو في موسكو، كانت، عمليا، للتنسيق والاتفاق على مسار حملته العسكرية، ويبدو، بالتالي، أنه حصل على الضوء الأخضر من الجميع لمواجهة تلك الأزمة في إطار تحالف آخر يقدم فيه السلاح والغطاء الجوي، وتقدم فيه إيران والنظام السوري وحزب الله والميليشيات الشيعية العراقية المقاتلين على الأرض، وهو العنصر الرئيسي الذي كان ناقصا في إستراتيجية التحالف الغربي ضد تنظيم “داعش”، وأدى لفشله.
موسكو لم تخف، في أي لحظة، أهدافها في سوريا، وعلى رأسها دعم نظام بشار الأسد، وأنها تصنف تنظيم داعش وجبهة النصرة وتنظيمات أخرى كإرهابيين ينبغي القضاء عليهم، بل وذهب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف للإجابة عن سؤال حول تعريفه للإرهابي بأنه “من يشابه الإرهابي ويتصرف مثل الإرهابي ويسير مثل الإرهابي ويقاتل مثل الإرهابي”.
كل هذا يعني أن واشنطن والعواصم الغربية، وحتى عواصم إقليمية مثل الرياض وأنقرة، سلمت بهذا التوجه، بصورة أو بأخرى، ولو لفترة من الزمن.
وإذا أضفنا إلى خريطة التحالف الذي يقوده بوتين الصين مع وصول حاملة طائراتها “ليونينج” إلى ميناء طرطوس في الخامس والعشرين من سبتمبر / أيلول، والحديث عن مشاركة محتملة طائرات مقاتلة صينية من طراز “جى 15” في الغارات التي يشنها الطيران الروسي، نرى على الأراضي السورية خريطة موازية للتوازنات الدولية والقوى المتنافسة، بين قوى صاعدة في الشرق، وأخرى في الغرب، مقيدة ومرتبكة بسبب أزماتها الاقتصادية والسياسية.
بوتين لم يخف، أبدا، عدائه الشديد لثورات الربيع العربي، ولمفهوم الثورة عموما، وهو يؤمن بالاستقرار أولا وأخيرا، وإن كان ثمنه نظاما استبداديا دمويا، ولكن السؤال يتعلق، أولا، بالشعب السوري الذي يجتازه شرخ عميق بعد أربع سنوات من المذابح المتبادلة، وأي نظام يستطيع أن يقوم بمصالحة وطنية حقيقية تكفل الاستقرار المنشود؟
تبقى صورة الرئيس الشيشاني رمضان قديروف الذي يطلب من بوتين السماح لجنوده الشيشانين بالقتال في سوريا ضد تنظيم داعش، وقديروف بالنسبة للرئيس الروسي هو تجربته الناجحة التي أخمدت التمرد الشيشاني بالدماء وبالنار، فهل سيبحث بوتين عن قديروف سوري؟
مونت كارلو