طبيب يجري عملية تثبيت عظام وترميم أنسجة لرضيع في مشفى في ريف حلب


19

محمد إقبال بلوـ «القدس العربي»:

أصيب الطفل أحمد العكرمة في مدينة مارع إثر انفجار سيارة مفخخة في أحد أحياء المدينة في أواخر آب/أغسطس الماضي، ووصل إلى مستشفى «الحرية» الميداني في المدينة، وهو في حالة خطيرة بعد أن مزق جسده العديد من الشظايا، حيث كانت أسوأ الإصابات في ساقيه بعد أن تكسرت العظام وتهتكت الأنسجة واعتقد الأطباء للوهلة الأولى أنه لا يمكن لهذا الطفل النجاة، وإن نجا فلا بد من بتر ساقيه، إلا أن العناية الإلهية، بالإضافة إلى جهود الأطباء والكوادر الطبية العاملة هناك أنقذت الطفل، بل فوجئ الجميع بتماثله للشفاء وعودة أطرافه السفلية شبه المبتورة للحياة من جديد.
الطبيب حسان قوج متخصص في الجراحة العظمية، والذي أجرى العملية الجراحية للطفل قال لـــ «القدس العربي»: «وصلنا الطفل إلى المستشفى بعد إصابته مباشرة وبعد استشهاد والديه وإخوته كلهم، كان في حالة سيئة جدا إذ تعرض لنزف شديد، كما أصيب بحالة تهتك بعظام الركبة اليمنى وكسر متفتت بالفخذ الأيمن أيضا، بالإضافة إلى تهتك شديد بالأنسجة والعضلات والعظام في ساقه اليسرى بطول أربعة سنتيمترات». ويضيف الطبيب: «بعد مشاهدة حالته كانت آراء الكادر الطبي كلها تقول ببتر ساقيه وإن لا حل سوى ذلك، ووصل البعض إلى أنه من الضروري بتر الساق اليسرى فورا على الأقل، إذ غالبا لا ينجو أطفال في هذه السن في هكذا إصابات معظمها تكون قاتلة، وعلى الرغم من أننا أجرينا عمليات سابقة من هذا النوع، إلا أن عملية كهذه في ظرف كهذا توقعنا كلنا أن نفقد الطفل خلالها، لكننا بعد نقاش سريع اتخذنا القرار بإجراء العملية».
يشرح الطبيب لـ «القدس العربي» باختصار عن العملية وإجرائها: «أجرينا التخدير على جهاز تخدير مخصص للبالغين وليس للأطفال، كما أنه لم يتوفر حينها طبيب تخدير، وعندما احتجنا دما للطفل قام أحد ممرضي المستشفى بالتبرع بدمه لإنقاذ الطفل، فيما نقوم بإجراء العملية، التي تمت بنجاح ومن ثم انعشنا الطفل بشكل جيد، وسهر الكادر الطبي للمشفى بالكامل حتى الصباح، لمراقبة الطفل وتطور حالته، الكل كان يبكي وتنهمر دموعه خوفا على الطفل، وتأثرا بحالته وبوفاة أسرته. صباحا أرسلنا الطفل إلى أحد المستشفيات التركية لمتابعة رعايته هناك على الرغم من أنه لم يخضع هناك لأية عمليات جراحية فقط خضع للرعاية والمراقبة».
بعد أن عرف الكادر الطبي المشرف والطبيب الجراح بنجاة الطفل يوم الجمعة الماضي، أكدوا لنا أنه من أسعد أيام حياتهم، بل من اللحظات المميزة التي شعروا فيها بأنهم أنجزوا شيئا هاما وأنقذوا حياة طفل «لم يبق له سوى الله». أصر الطبيب الجراح حسان قوج في حوارنا معه أن ينسب نجاح هذه العملية للكادر المساعد له إثناءها وود ذكرهم بالإسم، حيث وجه شكره العميق لفني التخدير أبو يحيى وفني العمليات أبو ماريا، وأردف باللهجة المحلية: «ما فرحت لما إجوني بناتي التلاتة قد ما فرحت بخبر إنو الطفل عايش، نحن كلنا فقدنا الأمل، لأنو ضاعت أخباره بعد ما اشتغلنا العملية وبعتناه على تركيا». ختم الطبيب لقاءنا معه بقوله: «نجحنا بعد أن قطعنا رجاءنا بالناس لنصله بالله عز وجل، للأسف غادر معظم الأطباء الذين ادعوا مساندتهم للثورة، وقرروا اللحاق بمصالحهم الشخصية، بل سافر كثيرون منهم إلى دول اللجوء، بالنسبة لي قررت البقاء هنا ليس نصرة للثورة، فحسب قناعتي الثورة السورية انتهت منذ ثلاث سنوات، لكنني اليوم باقٍ هنا لأنني في جهاد قررت ألا أتركه مهما ضاقت الأحوال واشتدت».