الاتحاد برس تكشف عن أهم دوافع النظام لترويج المصالحات في درعا


226-660x330ميكروسيريا | عبد الوهاب عاصي

لم تستطع معركة عاصفة الجنوب التي أطلقتها الفصائل المقاتلة في محافظة درعا؛ من أجل السيطرة على ما تبقى من أحياء مدينة درعا الواقعة تحت نفوذ النظام السوري وهي (درعا المحطة، القسم الأكبر من حي المنشية باستثناء طريق السد ومخيم درعا الواقعين تحت سلطة المعارضة)، لم تستطع هذه المعركة استكمال عملياتها التي بدأتها وحققت خلالها تقدماً استراتيجياً باتجاه الشمال والشمال الشرقي من المدينة.

ومن المحتمل أن ترجع أسباب توقف العملية العسكرية في الجبهة الجنوبية إلى التجاذبات والخلافات بين الفصائل والأطراف الداعمة لها، وكذلك عدم مشاركة جميع الفصائل العاملة في المنطقة في تلك المعركة وامتناعهم وعلى رأسهم “حركة المثنى الإسلامية”، ما أثار العديد من المخاوف تجاه الفصيل الذي اعتبر في أحد بياناته مؤخراً أن البيعات التي يحصل عليها تنظيم داعش في مناطقه شرعية.

ويضاف إلى ذلك ما شهدته فصائل الجبهة الجنوبية وجبهة النصرة من تصعيد عسكري بينهما، بعد الاتهامات التي وجهتها الأخيرة لفصائل الجبهة الجنوبية، بتلقي الأوامر من جهاز المخابرات الأردنية.

هذه العوامل يرجح أن تكون أدت إلى حالة الركود العسكري الذي شهدته المحافظة، والتي حصل خلالها تزايد عمليات الاغتيال والتصفية التي استهدفت العديد من القيادات العسكرية والقضائية الشرعية بالجبهة الجنوبية أبرزهم قائد “لواء فجر الحرية” ياسر الخلف، ونائب رئيس “دار العدل” الشيخ بشار كامل، والناشط الإعلامي أحمد المسالمة عضو مؤسسة نبأ الإعلامية، وكذلك محاولة اغتيال نائب قائد “جبهة أنصار الإسلام” أبو بلال الجولاني.

وانتشرت ضمن هذه الفترة العديد من المظاهرات نظمها نشطاء أبرزها التي حملت شعار “اليوم أنا وبكرى أنت” في حي درعا البلد بمدينة درعا، الذين طالبوا بوضع حدٍّ للفراغ والفلتان الأمني الذي تشهده المدينة بسبب ما وصفوه “تخاذل الفصائل المقاتلة”.

ويرى مراقبون أن المعطيات السابقة جميعها تشير إلى بوادر تفكك “الجبهة الجنوبية”، وما الفراغ الأمني سوى كنتيجة لذلك.

وفي هذا التوقيت استطاع النظام السوري نهاية الشهر الماضي استمالة ما يقارب 700 شخصاً، ادعى أنهم سلموا أنفسهم لفرع حزب البعث في درعا المحطة. ما اعتبره ناشطون على أنها إحدى أساليب النظام في شق الصف، والتي يعتمد فيها على “الرماديين”، في حين يرى طرف آخر أن المصالحات نتيجة لعدم استطاعة مؤسسات المعارضة وتشكيلاتها العسكرية في درعا ردم الهوة بينهما. ومن جانبه اعتبر الناشط الإعلامي “عامر الحوراني” في حديث مع شبكة “ميكروسيريا” أن الرقم الذي يحاول النظام ترويجه وهمي وليس فيه من الصحة شيء، لافتاً إلى أن من قام بتسليم نفسه هم “بعض الوجهاء فقط وعدد من المسلحين لا يفوقون العشرات”.

ولدى سؤاله عن أسباب تسليم بعض المقاتلين أنفسهم أجاب بقوله “إن ما أظهره أحد مقاطع الفيديو الذي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً قد يعطي بعض التصور عن الدواعي التي دفعت هؤلاء الأشخاص إلى القيام بذلك، حيث تظهر أمّ أحد شبان مدينة الحراك الذي قُتل على يد قوات النظام وهي ذاهبة لتسوية وضعها، بالإضافة إلى مدير المستشفى الميداني في الحراك، بعد أن قام فصيل عسكري بإيقاف الحافلة التي كانوا يستقلونها وتصويرهم”. وعليه يشير إلى أن حالة الإحباط التي عمت أوساط الحاضنة الشعبية في مناطق المعارضة على خلفية توقف المعارك خلال الفترة الماضية، وكذلك الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعاني منه الأهالي، كلها أسباب ربما ساهمت في دفع أولئك الشباب لـ “التسوية”. واستدرك حديثه بوصفهم “هؤلاء ضعاف النفوس”.

ومع عودة تأكيده بأن العدد المروج له غير صحيح على الإطلاق، يسخر الحوراني من طرح النظام الذي يحاول فيه “أن استغباء المعارضين ومؤيديه على حد سواء”، يقول “يحاول النظام استغلال التوقيت الزمني الحاصل الذي تمر فيه معركة عاصفة الجنوب بالركود، وبعد عدم استطاعته التقدم واسترجاع أي منطقة محررة، يحاول استغلال الوضع وترويج قضية المصالحات في درعا والمبالغة في الأعداد لحد خيالي، حتى يوصل لحاضنته الشعبية أن الثوار لم يعد يريدون الاستمرار على ما هم عليه وكأنه يصور لهم أن شرعيته السياسية هي التي ستبقى والجميع يلتف حولها بما في ذلك حواضن الثوار!”
الحوراني يشير إلى أن الوضع الأمني في درعا حالياً متوتر؛ خصوصاً بسبب توجيه نداءات داخل المدينة تطالب باعتقال وتوقيف كل من يروج للمصالحة، بالإضافة لتقديمه إلى دار العدل للتحقيق معه والحكم عليه.

تجدر الإشارة إلى أن عدد السكان في مدينة درعا بمناطق سيطرة المعارضة يبلغ 30 ألف نسمة وضعفه في مناطق النظام، وتفصل بين الطرفين حواجز (الشرع شرقاً – الضاحية غرباً – المخيم في قلب المدينة). أما في الريف يسيطر مقاتلو المعارضة على الحدود الإدارية كاملة مع المحافظات المجاورة (السويداء القنيطرة الجولان ومعبرين حدوديين مع الأردن)، حيث تصل المساحة المسيطر عليها من قبل المعارضة في الريف إلى ضعفي مساحة سيطرة النظام الذي لم يبق له سوى مدينة الصنمين، وإزرع، وأيضاً بلدات المسمية، غباغب، محجة، وقرفا، بالإضافة إلى بعض القرى المحيطة بتلك المناطق ومن ضمنها الطريق الدولي درعا – دمشق، وصولاً إلى الحدود الإدارية مع ريف دمشق.