كانت حرية الصحافة والإعلام من أهم مطالب الثورة السورية.. لكن!!!

15 الاتحاد برس– آدم ملحم “للنظام السوري معارضة سورية تساويه في التشبيح وتعاكسه بالاتجاه”، قالها أحد النشطاء الإعلاميين في الثورة السورية ذات يوم، قبل أيام قليلة من اعتزاله العمل الإعلامي في المناطق المحررة، واتجاهه إلى البلاد الأوروبية كلاجىء، لاحقاً وفي أحد اللقاءات المطولة أوضح لنا من خلال عمله الطويل مع بعض الفصائل الثورية كإعلامي، أن بعض المعارضة كما النظام، لها شبيحتها السياسيين والعسكريين والإعلاميين أيضاً، وأنه اختار مغادرة المناطق المحررة إلى تركيا فأوروبا، هربأ مما أسماه “التشبيح ضد الإعلام” الذي باتت بعض الفصائل العسكرية أو السياسية تمارسه بحق المدنيين أسوة بالنظام. لم يكن كلام الناشط محض حديث عابر أو افتراء، ففي وثائق الثورة السورية مئات التقارير الحقوقية التي توثق آلاف الانتهاكات التي يتعرض لها الإعلاميون في المناطق المحررة على يد بعض الفصائل الثورية والتنظيمات المقاتلة في سورية، التي تترواح بين القتل والاختطاف والاعتقال التعسفي وإغلاق الصحف ومنع توزيعها وملاحقة الصحفيين في محاولات لاتنتهي من طمس الحقائق التي قامت الثورة أصلاً على تبيانها. ولرب من قائل إن الحرية هي العنوان العريض الذي أطلق ثورة السوريين، وتجسد في لافتاتهم التي راحت تجوب شوارع المدن وقراها، ودفعوا في سبيلها ومازالوا أرواحهم وممتلكاتهم، فكيف يتولى حفنة ممن يظنون أنفسهم ولاة الأمر، سرقة أحلام السوريين وماخرجوا من أجله؟ سؤال ستحتاج الثورة السورية لثورات لاحقة حتى تستوي الأمور في نصابها الذي خرجت من أجله. ويصف ناشطون إعلاميون، ما آلت إليه الحريات الإعلامية داخل المناطق المحررة، بالهزيلة والمخجلة، مؤكدين أن التشبيح الإعلامي بات يفرض نفسه بقوة من قبل بعض الفصائل الثورية التي تمادت في ممارساتها، مفسرين ذلك القمع بعدم رغبة هذه الفصائل في كشف ماتورطت به من صفقات فساد، أو التستر على الممارسات السيئة لعناصر قواتها “غير المنضبطة”. ويذهب ناشطون آخرون إلى القول بأن ظاهرة التشبيح الإعلامي هي ظاهرة طبيعية مقارنة مع التشبيح الثوري والسياسي الذي رافق الثورة وأثبتت التجربة أن التكتلات العسكرية والسياسية عاشت سابقاً في كنف النظام وتمثلت ممارساته، مشيرين إلى أن طبيعة الصراع في سوريا وطبيعة التشكيلات العسكرية المتنوعة الأطياف والمشارب والتمويل، أسهم بالضرورة في التأثير على عمل المؤسسات الإعلامية. ويرى هؤلاء أن هذا الاختلاف بين الفصائل أوجد العدوات الإعلامية بين المؤسسات أيضاً التي راحت بدورها تمارس التشبيح بحق بعضها الآخر من خلال أساليب مافياوية، مؤكدين أن التشبيح الإعلامي في عمل هذه المؤسسات ألحق بالثورة أضرار بالغة أفقدتها في الكثير من الأحيان مصداقيتها من خلال أساليب الدعاية والتسويق والابتعاد كلياً عن توخي الموضوعية في التعاطي مع المواد الإعلامية التي تنشرها. ولايقف التشبيح ضد الإعلاميين عند إدارات الفصائل العسكرية المقاتلة أو مؤسساتها الإعلامية بل يتعداه إلى ممارسات بعض الإعلامين أنفسهم خاصة أن الثورة السورية أتاحت المجال واسعاً أمام ظاهرة الصحفي المواطن التي بفضلها أصبح بإمكان الجميع بث الصور وكتابة التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي ما أسهم ببروز طبقة من الإعلاميين لاتمتلك الحد الأدنى من ميثاق الشرف الإعلامي ومراعاة معاييره، وبالتالي ظهور وسائل إعلامية ملاصقة للفصائل الثورية أو موازية لها باتت تتحكم بقسم من المشهد الإعلامي وتدير صفقات ومساومات بمبالغ كبيرة. ويصف بعض الناشطون ظاهرة تشبيح بعض الإعلاميين بأنهم جاؤوا من خلفيات بعيدة كل البعد عن العمل الإعلامي وأصوله وقواعده، ويروون قصصاً عن تحول هؤلاء إلى لصوص وأحياناً قادة عسكريين يهددون ويتوعدون بالانتقام والقصاص في حال نشر أي مؤسسة إعلامية معلومات لايريدون ظهورها إلى العلن، يبتعدون كل البعد عن مبادىء وقواعد النشر الإعلامي وحقوق الرد والرد المضاد، مؤكدين أن الثورة السورية بحاجة إلى خلق ميثاق شرف إعلامي جديد يقوم عليه أناس من أهل الاختصاص ينظرون في القواعد والأسس الواجب توفرها في هذا الجانب الهام من الثورة.