موسكو تنّوع مروحتها الإستثمارية
11 أكتوبر، 2015
الروس يبنون منطقة نفوذهم في الساحل السوري
ميكروسيريا- مرشد النايف
سبق الغارات التي يشنّها سلاحُ الجّو الروسي على مواقع المعارضة السوريّة، أنشطةٌ مكثّفة لمسؤولينَ في قطاعِ النّفطِ والغاز الروسيّ إلى دمشق بهدف” تفعيلِ ملفاتِ التّنقيب وإعادةِ الإنتاج من بعض الحقول المتوقفة عن العمل”. ويبدو أن العلاقات بين الحليفين تتسعُ لتطالَ مجالات وقطاعات تعاون جديدة، فقدْ كشفَ الملحقُ التجاريُّ في السفارةِ الروسيّة بدمشق، إيغور ماتفيف، بأن ثمةَ قرارٌ روسيّ ثابتٌ بدعمِ النّظام السوريّ إقتصادياً، وأنّ العمل جارٍ حالياً على إقامة قرية الصّادرات والواردات السوريّة الروسيّة في مدينة اللاذقيّة، متوقعاً الإنتهاء من المشروع نهاية الشهر الجاري.
ووصف الملحقُ، هذه الإجراءات بأنها” الخطوة الأولى الحقيقية والأهم في العلاقات الاقتصادية بين البلدين” فمن خلالها ستتم إقامة فروع لمعامل وشركات روسية في سورية”
ونقلت صحف محلية عن ماتفيف، أن الخطوة التالية، تتضمن إفتتاح فروع للمصارف الروسية في سورية لتمويل المشاريع، فلا” يمكن للمصارف أن تفتح فروعاً لها في أي بلد إن لم يكن هناك حاجة لها”.
الدفاع عن الحصّة
الأكاديمي السوري رفعت عامر، يرى أن روسيا قررت الدفاع المستميت عن مصالحها في المنطقة من خلال سوريا، وإستحوذت على جميع عقود إستكشافات النفط في البحر المتوسط، كما إنها تدافع عن حصتها من إعادة الإعمار التي تتطلب نحو 300 مليار دولار”.
وأضافَ عامرلـ “ميكروسيريا” أن الروس يأتونَ في المرتبةِ الثانيّة، بعدَ الإمارات، في رصيدِ الإستثمار الأجنبيّ المباشرالوافد إلى سوريّا، بمبلغٍ يقتربُ من 6 مليارات دولار، موضحاً أنّ مُجمل الإستثمارات تصبُّ في قطاعيّ النفطِ والغاز.
وأفاد إتحادُ صناعةِ النّفط والغاز الروسيّ، أنَّ قيمةَ الإلتزامات التعاقديّة لشركاتِ النّفط والغاز الروسيّة في سوريا، تبلغ نحو1,6 مليار دولار ، وأنها” تستطيع استئناف تنفيذ التزاماتها التعاقدية في سوريا في حال تلاشي المخاطر الأمنيّة وتوّجُه الوضع في البلاد نحو الإستقرار “.
وكشفتْ بياناتٌ لوزارةِ النّفط السوريّة، أن مجموعَ خسائرِ الشركات ِالأجنبيّة العاملة في سوريا( 11 شركة)، بلغت 6,4 مليار دولار جرّاء توقّفِ أعمال الإستكشاف.
ويرى خُبراء إن جملةَ المشاريعِ، التي يعتزمُ الحليفُ الروسيّ إقامتها في المناطقِ السوريّة المُحتشدة خلفَ النّظام، تؤشّر إلى تحالفٍ إقتصاديّ جديد بين موسكو ودمشق، يتعدّى مألوف التعاون بين الحليفين، المنحصرفي النّفط والغاز.
حصريّة النشاط
ويؤكدّ المركز الوطنيّ للدراسات و بناء المؤسسات، أن لاتقييد على مايفعله الروس في سوريّا، وأن الضوءَ الأخضر الذي أشعله الأسد أمامهم ، يمنحهم الاستثمارَ في الأماكنِ الآمنة وفي مواقع داخل حدود الدّويلة العلويّة، في حال قررّت المشيئة الدوليّة تقسيم سوريا”.
ويقول رئيس المركز الدكتور، عبد الرحمن أنيس، إن خارطةَ المشاريع الروسيّة المزمع تنفيذها تقعُ جميعها في المناطقِ الخاضعةِ لسيطرة النظام والموالية له، فمحطة تشرين الكهربائية الثالثة ستنفِّذها شركة روسيّة، في منطقة محميّة، قريبة من دمشق، ومطحنة الحبوب ستنفذ في منطقة تلكلخ(محافظة حمص) المسيطر عليها من قوات النظام.
وتعتبر”سيوز نفط غاز” الروسيّة، أولّ شركةٍ أجنبية تحصلُ، خلال الحرب، على حقّ التّنقيب والإنتاج في الجرف القاريّ التابعِ لسوريّة، وذلكَ إثر فرار الشركات من العملِ في الدّاخل السوريّ المُلتهب.
ويوضح أنيس أن زيارة مسؤولين من إتحاد منتجي النفط والغاز الروسي، إلى دمشق، من شأنه “الإيحاء بأنّ خطط الترسيم والتقسيم، قد بدأت، فالروس عازمون، بعد وصول أسطولهم إلى الساحل السوريّ، على البدء بأعمال التنقيب، فتلك المناطق آمنة، وهي تحت سيطرتهم بطبيعة الحال”.
وتفيد بيانات رسمية عن تراجع إنتاج الغاز السوري من نحو30 مليون متر مكعب في اليوم عام 2011، إلى 10 ملايين م3 خلال النصف الأول من العام الجاري.
ويقدر مركز كارنيغي خسارة النظام لنحو 45 بالمئة من موارد الغاز والكهرباء، بعد سيطرة داعش على تدمر في أيار/ مايو الماضي.
وتشكّل تدمر صلة الوصل بين إستخراج أو نقل، كل إنتاج الغاز السوريّ تقريباً، وبين محطات المعالجة وتوليد الطاقة الكهربائيّة الواقعة غرب البلاد.
الإنسلاخ عن التكتلات
وقال وزيرُ النّفط في حكومة النظام، سليمان العباس، إن مدّة العقد الموقع مع “سيوز نفط غاز” يمتد على 25 عاما، ويشمل مساحة تبلغ 2190 كلم مربع. موضحا إن تكاليف التنقيب والاستكشاف تبلغ 100 مليون دولار”.
وبحسب مجلة “أويل اند غاز”، تمتلك سوريا إحتياطياً نفطياً في البحر المتوسط، يقدر بنحو 2,5 مليار برميل. وقدّرت المجلة إحتياطات الغاز المثْبتة في المياه الإقليمية السوريّة بنحو 8,5 تريليون قدم مكعبة.
وكانت سوريا تقدمت بطلب للانضمام إلى الاتحاد الجمركي الأوراسي، وطلب آخر للانضمام إلى منظمة شنغهاي، إضافة إلى التباحث مع منظمة دول بريكس، في محاولة من نظام الأسد لتوسيع دوائر تحالفات جديدة، بعيداً عن التكتلات العربية الإقتصادية التي أخرجت منها .
على الأرجح ستشهدُ منطقة الساحلِ السوريّ المزيدَ من التّدفقات الإستثمارية الروسيّة، وبما يمنح شعورَ الإستقرار والإستقلال لسكّان تلك المنطقة، وبما يُشكّل أيضاً رافعةً إقتصاديّة لها، على الأقل ضمن المَدَيَيْنْ القريب والمتوسط، حيث التغيّرات الحقيقيّة التي تحدثُ على الأرض حالياً هي مايصنعه الروس.
“موسكو تنّوع مروحتها الإستثمارية”