بعد حملات الحلقي للتشجيع على الالتحاق بالجيش.. قوات النظام تعتقل العشرات من الشبان بتهمة التخلف عن الخدمة

15 أكتوبر، 2015

عناصر من الجيش السوري

ميكروسيريا – أحمد محمد

أعلن رئيس وزراء النظام وائل الحلقي منذ أيام أن أعداد المهاجرين من سوريا وخاصة الشباب منهم زادت في الفترة الأخيرة بسبب الضغوط الاجتماعية والمعيشية والقانونية، وأوضح الحلقي أن أهم أسباب هجرة الشباب هي الهرب من الخدمة العسكرية فضلاً عن الوضع المعيشي والاقتصادي الصعب الذي يعيشونه، وبعد اكتشافه هذا وجد الحلقي أن تشجيع الشباب على الالتحاق بالجيش عبر حملات دعائية وترويجية تزيد من وطنيتهم وإحساسهم العالي بالمسؤولية وبالتالي بقائهم في سوريا لأداء الخدمة الإلزامية هو الحل.

لكن حملات النظام الدعائية والترويجية فريدة من نوعها على أرض الواقع، فلا يوجد مجند تقريباً في جيش النظام الحالي قد التحق بعد انطلاق الثورة إلا عن طريق الاعتقال عن الحواجز والتعرض للتعذيب والتنكيل في أفرع الأمن، قبل إرساله مباشرة إلى القطع العسكرية التي تعاني بشكل حاد من نقص في المورد البشري، بسبب انشقاق نسبة كبيرة جداً من عناصر الجيش ومقتل وإصابة عشرات الآلاف على مدى أربعة سنوات من القتال، ليجد النظام نفسه عاجزاً أمام تقدم الثوار واستمرار النزيف البشري، وهو ما دفعه للاستقواء بمليشيا حزب الله والميلشيات الإيرانية التي تقاتل إلى جانب قواته، وترتكب أشنع المجازر والانتهاكات.

لكن ومع ذلك لم يستطع النظام تدارك النقص الحاد في عناصره فيحاول يومياً إلحاق العشرات من الشبان بشكل إجباري بالجيش لتعبئة الشواغر، عبر إلقاء القبض على الشباب أثناء سفرهم أو تنقلهم على الحواجز، أو من خلال حملات الاعتقال العشوائية التي تزيد من الضغوط الهائلة المسلطة على الشباب في سوريا.

وفي شارع الشعلان الواقع في وسط العاصمة دمشق وأحد أهم أسواقها التجارية، وصلت دورية من قوات الأمن بمداهمة المنطقة بشكل مفاجئ بصحبة عدد من باصات الركاب متوسطة الحجم، وما إن انتشر عناصر الأمن، حتى بدأت عمليات توقيف الشباب واقتيادهم بشكل عشوائي إلى الباصات المرافقة، ليتم القبض على العشرات منهم واقتيادهم الى جهات مجهولة بحسب شهود عيان، ومن ثم تحويلهم إلى القطع العسكرية، بحسب ما روى شهود العيان الذين أكدوا أن حجة الاعتقال هي إما التخلف عن الخدمة الإلزامية أو الاحتياط، ومن ضمن مَنْ تم اعتقالهم طلاب في المدارس والجامعات.

أما على الجواجز في مختلف أرجاء العاصمة دمشق، فلا يمر يوم دون تسجيل العشرات من حالات الاعتقال العشوائية التي تستهدف في معظمها الشبان في عمر الخدمة الإلزامية، وقد سجلت في الأشهر الأخيرة سحب شباب على رأس وظائفهم أو ممن لا زالوا في المراحل الجامعية، كما حدث مع حسان الذي تروي أخته كيفية إلحاقة إجبارياً بالخدمة العسكرية بعد اعتقاله من على أحد حواجز أوتستراد المزة، حيث وجهت له أولاً تهم تتعلق بالتواصل مع جهات خارجية، وبعد أشهر من التعذيب حول حسان إلى سجن عدرا المركزي بعد أن تم فصله من جامعته ليتم الإفراج عنه، لكن ليس إلى أهله وحريته بل مباشرة إلى إحدى القطع العسكرية القريبة من درعا.

كذلك اعتقل العشرات من الشبان أثناء عبورهم الحدود إلى خارج سوريا، منهم ضياء الذي كان يعمل في لبنان منذ أكثر من ثمانية سنوات، ولديه تأجيل لإعالته لأهله، لكن زيارته الأخيرة إلى سوريا للقاء أهله بعد غياب طويل لم تشفع له عند قوات الأمن على الحدود التي اعتقلته وحولته إلى فرع التحقيق الخارجي الذي صادر ما بحوزته من أموال ثم أرسله إلى شعبة التنظيم لأداء الخدمة الإلزامية.

وتتذرع قوات الأسد المنتشرة على الحواجز في كثير من الأحيان بحجة التهرب من أداء الخدمة الإلزامية لابتزاز المئات من الشبان الذين يضطرون بحكم عملهم أو دراستهم التنقل على الحواجز بشكل يومي، فيفرضون الأتاوات على كل من يمر على حواجزهم، ورفض ذلك يؤدي حتماً للاعتقال بتهم جاهزة، تبدأ بالتهرب من أداء الخدمة ولا تنتهي عند الإرهاب.

يقول عبد العزيز أنه يدفع شهريا حوالي 17 ألف ليرة سورية لمساعد أول يترأس حاجز صغير على مدخل الحي الذي يقطنه، بعد أن هدده باعتقاله لتهربه من أداء الخدمة، ويشترط عنصر النظام أن يكون الدفع بالعملة الصعبة عند رأس كل شهر أي 50 دولار أمريكي، ويضيف عبد العزيز أنه يعرف العشرات ممن يفعلون مثله لتجنب شرور قوات الأسد.

ومع كل ذلك لم يلاحظ الحلقي أن الشبان يتهربون من أداء خدمة العلم إلا في الأيام الأخيرة، بل وزاد من انفصاله عن الواقع بالدعوة إلى إطلاق حملات لتشجيعهم على أداء الخدمة العسكرية في صفوف النظام بدلاً من الهجرة والتي باتت مخرجاً للشباب السوري من جحيم النظام المقيم.