سورية.. كيف سيتوقف البركان وأين سترسو الحمم؟
17 أكتوبر، 2015
خاص – ميكروسيريا
يرى محللون سياسيون وخبراء عسكريون أن مآل الوضع في سوريا، مرهون بشكل سقوط النظام، وفي ذلك يذهبون بعيداً، إذ يعتبر هؤلاء أن الانتقال السياسي في سوريا هو الضامن الوحيد لمستقبلها، من تعميم نموذج الفوضى، وسقوط الدولة نهائياً وتلاشي ملامحها، ويسوقون في سبيل ذلك حلولاً تقوم على تنحي الأسد، كمدخل للانتقال السياسي وتشكيل حكومة انتقالية بين المعارضة وأشخاص من النظام لم تتلوث أيديهم بالدم.
ويسوقون في سبيل ذلك من التاريخ مايدعم نظرياتهم، عن حروب دول وتصارعها على أراضي الآخرين، والتي غالباً ماانتهت، باتفاقيات دولية تقدم نموذج المحاصصات، التي تكتسي باللبوس الطائفي، مقسمة البلاد إلى بلدان صغيرة، تحافظ كل دولة على مصالحها في بلدها الجديد الصغير خارج حدودها، كالنموذج اللبناني واتفاق الطائف، ويؤكدون أن مايجري على الساحة السورية اليوم هو تصعيد الصراع العالمي خاصة بعد دخول روسيا الحرب السورية بصورة مباشرة واستعار عملياتها العسكرية ضد فصائل الثوار، والنية الدولية بدعم فصائل المعارضة لمواجهة التدخل الروسي بالتزامن مع مجموعات العمل الدولية التي أفرزتها مبادرة دي مستورا، مايدفع إلى تأكيداتهم بحل سياسي طال أمده أم قصر.
ويرجح هؤلاء نفي الأسد وكبار ضباطه خارج الحدود السورية إلى دولة كروسيا وإيران، مقابل احتفاظ روسيا بمصالحها الاستراتيجية في الساحل السوري، بعد تطعيم النظام الحالي بعناصر من المعارضة الوسطية تحفظ ماتبقى من الدولة، في المدن الكبرى وتتحول الحرب إلى حرب ضد “داعش” وبعض الفصائل “المتمردة من الثوار” على الاتفاق الدولي الذي سيجري توقيعه في حين تضمن إيران مصالحها بحماية طريق امدادت حزب الله في جبال القلمون.
في حين يرى معارضون آخرون وعسكريون من قيادات الجيش الحر في هذه الرؤية طفولة سياسية، إذ تدحض آراؤهم نظريات الحل السياسي كونهم يؤمنون بأن النظام السوري لن يرحل وهناك حجر على حجر في شوارع سوريا ومدنها، ويسوقون في سبيل ذلك مايدعم رؤيتهم من ألاعيب النظام والتفافاته على كل آفاق الحل السياسي التي حملتها المبادرات العربية والدولية إليه، ودوره في إبطال كل هذه المفاوضات وإفشالها، وهم في ذلك يعيدون التأكيد على أن المصالحات الوطنية التي ينسجها النظام هنا وهناك لاتمت بصلة إلى نهج النظام الأمني، فهي لاتعدو بحسب وصفهم عن محاولة تهدئة بعض الجبهات لإعادة انتشار قواته في مناطق وجبهات جديدة.
وينصرف هؤلاء إلى التأكيد على أن الحل في سوريا، محض عسكري، وان السيناريو الأكثر قابلية للتطبيق من أجل وقف انفجارات هذا البركان المدمر هو السيناريو الليبي الذي سينتهي بمقتل الأسد وفرار من ينجو من أنصاره بصرف النظر عن الفارق الجوهري بين التجربتين من حيث الدعم الدولي للثورة الليبيبة والتخاذل الدولي تجاه السوريين.
ويؤكد آخرون أن نموذج التقسيم الداخلي الضمني، هو النموذج الذي ستسير إليه مآلت الوضع السوري، ويلتمسون في الدفاع عن مايقولون، الجغرافية السورية الجديدة، التي تبدو بالفعل مقسمة بالنظر إلى واقعها، إذ يحافظ الدروز على خصوصيتهم في الحراك الشعبي السوري، بإدارة ذاتية، في حين تبقى مناطق العلويين في الساحل السوري برعاية النظام مضافاً إليها الدرب الواصلة من العاصمة دمشق إلى هناك، وهو ما يفسر عمليات واسعة من الإبادة الجماعية التي يستمر النظام بممارستها على مناطق واسعة ذات الأغلبية السنية في أماكن دولته المحتملة.
وبين هؤلاء فإن السوريين الذين يعيشون أقسى كارثة إنسانية في العصر الحديث، يعيشون يومهم بانتظار الغد، وغدهم بانتظار آلام جديدة كآلام المخاض التي ستحمل خلاصهم، بصرف النظر عن شكله ومضمونه، وهم في ذلك يعولون على لغة أخرى يجري العمل بها عندما يصمت صوت السلاح.