شركاء في الوهم
17 تشرين الأول (أكتوبر)، 2015
حازم النهار
هناك مجموعة من “المثقفين” و”السياسيين” الذين كانوا يصدعون رؤوسنا بـ “الحل السياسي”، ولم يكن الخلاف معهم حول أهمية فكرة الحل السياسي، بل حول طبيعة هذا الحل وحدوده، فهم كانوا يفهمه كالتالي: بقاء الطغمة الحاكمة + مصالحة تبويس الشوارب.
كان هؤلاء يرتدون لباساً كاذباً من الحكمة، ويعيبون على أولئك الذين كانوا ينادون بالحل العسكري من جانب “المعارضة” سذاجتهم، وهو نقد في محله.
هؤلاء أنفسهم كانوا يستهجنون القول: الحل السياسي مطلوب لكنه في حاجة إلى أنياب + لا حل سياسي حقيقي وجدي من دون رحيل الطغمة الحاكمة.
اليوم اقتنع هؤلاء بأن الحل السياسي يحتاج إلى أنياب، لكنهم كانوا يبحثون عن أنياب عسكرية وأمنية روسية وإيرانية ليس أكثر لتحقيق الحل السياسي الذي كانوا يسعون إليه (بقاء الطغمة + مصالحة تبويس الشوارب).
في الحقيقة هؤلاء هم دعاة حل عسكري في العمق، ولا يختلفون بشيء وعياً وسلوكاً عمن كانوا يسخرون منهم، إذ لا مشكلة لديهم في استدعاء كل الشياطين من أجل الحلول السياسية التي في رأسهم، وهم لا يفهمون الأنياب المطلوبة للحل السياسي إلا بكونها أنياباً عسكرية.
هؤلاء أيضاً ينتمون إلى دائرة السذاجة ذاتها بفرحهم الواهم بقرب الانتصار العسكري للطغمة، ويزيدون على من كانوا يسخرون منهم في “المعارضة” بشيئين، الأول أنهم كاذبون ومنافقون، والثاني أنهم في العمق في صف القاتل من الأساس، وهذه هي النقطة الرئيسة المحركة لجميع آرائهم وسلوكاتهم، والباقي ترهات.
لا يوجد حل سياسي بلا أنياب، وهذه الأنياب هي: قوة عسكرية منظمة ووطنية ومحترمة + خطاب سياسي وطني + إعلام وطني ورزين + قوة سياسية متماسكة + رؤية سياسية واضحة المعالم وتحقق إجماعاً وطنياً لسورية المستقبل + العدالة الانتقالية، ومن دون ذلك لا يوجد حل سياسي ولا استقرار.
لا يوجد حل سياسي طالما السلطة القائمة مستمرة في الحكم حتى لو جلبت جميع شياطين الأرض، أما الانتصار العسكري لهذه السلطة (بمساعدة من بوتين-نتنياهو-إيران) فهو مجرد وهم يفرحون به بعض الوقت.