(الهامفي) الأمريكية قنبلة داعش الحاسمة وليست تويوتا


humvees
عربات “هامفي” استولى عليها داعش في استعراض له بالموصل في العراق.

ميكروسيريا | عبد الوهاب عاصي

“للأسف الشديد أصبحت تويوتا لاند كروزر وتويوتا هيلوكس جزءاً من ماركة داعش، إذ استخدم التنظيم هذه السيارات في أنشطته العسكرية والإرهاب وأنشطة أخرى”. لا يكتفي السفير الأمريكي الأسبق لدى الأمم المتحدة والخبير في مكافحة الإرهاب “مارك ولاس”، من التعبير عن أسفه وحسب من امتلاك تنظيم داعش لسيارات الدفع الرباعي تويوتا، بل يصرح بأن وجود مثل هذه العربات مع التنظيم يثير “قلق واشنطن” بشكل بالغ.

خلال الشهرين الماضيين، انتشرت قضية امتلاك داعش لتويوتا على أنها أحد أبرز الأدوات الفعالة التي يستطيع التنظيم عبرها إحداث التغير في معاركه سواء إن كان ضد القوات العراقية أو المعارضة السورية أو حتى الأكراد. وعليه قدّمت الولايات المتحدة طلباً رسمياً إلى الشركة المصنعة في اليابان؛ لمعرفة الطريقة التي يحصل بها التنظيم على هذا النوع من السيارات الحديثة الصنع. لكن الشركة ردت بتأكيدها وقف تسويق منتجاتها في سوريا منذ عدة سنوات، مع النفي بأن يكون لها أي علم بالطريقة التي يضع فيها تنظيم داعش يده على السيارات المصنعة من قبلها.

وعملية البحث عن آلية سيطرة التنظيم على سيارات تويوتا ليس بالأمر الصعب، حسبما يقول مراقبون. ففي تقرير عرضه موقع “بوبيلر ميليتري” الأمريكي عام 2014 ذكر أن “وزارة الخارجية الأمريكية سلّمت الثوار السوريين 43 مركبة طراز تويتا”، في حين ذكرت تقارير أوردتها الصحف الأسترالية أن “800 مركبة طراز تويتا “هيلوكس” تم سرقتها في عامي 2014 و2015″.

بالأحرى استطاع التنظيم في بداية عملياته العسكرية امتلاك سيارات تويوتا عبر “الغنائم” حين هجومه على القطع العسكرية ومواقع الفصائل المقاتلة ضده، حيث استولى على 2300 سيارة كانت تتبع لوزارة الدفاع العراقية بهجومه على مخازن نينوى والصينية عام 2013، وكذلك في هجومه على مخازن السيارات في صلاح الدين، مسيطراً على 400 سيارة نوع لاند كروز، منها 150 سيارة مصفحة. كما حصل التنظيم على غنائم الجيش السوري الحر من سيارات تويوتا التي استخدمها بشكل كبير ضد قوات النظام، وتشير بعض التقديرات إلى أن عددها يصل لحوالي 800 سيارة.

لكن قلق الولايات المتحدة الأمريكية من استخدام تنظيم داعش لهذه السيارات، على أنها سبب في توسع نفوذه وتغلبه في العمليات العسكرية التي يخوضها، لكن هذا القلق ربما يكون في غير مكانه، وفقاً لمراقبين. فمن المعلوم أن جميع التنظيمات سواء المتشددة أو التي تخوض معارك مفتوحة ضد حكومات بلادها، تستخدم هذا النوع من السيارات، ابتداءً من تنظيم القاعدة الذي كان زعيمه “أسامة بن لادن” يفضل استخدامها كثيراً، مروراً بالجماعات المتشددة في الصومال ونيجريا مثل بوكو حرام، ومؤخراً في ليبيا وسوريا التي استخدمتها بكثرة فصائل المعارضة. ويتضح أنه بالرغم من استخدام هذه الجماعات بكثافة، لكنهم لم يحدثوا الأثر الكبير من خلالها، على عكس القلق الأمريكي إزاء استخدامها من قبل تنظيم داعش.

والقدرة العسكرية التي مهدت لتنظيم داعش بشكل أكبر من تلك التي من الممكن أن يحدثها استخدام سيارات التويوتا، هي استعماله لعربات “هيمفي” المدرعة الأمريكية، التي استطاع بفضلها السيطرة على مدينة الرمادي في العراق، بعد أن حولها إلى عربة مفخخة، أحدثت انفجاراً هائلاً وُصفت شدته وسائل إعلام عراقية، بالقنبلة التي انفجرت في اوكلاهوما عام 1955.

وفق تقديرات رسمية عراقية، يمتلك تنظيم داعش قرابة 2300 عربة هامفي، استحوذ عليها أثناء اجتياحه مدينة الموصل، وهذا الأمر بحسب مسؤولين عراقيين، زاد من نفوذ التنظيم في العراق وسوريا، فضلاً عن امتلاكه التحصين الدفاعي، وذلك في صد محاولات القوات العراقية من استعادة الأراضي المفقودة. وكانت الإدارة الأمريكية قالت على لسان المتحدث باسم وزارة الدفاع الكولونيل جو سورز، إنها أعطت للعراق ما لا يقل عن 3500 عربة هامفي، 3000 منها مدرعة، مؤكداً بالوقت نفسه أنه لا يعرف ما إذا كان هذا العدد قد تركه الجيش حينما انسحب أو لا؟

واستخدم داعش عربات هامفي في بداية معاركة في السيطرة على ريف حلب الشرقي، وذلك بعدما أكدت مصادر حقوقية مشاهدة العربات في معارك حلب.

ويقول مسؤولو البنتاغون إن الولايات المتحدة عام 2006 أنشأت نظاماً لحماية العربات العسكرية، يحمل الاسم “إي دي” الذي يوفر الحماية والاستشعار لا سيما للجنود الموجودين داخل العربات، اذ ينبههم بوجود مخاطر أو هجمات مسلحة ضدهم. ويضيف مسؤولو البنتاغون أن “هذا النظام أصبح اليوم بحوزة المتطرفين بعد السيطرة على عربات الهامفي التي كانت بحوزة الجيش العراقي”.

وحول قلق واشنطن وتركيزها على أثر سيارات تويوتا في معارك التنظيم، دون التطرق إلى الأثر الكبير لعربات هامفي الأمريكية، يقول المعارض والسياسي السوري “جميل عمار”، إن “الاخفاقات الأمريكية تحتاج إلى مبررات”، و”هنالك ما ترغب الإدارة الأمريكية بكشفه، لكن ضمن حيز ضيق”. وكما يضيف بأن الهدف من بحث موضوع العربات هو معرفة الداعم، على اعتبار أن شركة تويوتا تتعامل مع حكومات محلية، والتي بدورها من الممكن عبر وسائل عدة قد سلمت التنظيم هذا النوع من السيارات، ويشير في ذلك إلى رئيس الوزراء العراقي الأسبق “نوري المالكي” وإلى دولة “الإمارات العربية المتحدة”، على حد اعتباره.