بعد تدميرها ما تبقى من بنى تحتية: روسيا تشكل لجنة لإعادة إعمار سوريا


51ميكروسيريا | عبد الوهاب عاصي

بحسب الإحصائيات الرسمية الروسية، نفذ سلاح الجو الروسي منذ بدء العمليات العسكرية لمنتصف شهر تشرين الأول قرابة 700 طلعة جوية دمر فيها حوالي 500 موقع، ويقدر متوسط عدد الطلعات اليومية بين 40 – 60، وذلك باستخدام طائرات (سو – 25، سو – 24 م، مي 24، سو – 30، سو – 34)، وعلاوة على ذلك، أطلقت السفن التابعة للأسطول البحري الروسي في بحر قزوين 26 صاروخاً مجنحاً أصابت أهدافاً في سوريا على مسافة 1.5 ألف كيلومتر.

وبصرف النظر عن المزاعم الروسية في تحقيقها إصابات مركزة ضد مناطق تنظيم داعش – التي على الأغلب تصيب مواقع المعارضة – فإن السائد هو تركيز موسكو ضرباتها على المواقع المدنية، حيث أسفرت الغارات التي شنتها الطائرات الروسية حتى (٢٦ تشرين الأول) عن تدمير ١٢ مشفى ومركزا طبياً، إضافة إلى مدارس ودور عبادة ومؤسسات خدمية ومناطق أثرية، وذلك بحسب تقرير صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان. كما يشير العدد الكبير للضحايا المدنيين الذي وصل لحوالي 1500 شخص حتى التاريخ الذكور، إلى مدى استهداف روسيا للمرافق المدنية.

وبالرغم من كل هذه الأرقام، تطرح موسكو نفسها كطرف مساند في إعادة إعمار ما هدمته الحرب، بما يسميه مراقبون على أنه تغاض واضح عن كون روسيا أحد المسببين للدمار الهائل الذي لحق بالبنى التحية في سوريا، سواء بشكل مباشر عبر سلاحها أو غير مباشر من خلال دعمها للنظام السوري الذي استخدم كافة أنواع الأسلحة فوق مناطق المدنيين الأمر الذي أدى إلى دمار واسع في البلاد “يفوق اليقين”، مثلما وصفته المنظمات الحقوقية الدولية.

ألكسندر يوشينكو عضو البرلمان الروسي أعلن عقب زيارة له إلى سوريا أن بلاده بصدد إنشاء هيئة روسية سورية لإعادة إعمار سوريا وذلك بالاشتراك مع النظام، مشيراً إلى أن “الأسد” أيّد هذه الفكرة وهي تحظى بتأييد برلماني واسع في روسيا.

من جانبها في تعقيبها على هذا الخبر، أبدت الحقوقية السورية “لمياء نحاس” أسفها عن دور الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية والمحاكم العاملة في هذا الإطار وكذلك مجلس الأمن، واصفة إياهم بأنهم “مصطلحات رنانة فارغة لا حل ولا ربط بأيديهم”. وذكرت “النحاس” ذلك في حديث لها مع شبكة “ميكروسيريا”، حيث امتنعت عن أي تعقيب قانوني من وجهة النظر الدولي على اعتبار روسيا نفسها جزءاً في إعادة إعمار سوريا، واكتفت بالاستنكاف.

وعزت موقفها بقولها “إن قلت أن القانون الدولي لا يسمح لروسيا بالاشتراك بإعمار سوريا.. أسأل هل يسمح لها بالغزو”، مضيفة إلى ذلك “إن قلت أن النظام السوري وعلى رأسه الأسد الذي يسعى المجتمع الدولي منحه الشرعية التي فقدها، إن قلت أنه طلب من روسيا التدخل.. أقول هل بشار رئيس معترف به بعد قتل نصف مليون وتهجير خمسة مليون سوري، وهل تصريح أكثر دول العالم الغربي والعربي بأنه فاقد للشرعية كلام فارغ لا قيمة له، وهل الائتلاف المعترف به من مائة دولة لا يحق له طلب التدخل من أية دولة لحماية مناطقه وشعبه”، مؤكدة أن “ما يسمح لفاقد الشرعية يحرم على من اكتسبها”.

وتشابه هذه الخطوة ما قام به النظام السوري نهاية شهر نيسان الماضي حينما أعلن عن اختتام أعمال مؤتمر وصفه بـ “الدولي” لم تشارك فيه سوى طهران وحمل شعار “سوريا إلى إعادة الإعمار”، حيث أبدت إيران على أعقابه استعدادها لأن تكون جزءاً من مرحلة إعادة الإعمار.

ويصف مراقبون هذه التحركات بأنها مساع من حلفاء النظام لأن يكونوا جزءاً رئيسياً من عملية إعادة إعمار ما تم تهديمه من بنى تحتية في سوريا، لكن بعد إرجاع شرعية النظام السوري، بينما يرى خبراء الاقتصاد السياسي أن التدخل العسكري سواء كان الروسي أو الإيراني يرجع بالمنفعة على شركات الأسلحة التي لم تستخدم مخازنها منذ سنوات، بالإضافة لما يمكن أن تحققه من تجارب على الأرض، حيث يمكن الاستدلال بذلك إلى وصف واشنطن السلاح الروسي بغير الفعال. وكما أن تلك الدول تدأب لتحقيق أوسع مجال تدميري للبنى التحتية، وحين الانتهاء تذهب لطاولة المفاوضات الدولية وتشرعن عملياتها بدعوى استهداف الإرهاب، وعليه تشارك بإعادة الإعمار وتقاسم المصالح في المنطقة.