طلاب الجامعات السورية بين الاختطاف والقتل والإذلال.. راما لم تعد للبيت ووسام تخلت عن دراستها


142692_2012_10_24_12_09_34
صورة تعبيرية

ميكروسيريا – يمنى الدمشقي

لم يكن سهلاً على وسام أن تدرس البكالوريا في هذه الظروف الاستثنائية في سوريا، فانقطاع الكهرباء عن حيها الذي تقطن فيه في برزة لمدة تتجاوز أحياناً 20 ساعة وتنقلها في عدد من البيوت لتتمكن الدراسة ثم ذهابها لتأدية الامتحان مروراً بالحواجز لم يكن أمراً سهلاً!

ورغم ذلك تمكنت وسام من تجاوز العقبات التي خلقت أمامها، واجتهدت في دراستها لتتمكن من تحقيق حلمها والدخول في كلية الحقوق في جامعة دمشق، إلا أن العقبة الأكبر أمامها لم تكن تتخيلها! إذ منعها والدها من التسجيل في الجامعة خشية اعتقالها على الحواجز في مدينة دمشق، أو تعرضها للتشبيح من قبل الاتحاد العام لطلبة سوريا في الجامعة، لا سيما أنها من منطقة كما يقال “مغضوب عليها”! من قبل النظام لأنها من أوائل الأحياء التي انتفضت في دمشق.

ويبرر والدها ذلك بأنه بات يسمع الكثير من قبيل هذه القصص عن استهداف الحواجز بشكل مركز لفتيات دمشق ثم اختفائهن في ظروف غامضة وفي قلب العاصمة دمشق، ولعل حادثة الشابة راما العسس أبرزهن، إذ اختفطت الفتاة من أمام بيتها الكائن في البرامكة أمام كلية دمشق وفي وضح النهار، ولازالت أخبارها مغيبة منذ ثلاث سنوات، ويضيف والد وسام أن الأمر لم يعد يتجاوز الاعتقال أو الاختطاف بل بات يتعدى الابتزاز المادي لكثير من الأهالي، ويذكر قصة ابنة صديقه التي اختفت في منطقة المزة في ظروف غامضة، إلى حين تلقي والدها اتصالاً بعد اختفائها بيومين يعلمه بأنه سيعيد له ابنته إن دفع له مبلغ 10 ملايين ليرة! وبالفعل ذهب الأب لدفع المبلغ في المكان المتفق عليه إلا أنه فوجئ بأن ابنته لم تكن موجودة! واختفت الفتاة في ظروف غامضة حتى الآن!

لم تكن قصة وسام هي الأولى ولا الأخيرة، فالرعب الذي أمعن النظام في زرعه في العاصمة دمشق، بات على الأغلب يؤتي ثماره، وجاء دور الكثيرين من طلاب دمشق ليحرموا من تعليمهم الجامعي بعد طلاب الغوطة، وتغدو الجامعات حكراً لجماعة النظام، أما من يذهب إليها من أهالي المناطق التي انتفضت في بداية الثورة فقد يلاقي مصيراً مجهولاً، أو على الأقل سيتم اعتقاله أو احتجازه.

أما مروة وهي طالبة دراسات عليا في كلية الآداب قسم اللغة الانكليزية في جامعة دمشق، فتتحدث في حديث خاص، أنها لم تذهب للجامعة منذ سنتين، بعد خلاف اندلع مرة مع أحد أساتذة الجامعة بسبب كونها من مدينة دوما حيث تطاول عليها الأستاذ بالقول “ما شبعو أهل دوما دم وإرهاب!” وبات يحاول استدارجها ليعرف ميولها السياسية، إلا أنها آثرت السكوت ومسايرته بحسب تعبيرها، ومنذ تلك الفترة باتت مروة تخشى من التردد على الجامعة، خاصة أنها تفاجأت برسوبها في المادة التي يشرف عليها هذا الأستاذ رغم أنها كتبت بشكل جيد جداً، وعرفت حينها أن السبب وراء كل ذلك كونها من مدينة “دوما” ما أزم في وضعها أن حملات اعتقال كثيرة شهدتها جامعة دمشق في السنتين الأخيرتين للطلاب.

وكحالة مروة مئات الحالات التي حرمها الحصار في الغوطة أو في مناطق أخرى من متابعة تعليمها، خشية المساءلة على الحواجز أو خوفاً من تعرضهم لرصاص طائش في الاشتباكات التي تجري على مداخل بلداتهم.
أما المتفوقون من الشباب فبات الكثير من الأهالي يعمدون لإرسالهم لإتمام تعليمهم خارج سوريا، خوفاً من اعتقالهم بداية، ثم طلبهم لتأية الخدمة العسكرية ثانياً، وصار هؤلاء يلاحقون المنح الدراسية التي تنشرها الصفحات المعنية بشؤون الطلاب السوريين، وتمكن بعضهم كبشير من الحصول على منحة في تركيا لدراسة الميكانيك وشرع في منهج الفصل الدراسي الأول آملاً أن يكون الوضع أفضل مما هو عليه في سوريا.

إلا أن أنس بقي رهينة الوضع المتأرج في مدينة التل في ريف دمشق رغم تحصيله لدرجات عالية أهلته لدخول كلية الكيمياء، إلا أن الحواجز التي نصبها النظام على مدخل مدينته والتي قيدت الأهالي بدفع مبلغ 5000 ليرة سورية في كل دخول وخروج، إضافة إلى حملة اعتقالات واسعة شنتها تلك الحواجز جعلته جليس بيته، ينتظر كالمئات غيره فرصة يتمكن فيها من متابعة تعليمه الجامعي بعيداً عن عيون الأمن والحواجز العسكرية والابتزاز المادي.