أكاذيب السادة الروس!

آخر الأخبار التي نقلتها وكالات الأنباء من موسكو، أن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، قال إن موسكو تجري محادثات هاتفية مع المعارضة السورية يومياً تقريباً، وأنها تعقد اجتماعات مع ممثليها في موسكو وباريس واسطنبول. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن بغدانوف قوله، إن روسيا عقدت اجتماعات مع ممثلين عن الجيش السوري الحر، كما أنها على اتصال مع الأكراد. أخبار بغدانوف عن المحادثات اليومية مع المعارضة السورية، والاجتماعات التي تتم معها يومياً في موسكو وباريس واسطنبول، وكذلك اجتماعاتها مع الجيش الحر، والتواصل مع الأكراد، تنتمي إلى نظرية غوبلز في الإعلام، وخلاصتها “أكذب ثم أكذب ثم أكذب حتى يصدقك الناس”. ورغم أن هذه النظرية هي نظرية نازية، فقد اعتمدت في روسيا أيام النظام السوفياتي الذي أضاف إليها بصمته، فصار من كثرة الكذب، يصدق نفسه، بعد صدقه بعض الناس، وعن تلك التجربة، التي ماتت، ورث بغدانوف والمسؤولون الروس بما فيهه معلمه وزير الخارجية لافروف، ورئيس الوزراء ميدييف، والرئيس الروسي بوتين ميزة الكذب. ميزة الكذب الروسية، أساسها أن تورد خبراً كاذباً، تضع فيه بعض الحقيقة أو نكهتها، لتسوقه باعتباره الحقيقة ذاتها، ولاشيء غيرها. وفي أخبار بغدانوف عن العلاقة مع المعارضة السورية التي كثيراً ما وصفها الروس بـ “الإرهاب”، فإنها لا تتعدى علاقة المعارضة المرتبطة بالنظام أو القريبة منه إلا بقليل، ومنها تواصله مع حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) الذي قيل أن له مندوب في موسكو، والاتصال به، يعني اتصال مع الأكراد، لأن الحزب أحد الأحزاب الكردية في سوريا، ويصنفه الروس في عداد المعارضة السورية، وهم في ذلك يتصلون مع الأكراد والمعارضة السورية، ولأن حزب الاتحاد الديمقراطي موجود في موسكو، فإن لقاءات الروس واتصالاتهم تتم في موسكو، وحيث أن لهذا الحزب جناح عسكري هو قوات الحماية الشعبية، المتحالفة مع تشكيل من الجيش الحر في غرفة عمليات بركان الفرات، فإن اتصالات الروس معه هي اتصال مع الجيش الحر. سبب التفسير السابق، أن المعارضة السورية، نفت تواصلها مع الروس، وهذا أمر مؤكد على أعلى مستوى في الائتلاف الوطني السوري والمجلس الوطني الكردي، ولجنة القاهرة التي تضم معظم تنظيمات المعارضة الموجودة خارج الائتلاف، ومعظم التشكيلات المسلحة المعارضة رفضت بصورة علنية وعلى الإعلام اللقاء مع الروس، واقتصرت علاقة الأخيرة معهم على محاولة التصدي لطائراتهم التي تقصف معسكراتها وتجمعاتها من شمال سوريا إلى جنوبها، وفي التصدي لقوات النظام وتحالفاته، التي تساعدها روسيا بعمليات الاستطلاع من جهة وبالقصف الجوي من جهة أخرى. قد يكون بغدانوف، التقى معارضاً مثل قدري جميل في موسكو، أو ضابطاً منشقاً في باريس، او هاتف معارضاً في اسطنبول، فعمم باعتبار الأول هو المعارضة، وحسب الثاني على الجيش الحر، ثم استغل اتصاله بمعارض اسطنبول بالقول، إن تواصله يتم عبر العواصم المختلفة، وله أن يزيد إنه التقى معارضين في القاهرة مؤخراً حين زارها الأسبوع قبل الماضي. أكاذيب بغدانوف، لاتبعد كثيراً عن الأكاذيب الروسية  الأخرى، الصادرة عن المصادر العسكرية حول العمليات الجوية في سوريا، والتي كان أساس القيام بها محاربة تنظيم “داعش” لكنه ذهبت في اتجاه آخر. إذ ركزت الطائرات عملياتها على حمص صعوداً إلى حماه وإدلب وحلب، ثم التفتت جنوباً الى دمشق وصولاً الى مثلث التقاء محافظات درعا والقنيطرة وريف دمشق، وفي كل هذه المناطق، تنتشر قوات من المعارضة المسلحة “المعتدلة” باستثناء بقع محدودة تتواجد فيها جبهة النصرة المنتمية إلى القاعدة، والتي يمكن أن تشكل وحدها هدفاً للطيران الروسي، لكن الجميع كانوا أهدافاً للطلعات الروسية، التي تجاوزت خلال شهر الألف طلعة، أصابت خلالها مدناً وقرى بتجمعاتها السكانية، فقتلت نحو مئتين من المدنيين بينهم أطفال ونساء، والأهم في معطيات العمليات الروسية، أنها لم تستهدف “داعش” إلا بنسبة لاتتجاوز العشرة بالمائة حسب التقارير الدولية. لقد كثف وزير الخارجية الروسي لافروف، أكاذيبه حول تدخل قواته في سوريا في مؤتمر صحفي عقده في الأمم المتحدة أول تشرين الأول، فأكد أن “الهدف الذي تسعى إليه قواتنا المسلحة هو محاربة الإرهاب”. و”نحن لا ندعم الأطراف التي تحارب شعبها”، و”أن التحالف الدولي أعلن “الدولة الإسلامية” وغيرها من المجموعات الإرهابية أعداء له”، و”الجانب الروسي يفعل مثل ما يفعله التحالف تماماً”.