أحد الناجين يروي تفاصيل لحظات الموت والرعب عندما انقلب البلم
1 نوفمبر، 2015
تواصلت مع أحد المهربين في مدينة أزمير التركية واتفقنا على كيفية السفر إلى اليونان والتكاليف، وكان لقاؤنا بعد منتصف الليل.
عندما وصلت إلى المكان المحدد صدمت بأن الشاحنة التي ستنقلنا إلى الشاطئ مغلقة وقام المهرب بفتح الباب فعندما نظرت إلى داخل الشاحنة لم ألاحظ إلا عيون تلمع، أطفال ونساء ورجال ولم أطل بالتمعن كثيراً حتى أن قام المهرب بدفعي نحو الشاحنة قائلاً “اطلع بسرعة لاتكشفنا” وأغلق الباب وبدأت عجلات الشاحنة بالدوران.
بدأ الركاب بقراءة القرآن أما أنا فازدادت دقات قلبي وضاق صدري من شدة الخوف وجال في مخيلتي الكثير من الأفكار السيئة أنا كيف أتيت إلى هنا؟ إلى أين سنذهب؟ أسئلة لم تستغرق كثيراً من الوقت حتى عثرت على أجوبتها.
بعد مسير ساعتين توقفت الشاحنة وفتح الباب وصرخ المهرب قائلاً “اركضوا عالوادي اركضوا قبل ماحدا يجي”، ﻭﺻﻠﻨﺎ ﻟﻠﺸﺎﻃﺊ كان الجو بارد جداً والموج مرتفع كان يضرب بالحجر فسألت المهرب كيف سنصل إلى اليونان بهكذا جو؟ فأجابني “عادي بس تصير جوا مابيضل في موج” واستطرد قائلاً “مين بيعرف يسوق البلم؟” صمت الجميع إلا رجل واحد قال إنه يعرف قيادة شاحنة فأخذه المهرب وعلمه على قيادة البلم حيث أن البلم مخصص لـ40 راكب صعد على متنه 64 راكب.
ﻣضى ﺍﻟﺒﻠﻢ في البحر ﻭﺑدأ الأولاد يرجفون من شدة البرد، صوت المحرك لم يفارق آذاني، طوال الرحلة كنت أنظر حولي ,اقول في قرارة نفسي إذا غرق البلم من سأنقذ ليس من المعقول أن أنقذ شخص وأترك البقية، أصبحت أشعر بالمياه تحت قدمي وعاد الناس لقراءة القرآن ﻭﺍﻟﻤﻮﺝ تزداد وتيرة ارتفاعه إلى أين سنذهب وكل هذه الأمواج في طريقنا؟ فجأة سمعت صوت يهمس بأذني “ابني ابني” التفت خلفي وإذ بإمرأة محتضنة طفلها الذي لايتجاوز السنة قالت لي “إذا قلب البلم ماتتركو للولد وانا بحاول أمسك بإيدك” أكملنا طريقنا وأخذني النوم للحظة واستيقظت على صوت أحدهم يقول “ليش ماجبت بنزين هلق كيف بدنا نمشي؟”.
نحن في عرض البحر ولم يتبق لدينا بنزين بدأ الموج المرتفع يضرب بالبلم وقررنا أن نرمي كل مامعنا من حقائب أو طعام حتى نخفف الوزن لكن الضربة الأخيرة التي قلبت البلم كانت كالحلم، المياه باردة وأصوات “غرغرة” الناس وهي تغرق تضج في رأسي سبحت لكني لا أعلم أين الطريق وكيف ينبغي أن أتوجه كنت ضائع إلى أن تذكرت الولد وأمه فوجدتها تسبح بيد وتمسك طفلها باليد الثانية، أخذت الطفل منها كان كقالب الثلج وتعلقت بي الأم كذلك أمسك بي رجل مسن آخر وبدأ يتوسلني ألا أتركه لكني لم أستطع أصبحوا ثلاثة أرواح سنغرق كلنا فعندما تركني الرجل التفت حولي لم أر المرأة وابنها بدأت بالبحث عنهما لكني لم أكن قادر على تمييز الأصوات وشعرت بأن أطرافي انشلت.
لا أنسى مشاهد الناس التي طفت على وجه البحر تركتهم وأخذني الموج بعيداً إلى أن صحوت على ضوء سفينة كان قد ضرب في وجهي كانوا يتكلمون بلغة أجنبية قالوا لي ارفع يدك لكني صرت أقول في قلبي “ﺍﻧﺎ ﻧﺸﻠﻴﺖ ﺍﻧﺎ ﻣﺘﺖ ﻃﺎﻟﻌﻮﻧﻲ ﻋﺎﻟﻘﺎﺭﺏ ﻭﺍﻧﺎ ﺳﺎﻛﺖ ﺷﺮﻳﻂ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻛﺎﻥ ﻋﻢ ﻳﻤﺮ ﻗﺪﺍﻣﻲ ﻭﺻﻠﺖ ﻋﺎﻟﻴﻮﻧﺎﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻤﻴﺘﻪ ﻋﻢ ﺗﻮﺻﻞ ﻟﺤﺎﻟﻬﺎ ﻳﺎﻟﻠﻪ ﺷﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻈﺮقعدﺕ ﺍﺑﻜﻲ ﻳﻠﻌﻦ ﺍﺑﻮ ﺍﻟﻐﺮﺑﻪ ﻭﺍﺑﻮ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻣﺎﺑﻘﻰ حب البحر مع انو كان احلى شي “:
منقول من مجموعة “كراجات المشنططين”… بتصرف.