“مخيم الرحمة” في القنيطرة .. النازحون طيّ النسيان


مخيم في القنيطرةيقع مخيم الرحمة في قرية “صيدا الجولان” التابعة لمحافظة القنيطرة في منطقه نائية عن السكان. منطقة عبارة عن غابة “حرش”  على الشريط الحدودي مع إسرائيل. أرضية المخيم من التراب الأحمر ما يزيد في صعوبة التنقل عند هطول المطر بعد تحول التراب إلى طين.

تم إنشاء هذا المخيم في الشهر السادس من عام 2014 بعد تصاعد الأعمال العسكرية الهمجية لنظام الأسد ضد المدنيين في المناطق التي نزحوا منها، وذلك أدى إلى زيادة كبيرة لأعداد النازحين في هذه المنطقة.

نقص في كافة الخدمات

لا يتطابق اسم مخيم الرحمة مع ما يعانيه النازحون فيه، حيث إن أغلب سكان هذا المخيم من المهجرين قسراً من ريف دمشق “القدم، السبينة، النشابية، العتيبة، العسالي، الحجر الأسود” حين فروا بأرواحهم وأطفالهم هرباً من القصف الهمجي اليومي على بلداتهم هناك.

يأوي هذا المخيم المنسي أكثر من خمسين عائلة، أي ما يقارب 320 شخصا يشكّل الأطفال والنساء غالبيتهم. ما يستلزم الكثير من الاحتياجات والمتطلبات، إضافة إلى كبار السن مع وجود حالات من ذوي الاحتياجات الخاصة .

يقول “حسين” من اتحاد تنسيقيات الثورة وأحد المتطوعين في المخيم: “معاناة كبيرة تمر على هذا المخيم المنسي، حيث لا يتوافر للنازحين هنا أدنى مقومات الحياة ولعل المعاناة الأولى والأخطر حاليا هي الظروف الجوية، فالخيمة التي تأويهم لا تقيهم شرّ برد الشتاء أو حر الصيف، كما أن هذه الخيام المكتظة بقاطنيها ضعيفة لدرجة لا تقوى أن تقف في وجه ريح عاتية. اقتلعت الرياح العديد من الخيام في الأيام القليلة الماضية فمستوى درجات الحرارة منخفضة جدا في محافظة القنيطرة عموماً”.

ويتابع حسين: “المشكلة المستمرة هي تأمين لقمة العيش، فهناك نقص حاد للواردات الغذائية ومعظم سكان هذا المخيم عاطلين عن العمل أي لا دخل لديهم لتأمين احتياجاتهم التي لم تستطع المعونات المقدمة سد رمقهم فيها، أضف إلى أن اقرب نقطة طبية تبعد عن المخيم 2 كم تقريبا”.

غياب الجهات المهتمة والداعمة

يقول “أبو فراس” نازح  من ريف دمشق وأب لأربعة أطفال: “نعاني هنا اليوم تلو الآخر من صعوبة تأمين متطلبات الحياة البسيطة، فالخبز غير كاف وحليب الأطفال غير متوافر والأدوية أيضا، وقد أدى ذلك إلى تفاقم الأمراض المزمنة وانتشار أمراض جديدة في المخيم، أطفالنا يوميا يقطعون مسافة 2 كم للوصول لمدارسهم ولا نملك المال لتأمين لهم أي شيء، ولا جهات ترعى هذا المخيم وتقوم على خدمته بالشكل المناسب. أناشد أصحاب الضمائر بالنظر إلينا ولعائلتنا بعين الرحمة، نحن نعيش في أسوأ الظروف ونتمنى أن تمدوا لنا يد العون والمساعدة في السرعة القصوى”.

في الماضي كانت بعض المنظمات الإغاثية والطبية تزور هذا المخيم، أما الآن فاقتصرت على منظمة واحدة هي “الفرنسية للإغاثة- سوريا”Syria S.o.S  وهي منظمة أهلية تعمل لصالح الثورة السورية، حيث تقوم هذه المنظمة بتقديم الرعاية الصحية وتأمين أدوية الأطفال وحليب لأطفال وبعض السلل الغذائية حسب استطاعتها.

يقول “أبو محمود” نازح يعيش في المخيم ورب عائلة مكونة من سبعة أفراد: “حالات مرضية كثيرة انتشرت في المخيم وخصوصاً الإسهال والتيفوئيد وبالأخص بين الأطفال ولا يوجد إلا القليل من المنظمات الطبية التي تقدم المساعدة، تلوث البيئة ونقص المواد الغذائية ربما سوف تكون دافع لنا للانتقال إلى منطقة أخرى تكون الأحوال فيها أفضل”.

ويضيف: “تعبنا من توجيه الرسائل للمنظمات الإغاثية في أن تنظر لحالنا، كنت أعيش في مناطق سيطرة النظام ثم هربت مع عائلتي إلى هنا نتيجة الاعتقالات والمداهمات المستمرة، الحياة هنا أشبه بجحيم”.

يذكر أن الكثير من المخيمات العشوائية التي تم إنشاؤها في بعض الأرياف المحررة لا تنطبق عليها معايير الحياة السليمة ولا توفر الخدمات الأساسية للنازحين وذلك يزيد في معاناتهم اليومية، ويفتح باب للتساؤل عن مهمة الجهات المعنية المختصة بمتابعة شؤون هؤلاء المحتاجين وإيصالها إلى الجمعيات والمنظمات العالمية لتقوم بعمليات التدخل السريع من اجل مساندتهم وتلبية احتياجاتهم.