هل تنفع اعتصامات أطفال دوما في وقف القتل وجرائم النظام؟ أم أن السبل السلمية لم تعد ذات قيمة؟


12240130_941956102551972_4743507158184863829_n

سؤال بات يطرحه الكثيرون في ظل اشتداد عنف النظام وتوسع مجازره في عدد من المناطق “هل فعلاً باتت تجدي الوسائل السلمية بوقف مجازر النظام أو لفت أنظار المجتمع الدولي لمعاناة المدنيين في الداخل؟”

قبل يومين حشد عدد من الناشطين والفاعلين المدنيين مظاهرة لعدد من أطفال الغوطة للتنديد بالمجازر التي ترتكبها قوات النظام فيها، ووقف الأطفال في الساحة التي كانت شاهدة على قتل عشرات الأبرياء كأنهم جاؤوا ليوثقوا مشهد الجريمة، ورفعوا شعارات “أنقذوا دوما” “دوما اخطر مكان للعيش” بينما كانت أخرى تندد بالتدخل الروسي في سوريا وشروكه في قتل مئات الأبرياء، إضافة إلى كلمة احتجاجية للناشطين هناك باللغتين العربية والانكليزية بحسب الناشط فراس العبد الله أحد المنظمين لهذه الوقفة.

ويقول فراس في حديث خاص للاتحاد برس، ازدادت مجازر النظام في دوما وجاء التنسيق على هذه الوقفة بعد مجزرة 7/11/2015 في دوما وطبعنا أكثر من عشر لافتات بلغات مختلفة، واحتشدنا مع الأطفال في الساحة التي تمت فيها هذه المجزرة، إذ ربما يكون لأصواتهم وكلماتهم وقعاً أكبر على المجتمع الدولي.

وبحسب فراس فإن هذه الوقفة جاءت ضمن حملة أطلقوها تحت عنوان “دوما أخطر مكان للعيش في العالم” “Doumamostdangerousplacetolive” حيث كان الهدف منها لفت نظر العالم إلى ما يحصل في مدينة دوما من قتل الأبرياء، وهي تابعة لحملة التي أطلقت منذ فترة تحت عنوان “دوما تباد”.
حملات كثيرة أطلقت كنوع من الحراك السلمي الذي بات يلجأ إليه الناس سواء أكانوا في دوما أم خارجها في رسالة يوجهونها للعالم أن الحراك السلمي لازال قائماً وسط صخب الآلات الحربية في سوريا، ولم تكن وقفة أطفال دوما هي الأولى من نوعها، فالغوطة الشرقية بشكل عام تشهد بين الحين والآخر تظاهرات نسائية لزوجات وأمهات وبنات شهداء ومعتقلين يطالبن فيها بوقف الحملات العسكرية على دوما ولم تعد هذه الحملات توجه فقط ضد النظام بل باتت توجه للكتائب العسكرية أيضاً التي تحتكر المواد الغذائية والطبية، لكن الجميع يتفق أن العدو الأخطر والأساسي والأكبر هو النظام.

وقبلها بأشهر أيضاً وتزامناً مع قيام تنظيم داعش بحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة قام ناشطون مدنيون في مدينة دوما بوضع الأطفال في قفص كبير وأشعلوا النار على مقربة منه، وتزامن ذلك مع زيارة مبعوث الأمم المتحدة إلى دمشق، ليقولوا للعالم أن ينظروا إلى جرائم النظام في دوما أيضاً وليس فقط عند داعش، فهم وإن كانوا طلقاء في مدينة، لكنهم محاصرين في سجن كبير داخلها.

وتنوعت هذه المظاهر السلمية بين صبغ الشوارع باللون الأحمر كناية عن الدم النازف في دوما منذ أربع سنوات، ورفع اللافتات الثورية التي تطالب بإنهاء الحصار على المدينة، أو عرض الصور واللوحات التي توثق جرائم النظام إلى غيرها من الوسائل السلمية التي خفتت مع مرور الوقت كبخ الحيطان وإحراق الإطارات أمام المباني الأمنية.

وفي هذا السياق يقول حسان تقي الدين وهو ناشط إعلامي في مدينة دوما في حديث خاص للاتحاد برس أنه لاغنى عن الحراك الثوري السلمي في دوما كون الثورة انطلقت منه وكانت تعتبره في يوم من الأيام ركناً أساسياً وهدفاً من أهدافها ولازال، في النهاية لكل فرد دوره في الثورة فمنهم من اختار طريق السلاح وانضم لكتائب الجيش الحر ومنهم من عكف على توثيق جرائم النظام فعمل في المجال الحقوقي ومنهم من آثر مساعدة المنكوبين في العمل الإغاثي ومنهم من انضم لأحزاب سياسية أما من حالت ظروفه دون العمل المسلح أو السياسي فقد حافظ على حراكه السلمي، ويضيف حسان المظاهرات وإن لم تعد تجدي مع النظام لكنها تعتبر اللغة التي ربما يفهما العالم على الرغم من خطورة المظاهرات في هذا الوقت واحتمال استهدافها من قبل قوات النظام، في النهاية ربما قد نجد بعض النقص في الثورة لكنها في النهاية ثورة غير متكاملة ونطمح لأن تكون كذلك دون الاستغناء عن شكلها السلمي الأساسي ومطالبها الأساسية التي قامت لأجلها، إضافة إلى محاولتنا احتواء كافة الآراء المخالفة وخاصة في شكل الحراك.

أما لتيسير وهو أحد ناشطي الغوطة أيضاً رأي مختلف فيما يحدث، إذ يرى أن هذه الأساليب السلمية لم ولن تجدي نفعاً بعد الآن مع النظام، ولاحاجة لإراقة المزيد من الدماء في الغوطة الشرقية، خاصة عبر إشراك الأطفال بهذه المظاهر، أما المظاهرات التي تخرج بين الحين والآخر لتندد بعنف النظام موجهة رسالتها للمجتمع الدولي الصامت أصلاً على كل ما ارتكب بحق الشعب خلال خمس سنوات، فإنها لن تحرك بهذا المجتمع شيء، على الأخص أنه وجه حربه على داعش وبات يلاحق جرائم داعش بدلاً من أن يلاحق جرائم النظام.

ومابين أخذ ورد بين أهالي الغوطة أنفسهم حول فاعلية هذه المظاهر السلمية حتى الآن في الثورة، لازالت طائرات النظام تلقي بحممها عليها ولازال هؤلاء محاولين قدر الإمكان أن يتأقلموا مع الموت والحياة عبر أي نشاط حقيقي لا يقطع صلتهم بالثورة الحقيقية.