الجولة الثالثة من لقاء فيينا السوري توافقات اضطرارية وحلول مؤجلة


564764b6c46188f3638b45e7ميكروسيريا | عبد الوهاب عاصي

على ما يبدو أن الجولة الثالثة من لقاء فيينا، أزالت – قبل بدئها – العديد من العوائق التي وقعت بين المشاركين في اللقاء الثاني بخصوص تحديد المنظمات الإرهابية، لا سيما وأنها انطلقت عشية تفجيرات باريس، التي أشيرت أصابع التورط فيها إلى تنظيم داعش حتى قبل أن يتبناها في وقت لاحق. وقد يستدل على ذلك بما صرح به وزير الخارجية الفرنسي “لوران فابيوس” قبل بدء اللقاء حينما اعتبر أن “أحد أهداف اجتماع اليوم في فيينا، هو تحديداً أن نرى بشكل ملموس كيف يمكننا تعزيز التنسيق الدولي في مجال مكافحة داعش”، وهو الشأن ذاته الذي شدد عليه وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” بقوله إن “الأمر الوحيد الذي يمكننا قوله لهؤلاء الأشخاص هو أن ما يقومون به يعزز تصميمنا جميعاً على مكافحتهم”، وكذلك اعتبار نظيره الروسي “سيرغي لافروف” أن “اعتداءات باريس تبرر ضرورة مكافحة تنظيم داعش وجبهة النصرة”.

وعلى وقع التصريحات السابقة انطلق جدول أعمال اجتماع فيينا بحضور كل من ممثلي خارجية إيران وروسيا رغم إعلانهم الانسحاب من المباحثات قبل يوم من بدئها. وعلى عكس التوقعات اختتم الاجتماع الدولي بجملة من القرارات على أن يتم عقد لقاء جديد “خلال نحو شهر” لإجراء تقييم للتقدم بشأن التوصل لوقف لإطلاق النار وبدء عملية سياسية.

وما تم التوصل إليه يمكن تلخيصه بخارطة طريق يتضمن تطبيقها النحو التالي “إطار سياسي”، “إطار أمني” و”إطار قانوني”. وأما الإطار الأول، ينص على تشكيل حكومة انتقالية للبلاد بعد مفاوضات رسمية بين ممثلين عن المعارضة والنظام السوري مطلع العام المقبل تحت رعاية الأمم المتحدة، بالإضافة، وبالتالي تحقيق حل سياسي في البلاد بشكل ملزم لكن دون التطرق إلى مصير الأسد الذي تم تعويمه من خلال إرجاع مسؤوليته إلى الشعب السوري، كما يتضمن الإطار السياسي حل مشكلة اللاجئين والوضع الاقتصادي للبلاد.

وفيما يخص الإطار الثاني، يتلخص بإصدار قرار لصالح وقف إطلاق النار في سوريا بعد موافقة الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث لا يشمل وقف إطلاق النار المنشود أيّاً من تنظيم داعش أو جبهة النصرة، بينما استمر خلاف حول تحديد حركة أحرار الشام ضمن قوائم الإرهاب، بيد أن رفض العديد من الدول حال دون ذلك، وهذا الخلاف تم تأجيله إلى حين قيام الأردن الذي كلف بمهمة وضع قائمة موحدة بأسماء “المنظمات الإرهابية” يتم رفعها لاحقاً إلى مجلس الأمن الدولي للمصادقة عليها. وكما أن الشروع إلى تنفذ قرار وقف إطلاق النار مسألة معقدة نظراً لكثرة الفصائل المتواجدة على الأرض، ولصعوبة تحديد خطوط التماس في بعض المناطق، الأمر الذي يجعل من المستحيل تحديد من خرق وقف إطلاق النار، حيث يمكن لأي طرف خرق النار واتهما غيره، دون القدرة على التحقق من ذلك. وقد تلجأ الأمم المتحدة لتذليل بعض هذه العوائق بشكل تدريجي من خلال إرسال مبعوثيها للأراضي السورية على غرار التجربة البوسنية واللبنانية.

ويمكن تحديد الإطار الثالث، بإطلاق دستور جديد للبلاد يترافق مع إجراء انتخابات خلال فترة تصل إلى 18 شهراً، وكذلك سد قنوات الإمداد لتنظيم الدولة الإسلامية وغيره من الجماعات الإرهابية ومنع التنظيم من الاتجار غير القانوني في النفط وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2199 ومنع سيطرة الإرهابيين على حقول النفط.

وقد عقب المعارض والسياسي السوري “جميل عمار” في حديث مع شبكة “ميكروسيريا” على ما خرج به المجتمعون في لقاء فيينا بقوله إن “عملية باريس ضربة قامت بها المخابرات الروسية كي جيه بي حتى لا يستطيع أحد في لقاء فيينا أن يتحدث عن رحيل الأسد، وهذا ما حصل، حيث أصبح مصير الأسد مرتبطاً بعملية الإصلاح الدستوري التي يحددها الشعب”، لافتاً إلى أن الضربة وجهت إلى فرنسا كونها الدولة الأوروبية الوحيدة التي بقيت تطالب برحيل الأسد، فمن المتوقع ألا نسمع فرنسا تتكلم عن رحيل الأسد بعد التمسك بمحاربة الإرهاب وما خرج به فيينا”.

وأشار إلى أن تفجيرات باريس كرست ما خرج به فيينا عبر التركيز على قتال تنظيم داعش وحت من الممكن مشاركة الأسد بذلك، لكنه أكد أن التصعيد الميداني على الأرض سيشكل رقماً صعباً في تحقيق البدء بما خرج به فيينا.