أثر أحداث 13 نوفمبر (باريس) على اللاجئين السوريين في أوروبا
17 نوفمبر، 2015
ميكروسيريا | عبد الوهاب عاصي
هي ساعات معدودة حتى ألقت التفجيرات التي حدثت في العاصمة الفرنسية باريس، ظلالها على أوضاع اللاجئين السوريين المتواجدين على الأراضي الأوروبية عموماً، حيث انتشرت أنباء عن إحراق المساجد في أكثر من مكان، فيما يعتقد أن متطرفين من السكان الأوروبيين المحليين قاموا بذلك. بالإضافة إلى الحديث عن إعادة النظر بمقترح خطة الاتحاد الأوروبي بشأن توزيع اللاجئين على دول أوروبا.
بعد ساعات قليلة من التفجيرات التي ضربت مناطق متفرقة من العاصمة الفرنسية مساء الجمعة، اندلعت النيران في مخيم “كاليه” شمال فرنسا، والذي يقطن فيه ما لا يقل عن 6000 لاجئ أغلبهم من سوريا، ما اعتبرته وسائل إعلام محلية أنه حادث متعمد جاء انتقاماً للهجمات الانتحارية في البلاد، في الوقت الذي لم تحدد فيه السلطات الفرنسية سبب الحريق. وفي هولندا أيضا، حاول مجهولون في مدينة “روزندال”، التابعة لمقاطعة شمال برابنت، بعد ساعات من التفجيرات، إحراق أحد المساجد. وعقب يوم واحد، أضرم مجهولون النار في مسجد ببلدة إسبانية، فيما تعتقد الشرطة أن الهجوم جاء انتقاماً للهجمات الإرهابية التي طالت العاصمة الفرنسية. ولم تحدث إصابات نتيجة الهجوم. وفي 16 من نوفمبر الحالي، قام مجهولون بإشعال النار عمداً في مسجد بمدينة بيتربورو وسط مقاطعة أونتاريو كبرى المقاطعات الكندية الواقعة شرقي كندا. وهو ما يمكن إرجاعه إلى ما حصل في فرنسا على الرغم من استبعاد الشرطة الكندية في بيان لها وجود صلة لما وقع بالهجمات التي وقعت في باريس.
ومن جانب آخر، بدأت أصوات الأحزاب اليمينية تزداد؛ بهدف الضغط على حكومات بلادهم لوضع حد لقضية المهاجرين الوافدين نظراً لمعتقداتهم الدينية، وقد تجاوز الأمر في فرنسا إلى المطالبة بغلق المساجد وطرد الأئمة وتجريدهم من الجنسية، بالإضافة إلى حماية الحدود ومنع تسلل من يمكن أن يتسببوا بهجمات إرهابية في البلاد. وذلك في ظل تزايد المخاوف من تفشي ظاهرة الإرهاب فيها، عقب استقبال لاجئين على أراضيها.
وقد تبين الحوادث السابقة وجود احتقان بشريحة من الشارع الغربي الملتف على الأحزاب اليمينة، وقد يؤثر ذلك على اللاجئين السوريين المتواجدين في أوروبا، حيث من الممكن أن تعمد بعض البلدان إلى تغيير أجندة الهجرة المقترحة مؤخراً، والتي تنص على إعادة توزيع المهاجرين بشكل متساو بين دول الاتحاد. لا سيما وأن أحداث 13 نوفمبر أسهمت بمطالبة بعض دول الاتحاد الأوروبي لإلغاء الخاصية، على اعتبار أن هذه الدول بالأصل عارضت مقترح الخطة مثل التشيك، هنغاريا، سلوفاكيا وبولندا.
حيث من الممكن أن تساهم الضغوطات من الأحزاب اليمينية إلى إعادة نظر الاتحاد الأوروبي في مقترح الاتفاقية، هذا من طرف، وكذلك إعادة إحياء المفاوضات مع الدولة التركية بشأن الحد من الهجرة إلى البلدان الغربية، من طرف آخر.
المعارض والسياسي السوري “حسام نجار” أبدى اعتقاده حول انعكاسات ما حصل في فرنسا على وضع اللاجئين السوريين في أوروبا وذلك خلال حديث أجرته معه شبكة “ميكروسيريا”، حيث توقع أن يتوقف باب اللجوء إلى أوروبا كأول إجراء يمكن اتخاذه من قبل حكومات البلدان الغربية. ومن الممكن أن ترجع المفاوضات مع تركيا من أجل تحقيق ذلك، مشدداً على أن موقف أنقرة إزاء ذلك سيكون لصالح عودة المطالبة بإقامة منطقة حظر أو منطقة آمنة لوضع اللاجئين فيها، وبالتالي منع تدفقهم إلى أوروبا، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال إصدار السلطات التركية قرار منع توجه اللاجئين لمدينة أزمير خوفاً من تهريبهم، وهو قرار صدر بعد تفجيرات باريس.
واستبعد “النجار” المتواجد في بولندا، إعادة اللاجئين السوريين في أوروبا إلى تركيا لوضعهم في المنطقة المنشودة، لكنه استدرك قوله باعتقاده أن يتم استيعاب غير المدمجين أو الذين لم يتم قبولهم بعد.
ومن جانب آخر، عاود المعارض السوري التأكيد على موقف بعض البلدان الأوروبية مما حصل في باريس، مستنداً إلى تصريحات رئيس بولندا الذي أصبح مصراً على استقبال المسيحين فقط من اللاجئين، وهو مطلب يحاول تطبيقه منذ وصوله للسلطة، وقد اجتمع مع بابا الفاتيكان من أجل ذلك.