أين تقع فيينا؟

17 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2015
3 minutes

آدم ملحم

تجول عدسة الكاميرا المتواضعة في شوارع مدينة دوما، وتنتقل بين ملامح أبنائها وفي جعبتها سؤال واحد أين تقع مدينة فيينا؟، المدينة التي يتفاوض فيها قادة العالم منذ شهور، لتقاسم الكعكة السورية أو كما يقولون التوصل إلى اتفاق سياسي يوقف النزاع الدامي هناك منذ خمسة أعوام.

وبعكس مايبدو السؤال بديهياً للبعض، كانت الإجابات خاطئة صادقة، وبالأدق لامبالية، حزينة بقدر تهكمها، لدى معظم من وقف بمواجهة الكاميرا من سكان المدينة البسطاء، الذين أنهكتهم الحرب حقاً، ودفعوا في سبيل إجرام الأسد ومازالوا، أبنائهم ودمائهم وبعضاً من أعضائهم جراء حصار خانق مافتأ جيش الأسد يفرضه على المدينة المنكوبة منذ سنوات طويلة، و مجازر جماعية مروعة مازال يفتعلها بطائراته التي تقصف الأحياء المدينة والمخابز والأسواق الشعبية وتهدم البيوت على رؤوس ساكنيها.

لاندري أين تقع المدينة بالضبط، قالت بعض الإجابات، ربما في حزة أو عين ترما أو كفر بطنا، وربما تكون أحد العواصم الواقعة خارج سوريا، أو مدينة أوروبية لجأ إليها السوريون، فأغاثتهم أو لم تغثهم الأمر سيان، لترد إجابات أخرى لا كهرباء ولاماء لنسمع تشرات الأخبار الموجزة، فنحن منهمكون بدفن موتانا، أو أننا مازلنا نموت هنا بوعود دول العالم التي لم تفلح خطوطه الحمراء في وقف الأسد عن قتلنا.

هل حقاً تعولون على اجتماعات فيينا؟ سؤال آخر بدى صامتاً فكشفت الإجابات مرارته، لو أراد العالم إنقاذنا لفرض حظر جوي، أو أرسل الإمدادت للثوار، لانعول على أحد إلا الله، ولاننتظر أي شيء فشعب الغوطة “طفران ، مفلس ، تعبان” على ماوصفه أحد الناس هناك، فكل يوم يسمع كذبة أصعب من كذبه نيسان، وعيون العالم أجمعها تناقش مصير الأسد في فيينا لكنها تتعامى عمافعله في غوطة دمشق.

تعكس تلك المشاهد والإجابات التي جمعها الناشطان “عامر قباني” و “أبو وسام الدمشقي” في فيلم وثائقي كتب السناريو له “سلطان حلبي”، وتناقلته العديد من صفحات التواصل الاجتماعي، واقع الحال الذي وصل إليه السوريون عموماً وهم يسمعون ماتمخض عن اجتماع فيينا وعن آفاق الحل السياسي، حال بدا منهكاً متعباً شاحب الأمل، جراء وعود ماراتونية مالبث السوريون أن تلقوها منذ انطلاق ثورتهم التي كشفت كنه الضمير الإنساني العالمي، وهو يقف متفرجاً على دماء ماقارب مليون سوري، يندد تارة ويلوح أخرى يستقبل معارضة هنا، ويخرج أخرى من ردهات القصور، يضع الخطوط الحمراء ثم مايلبث أن يعدل فيها لتناسب نظام الأسد في مابدا أنه تآمر دولي على شعب سورية.

ترى.. هل ستكفل فيينا للسوريين إزاحة الأسد وتحقيق هدف الثورة؟