“الدولة المسيحية” تنظيم جديد في أوروبا على غرار “الدولة الإسلامية”


26

المصدر | عبد الوهاب عاصي

“الإخوة المسلمون سيذبحون مثل الخنازير”، بهذه العبارة استهل تنظيم “الدولة المسيحية” الإعلان عن نفسه في أوروبا، وهو تشكيل ديني يهدف إلى جعل أوروبا دولة خالية من المسلمين وحصرها بالديانة المسيحية، وذلك من خلال عمليات الذبح والقتل التي نص عليها بيان مطبوع وضع في أحد المساجد في عاصمة بلجيكا بروكسل.

وتنظيم “الدولة المسيحية” يشبه الانطلاقة التي تشكل من خلالها تنظيم “الدولة الإسلامية”، حيث يتضح أن أحداث 13 نوفمبر/تشرين الثاني، التي حصلت في العاصمة الفرنسية باريس وأودت بحياة 132 شخصاً، هي سبب الإعلان عن التشكيل الديني المسيحي، الذي تعهد بالثأر للضحايا الذين سقطوا في هجمات باريس.

ووفق صحيفة “لوبارسيان” الفرنسية، التي نشرت نص البيان، فإن تنظيم الدولة المسيحية تعهد بـ “أنه لن يكون هناك مسجداً أو عملاً للمسلمين في أمان في الدول الأوروبية”، وإن ورقة البيان وصلت إلى مسجد في حي “مولنبليك” في العاصمة البلجيكية بروكسل، الذي تحدثت السلطات المحلية والفرنسية عن صلته بعدد من الإسلاميين المتشددين المشتبه في صلتهم بهجمات باريس التي وقعت في وقت سابق هذا الشهر.

وترى السلطات البلجيكية أنه من الممكن أن يكون البيان الذي وجد في صندوق بريد المسجد، مجرد مزحة أو دعابة قام بها مجهولون، لكنها أكدت أن التحقيقات لا تزال مفتوحة بخصوص هذا التهديد لمعرفة دوافعه ومدى حقيقته، إذ أن البيان كان موقعاً باسم “الدولة المسيحية” مع ختم في أسفل الرسالة بشكل صليب. وقد تقدم رئيس رابطة مساحد مولنبليك “جمال حباشيش”، وهي رابطة تضم 16 مسجداً من إجمالي 22 مسجداً في بروكسل، ببلاغ للسلطات البلجيكية بعدما وجد البيان، معتبراً إياه تهديداً بالقتل.

واللافت للنظر، أنه عقب تفجيرات 13 نوفمبر التي ضربت مناطق متفرقة من العاصمة الفرنسية، اندلعت النيران في مخيم “كاليه” شمال فرنسا، والذي يقطن فيه ما لا يقل عن 6000 لاجئ أغلبهم من سوريا، ما اعتبرته وسائل إعلام محلية أنه حادث متعمد جاء انتقاماً للهجمات الانتحارية في البلاد، في الوقت الذي لم تحدد فيه السلطات الفرنسية سبب الحريق.

وفي هولندا أيضا، حاول مجهولون في مدينة “روزندال”، التابعة لمقاطعة شمال برابنت، بعد ساعات من التفجيرات، إحراق أحد المساجد. وعقب يوم واحد، أضرم مجهولون النار في مسجد ببلدة إسبانية، فيما تعتقد الشرطة أن الهجوم جاء انتقاماً للهجمات التي طالت العاصمة الفرنسية. ولم تحدث إصابات نتيجة الهجوم. وفي 16 من نوفمبر، قام مجهولون بإشعال النار عمداً في مسجد بمدينة بيتربورو وسط مقاطعة أونتاريو كبرى المقاطعات الكندية الواقعة شرقي كندا. وهو ما يمكن إرجاعه إلى ما حصل في فرنسا على الرغم من استبعاد الشرطة الكندية في بيان لها وجود صلة لما وقع بالهجمات التي وقعت في باريس.

الدافع هو الخوف من غزو تنظيم الدولة الإسلامية أوروبا:
“سنغزوا روما بإذن الله”، وهو اقتباس من كلمة صوتية كان قد ألقاها زعيم تنظيم الدولة الإسلامية “أبو بكر البغدادي” تحت عنوان “ولو كره الكافرون” متوعداً البلدان الأوروبية بأن التنظيم سيدخل مدنهم. وقد تكررت هذه العبارة على لسان أحد عناصر التنظيم في ليبيا حينما قام بقطع رقاب الأقباط المصريين، حيث كان يحمل سكيناً بيده ويشير إلى أوروبا ويقول “سوف نغزوا روما”.

واللافت أن تنظيم الدولة الإسلامية والذي يعرف بـ “داعش” يحشد لنفسه من أجل التمهيد لحرب بين المسيحين والمسلمين في معركة حاسمة ينتظرها في مرج دابق شمال حلب، وقد لوحظ هذا الأمر عدى عن خطاباته المتكررة في هذا الصدد، من خلال الطبعة الرابعة لمجلته “دابق” الصادرة باللغة الإنكليزية، والتي حمل غلافها صورة ساحة القديس بطرس بروما، يعلوها العلم الأسود.

25

وكانت شبكة “BBC” البريطانية قد نشرت تقريراً مفصلاً سلطت فيه الضوء، عن استراتيجية تنظيم داعش بنقل مقاتليه إلى أوروبا عبر الهجرة غير الشرعية، وزودت التقرير بالتحذيرات التي أطلقها السفير المصري السابق لدى بريطانيا “ناصر كامل” الذي قال “إنَها فقط مسألة وقت قبل وصول مقاتلي (داعش) إلى أوروبا، فقد يستغل الإرهابيون قوارب المهاجرين للوصول إلى الشواطئ الأوروبية ولهذا علينا العمل سريعًا لمواجهة ذلك”.

ومما سبق، على الأغلب يمكن تفسير وجود مخاوف شديدة في الأوساط الأوروبية من انتقال نشاط تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى بلدانهم، وهو حذر أبداه أكثر من مسؤول سواء قبل أحداث باريس أو بعدها.


المصدر : الإتحاد برس