‘مصادر استخباراتية غربية : إيران تنسحب من المعركة في سوريا’
13 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2015
بدأت إيران بسحب نخبة مقاتليها من الحملة العسكرية التي تقودها روسيا في سوريا، وذلك بحسب ما قاله مسؤولون عسكريون أمريكيون ومن دول غربية أخرى، في تصريح يلمح إلى انشقاق في ما أسماه الرئيس الأمريكي باراك أوباما الشهر الماضي متهكماً بـ “التحالف الثنائي”.
وقد أطلعني مسؤولون أمريكيون على ملاحظتهم انسحاب أعداد كبيرة من الحرس الثوري الإيراني من مناطق القتال في سوريا في الأسابيع الأخيرة، وذلك بعد مقتل وجرح بعض الضباط الكبار خلال حملةٍ لاستعادة محافظة إدلب وغيرها من المناطق التي انتزعتها قوات المعارضة بدعم من الغرب ومن دول الخليج العربي. ونتيجة لهاذ الانسحاب يبدو أن روسيا تخسر حليفاً مهماً في حملتها التي بدأتها في أيلول (سبتمبر).
كما قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون يوم الجمعة في اجتماع سابان المنعقد في معهد بروكينجز أن خطة روسيا كانت تقضي في البداية باستعادة إدلب ومدن أخرى من قبضة المعارضة خلال ثلاثة أشهر، لكنه استطرد قائلاً “لن يتحقق ذلك بسبب الصعوبات العسكرية”، مضيفاً بأن الحملة تبدو حتى اليوم “فاشلة”، وأكد على “عدم كفاءة” الجيش السوري و”افتقار الحرس الثوري الإيراني للعزيمة”.
لم يكن هذا التحول في الأحداث متوقعاً، فقد أعلنت عدة وسائل إعلام غربية في الخريف عن مفاوضات كانت قد جرت بين قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ووزارة الدفاع الروسية حول ضخ القوات الإيرانية إلى سوريا خلال الصيف عقب توقيع اتفاقية السلاح النووي الإيراني بين إيران والقوى العظمى الست، في ما كان يفترض أن يغير ذلك من مجريات الأحداث في الحرب السورية، حيث كان بشار الأسد يخسر المزيد من المناطق لصالح تحالف الثوار المدعوم من الولايات المتحدة والسعودية وقطر وغيرهم.
وفي تشرين الأول (أكتوبر) نشرت صحيفة وول ستريت جورنال قول خبراء بوجود أكثر من 7 آلاف مقاتل إيراني من الحرس الثوري الإيراني وغيره من الميليشيات المتطوعة في سوريا لمساعدة النظام الحاكم. وفي آخر الشهر نفسه قدم رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دنفورد شهادة قال فيها أنه هناك ألفي جندي إيراني في سوريا يقودون معركة إنقاذ الأسد.
إلا أن هذا العدد قد تقلص اليوم بحسب ما يقوله مسؤولون أمريكيون وآخرون غربيون. فقد أفصح لي مسؤول رفيع في وزارة دفاع إحدى دول الغرب بوجود 700 مقاتل من الحرس الثوري الإيراني فقط يقاتلون اليوم ضمن الحملة العسكرية التي تقودها روسيا. (هذا العدد لا يشمل الخبراء العسكريين الإيرانيين الذين انضموا إلى صفوف قوات الجيش السوري منذ عام 2012).
يبدو أن أحد الأسباب التي دفعت إيران إلى الانسحاب من سوريا على حد قول المسؤولين هو مقتل وجرح العديد من الضباط خلال المعارك العنيفة التي وقعت خلال الشهرين الماضيين، وما زالت وكالات المخابرات الأمريكية تحاول التأكد من التقارير القائلة بأن قاسم سليماني قد أصيب بجروح في أواخر الشهر الماضي في مدينة حلب، أكبر مدن سوريا.
هذا وقد أخبرني روبرت فورد -السفير الأمريكي السابق لدى سوريا بين عامي 2011 و2014- بأن التقارير القادمة من المنطقة تشير إلى أن مقاتلي الحرس الثوري يخوضون معارك شرسة إذ قال “إنهم يخسرون جنوداً برتبة ملازم، أي أنهم يخسرون الجنود الذين يقاتلون على الجبهات”، وأضاف أنه ربما كان للدعم الغربي والخليجي تأثير كبير في المعارك العنيفة التي واجهها الإيرانيين والروس. جدير بالذكر أن إيران قد بدأت تعترف ببعض هذه الخسائر في صحافتها الرسمية.
لعل السؤال الذي يواجه صناع القرار في الولايات المتحدة هو ماذا سيعني انسحاب الإيرانيين بالنسبة للحملة الروسية؟ فالدولتان ما زالتا مصرتين على بقاء الأسد في السلطة في المستقبل المنظور، بل أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوّح مؤخراً باستعمال السلاح النووي ضد الدولة الإسلامية، دولة الخلافة القائمة في المناطق التي استحوذت عليها في شرق سوريا وغرب العراق.
وفي هذه الأثناء، تقول بعض التقارير الصحفية بأن روسيا تنوي إقامة قاعدة جوية ثانية بالقرب من حمص في وسط سوريا بالإضافة إلى المنشأة التي تمتلكها في اللاذقية على ساحل المتوسط، مما يشير إلى أن موسكو قد قررت تصعيد حربها الجوية. (نشر موقع روسيا اليوم ما يعارض تلك التقارير) وقال مسؤولون أمريكيون أنهم لاحظوا تصعيداً في حملة روسيا الجوية على حلب خلال الأسبوع الماضي.
ومع ذلك يؤكد بعض صناع القرار الأمريكيين على عدم استطاعة الكرملين مواصلة حملته الجوية إلى الأبد، وأشار نائب وزير الخارجية آنتوني بلينكن إلى ذلك الأسبوع الماضي في المنتدى الذي عقدته صحيفة فورين بوليسي حيث قال أنه برغم توسع النفوذ الروسي على الأسد عبر التدخل العسكري إلا أنه كذلك “زاد من تورط روسيا في النزاع. ولا تستطيع روسيا الاستمرار في ما تفعله في سوريا لفترة طويلة”.
كما زاد النزاع من النفوذ الروسي على إيران حيث قال فورد -وهو حالياً باحث في معهد الشرق الأوسط- أنه “إذا شعر الإيرانيون بحاجتهم لعقد صفقة على المدى الطويل، وأن تكلفة المحافظة على حكومة الأسد أصبحت باهظة عليهم، فستكون هذه التطورات إيجابية. أما إن شعروا أنه يمكنهم تحمل تكلفة الحرب لشهور إن لم نقل سنوات، فقد يدفعون هذا الثمن بالفعل، فهم يثمنون بقاء الأسد كثيراً اليوم”.
منذ أن بدأ الشعب السوري ثورته ضد الأسد عام 2011، أبدت كل من إيران وروسيا استعدادها لدفع الثمن الباهظ للإبقاء على عميلهم في السلطة، ورغم الحملة الجوية الروسية وضخ المقاتلين الإيرانيين إلا أن الأسد لم يستطع استعادة دولته. وتأمل إدارة أوباما اليوم أن يكون انسحاب القوات الإيرانية مؤشراً على أن أحد ممولي الأسد قد قررأن يتخلى عن معركة خاسرة.
ترجمة ديمة الغزي
http://www.bloombergview.com/articles/2015-12-10/western-officials-iran-retreating-from-syria-fight