البيان الختامي لمؤتمر الرياض دقّ لناقوس الحرب أم إعلان للسلام؟


شمس الدين النقاز

لم يحمل البيان الختامي لاجتماع قوى الثورة والمعارضة السورية في العاصمة السعودية الرياض الجديد بل كان تواصلا لسلسلة البيانات التي ما فتئت تصدر عقب كل اجتماع للمعارضة السورية منذ سنة 2012 إلى غاية أواخر 2015.

البيان الختامي الّذي وقّعت عليه فصائل المعارضة بعلمانيّيها وإسلامييها حملت في طيّاتها بوادر خلافات وانشقاقات مستقبلية بين هذه الفصائل وبين الفصائل الأخرى المقاتلة على الأرض من أكراد وإسلاميّين متشدّدين.

وهذه بعض الملاحظات على البيان الختامي الموقّع:

1-في النقطة الأولى تم الإتفاق على محاربة الفصائل الإسلامية الّتي تدعو لإسلامية الدولة وذلك بقولهم في البيان “..إيمانهم بمدنية الدولة السورية” وهو ما يعني ضمنيّا تشكيل معارضة سياسية وعسكرية موحدة لقتال تنظيم الدولة الإسلامية بدرجة أولى وجبهة النصرة بدرجة ثانية والفصائل الجهادية المستقلة بدرجة ثالثة.

2-إمكانية مشاركة حزب البعث السوري وقيادييه في الإنتخابات الديمقراطية القادمة وذلك في قولهم في البيان “كما عبر المشاركون عن التزامهم بالية الديمقراطية من خلال نظام تعددي يمثل كافة أطياف الشعب السوري…”

3- الحفاظ على تركيبة الجيش السوري-الّذي قتل قرابة 300 ألف سوري- وإعادة رسكلته وتكوينه وكذلك أجهزة المخابرات حيث جاء في البيان الختامي “وتعهد المجتمعون بالعمل على الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية مع ضرورة إعادة هيكلة وتشكيل مؤسساتها الأمنية والعسكرية”.

4-التشديد على إرهاب الجماعات الجهادية قبل إرهاب النظام وميليشياته من خلال القول “الكما شدّدوا على رفضهم للإرهاب بكافة أشكاله ومصادره بما في ذلك إرهاب النظام وميليشياته الطائفية”.

5-الإتفاق على نزع سلاح كلّ الفصائل المسلّحة بما في ذلك الجماعات الجهاديّة وعلى رأسها تنظيم الدولة الّذي تقدّر قيمة الأسلحة التي يمتلكها بمليارات الدولارات وحصرها بيد الحكومة الشرعية القادمة والتي سيختارها الشعب السوري بانتخابات حرة ونزيهة “مؤسسات الدولة السورية الشرعية والتي يختارها الشعب السوري عبر انتخابات حرة ونزيهة هي من يحتكر حق حيازة السلاح”.

6-طرد المقاتلين الأجانب وعلى رأسهم الجهاديين قبل الإيرانيين والروس “وأكد المجتمعون على رفضهم لوجود كافة المقاتلين الأجانب بما في ذلك من تم تجنيسهم بغرض قتل الشعب السوري…”

7-تم الإتّفاق على الإعتراف الضمني بدور الرئيس السوري بشار الأسد في المرحلة الراهنة للمساهمة في عملية الإنتقال السياسي لأنّ الحل سياسيّ وليس عسكريا “وشدد المجتمعون على أنّ حل الأزمة السورية هو سياسيا بالدرجة الأولى…”

8-التّفاوض مع ممثّلي النظام بينما دعا الشعب السوري إلى محاسبتهم ومحاكمتهم دوليّا لجرائمهم ضدّ الإنسانيّة “وأبدى المجتمعون استعدادهم للدخول في مفاوضات مع ممثلي النظام السوري وذلك استنادا إلى بيان جنيف 2…”

9-وقف اطلاق النار ومغادرة بشار الأسد وزمرته من الحكم وحلّ الكيانات السياسية للمعارضة السورية حال تكوين مؤسسات الحكم الجديد.

10-الإعتراف بدور الأمم المتّحدة والمجتمع الدّولي في الإشراف على وقف إطلاق النار ونزع السلاح وحفظ السلام…في حين أنّها فشلت في ذلك في عدد من الدّول المنكوبة الأخرى على غرار سوريا.

11-التّأكيد على المرجعيّة السعودية للمعارضة المجتمعة من خلال التوافق على تشكيل هيئة عليا للمفاوضات لقوى الثورة والمعارضة السورية مقرها مدينة الرياض لتتولى مهمة اختيار الوفد التفاوضي…:

مؤتمر الرياض لم يختلف عن مؤتمري جنيف 1 و2 وعن مؤتمر فيينا الأخير رغم اختلاف المشاركين فيهم،فقد تمّ إعادة صياغة المطالب نفسها بلغة أوضح وتمّ إعادة التّأكيد على مدنيّة الدولة وقتال كلّ الرّافضين لذلك ومحاورة النّظام مع التشديد على عدم امكانيّة مشاركته في المرحلة القادمة من حكم سورية.

من المرجّح أنّ الحرب السّورية ستتواصل في الأشهر القادمة وستكون أشدّ على الدّول الغربية والعربيّة وتنظيم الدّولة الإسلاميّة من الأشهر الماضية كما سيتواصل سقوط آلاف القتلى والجرحى وتدمير البنية التحتية وتهجير عشرات الآلاف من السوريين نحو الدول المجاورة والدول الأوروبيّة.

نظريّة الحرب العالمية الثالثة بدأت تتعزّز خاصّة مع تصاعد التوتّر بين الأطراف المشاركة في المؤتمر وبين الدّاعمين وبين الدّول المشاركة في التحالف الدولي ضدّ “الدّولة الإسلامية” وبين روسيا وتركيا.

البيان الختامي هو إعلان ضمنيّ عن عزلة مستقبليّة للقاعدة بفرعها السوري “جبهة النصرة” خاصّة بعد توقيع حركة أحرار الشام الإسلامية على بيان لمؤتمر الرياض.

فماذا يخفي المستقبل للشعب السوري وللعالم بأسره؟