كانون الأسود.. قائدا ثورة الغوطة استشهدا في نفس اليوم بفارق 90 عاماً

في مفارقة غريبة من نوعها، وربما لا تكون مجرّد مصادفة، جمعَ يوم الخامس والعشرين من شهر كانون الأول (ديسمبر) استشهاد شخصين عرفتهما غوطة دمشق بقيادتهما لأكبر الثورات التي حدثت في التاريخ السوري الحديث. حيث استشهد قائد جيش الإسلام "زهران علوش" الذي تركّز وجوده في غوطة دمشق، في نفس اليوم والشهر الذي استشهد فيه "حسن الخراط" قائد ثورة دمشق وغوطتها خلال الثورة السورية الكبرى. أما تاريخ استشهادهما فجاء متطابقاً تماماً في نفس اليوم والشهر وهو ( 25 – 12 كانون الأول/ ديسمبر) الأول في عام 2015 والثاني عام 1925، وذلك بفارق 90 عاماً بينهما. من هو حسن الخراط؟ ويعد حسن الخراط المولود في حي الشاغور بدمشق من أشهر قادة ثوار دمشق والغوطة، حيث انضمّ للثورة السورية الكبرى في شهرآب عام 1925 وشكّل مجموعة من مقاتلي دمشق. وبدأ الناس يتوافدون إلى حسن الخراط للاشتراك بالثورة، وقد وصل عددهم من أبناء حي الشاغور نحو خمسين مقاتلاً جاؤوا متقلدين أسلحتهم المتمثلة آنذاك بالبارودة (البندقية) فعرفوا باسم "البواردية". اتبع الثوار وسائل مبتكرة للتزود بالسلاح فكانوا يضعونه في توابيت الموتى - لتضليل الفرنسيين - التي كانت تحمل إلى زاوية الشيخ سعد الدين ثم تنقل ليلاً إلى مقبرة "باب الصغير" حيث توزع الأسلحة على الثوار. كان حسن يهاجم مخافر الشرطة في حي الشاغور، ويلبس رجاله لباس الشرطة الذي يستولي عليه، وتمكن في إحدى المرات من أسر مفوض الشرطة، وقد قام الثوار بقتله فيما بعد انتقاماً لاستشهاد زعيمهم حسن. دخل حسن الخراط مدينة دمشق في 16 تشرين الأول من عام 1925، ووصل بالثوار إلى باب الجابية وأرسلت فرقة إلى قصر العظم مقر الجنرال ساراي المندوب السامي الفرنسي الذي يقال إنه هرب متخفياً بثياب امرأة، وأمر بعدها بقصف زقاق سيدي عامود والمهدية بالمدفع حتى احترق بأكمله، ويعرف اليوم باسم حي الحريقة. وواصل الخراط قيادة هجماتٍ ضد المواقع الفرنسية في دمشق و محيطها، حتّى استشهد في كمين نصبه الفرنسيون له في بستان الذهبي الغوطة بتاريخ 25 – 12 – 1925. من هو زهران علوش؟ خرج "زهران علوش" ابن مدينة دوما والغوطة الشرقية من السجن في 22 يونيو 2011 ، ورأى علوش أن هذا النظام لا يمكن إسقاطه إلا بالقوة، فانخرط في العمل المسلح منذ بداية تسليح الثورة السورية، وأسس تشكيلاً عسكرياً لقتال نظام الأسد باسم "سرية الإسلام"، ثم تطوّر مع ازدياد أعداد مقاتليه ليصبح "لواء الإسلام". وفي أيلول/سبتمبر 2013 أعلن عن توحّد 43 لواء وفصيل وكتيبة في كيان "جيش الإسلام" الذي كان يعد وقتها أكبر تشكيل عسكري في الثورة السورية، وكان يقوده علوش، قبل أن ينضم هذا الجيش إلى الجبهة الإسلامية التي شغل فيها علوش منصب القائد العسكري العام. وجرت أكثر من محاولة لاغتيال زهران علوش بعد تأسيسه جيش الإسلام، لاسيما بعد اشتراكه في محاربة داعش وطردها من الغوطة، ونجا من الموت أكثر من مرة، حتى تأكد استشهاده مساء أمس الجمعة إثر الغارة الروسية التي استهدفت اجتماعاً كان يحضره مع عدد من قادة الصف الأول في جيش الإسلام.