د. شملان يوسف العيسى يكتب: الجدل حول سياسة تركيا



د. شملان يوسف العيسى

يدور جدل في الوطن العربي حول سياسات تركيا ومواقفها من القضايا العربية، فالبعض يتهم تركيا بخيانة القضية الفلسطينية والتآمر عليها، لأنها تحاول تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، فيما يتهم آخرون أنقرة بأن لديها علاقات وثيقة – من تحت الأرض ومن فوقها – بجماعات الإسلام السياسي والجماعات الجهادية التي تعادي الدول والمجتمعات في البلدان العربية.. بينما يصر آخرون على أن تركيا إنما تتحكم بقوى وجماعات المعارضة السورية المقيمة على الأراضي التركية ذاتها. وقد أعلن مؤخراً نائب الرئيس الأميركي «جو بايدن»، أن الأتراك يدعمون أياً كان من أولئك الذين يحاربون نظام بشار الأسد، بمن فيهم إرهابيو «جبهة النصرة».

ولعل أهم الأسئلة التي تطرح نفسها علينا نحن العرب في هذا الخصوص، هي: أين مصالحنا مع تركيا وسياساتها الإقليمية؟ وأين تقف مصالح وطموحات تركيا في المنطقة؟ وكيف يمكن تحقيق مصالحنا مع الجارة الكبرى تركيا؟

تركيا كدولة إقليمية كبيرة لديها طموحات إلى أن تصبح قوّة إقليمية مؤثرة في المناطق المجاورة لها، وتشارك بدور فعّال على الساحتين الإقليمية والدولية. وقد كشف رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلوا منذ سنوات عن إستراتيجية خارجية نشطة تحمي مكانة تركيا التاريخية وقوتها المؤثرة وتلبي مصالحها الاقتصادية المتنامية.. لكن ماذا عن موقفها من سوريا والحرب الأهلية الدائرة فيها؟

لقد بدأت أنقرة تغير إستراتيجيتها في المنطقة بعد ثورات «الربيع العربي» في عام 2011، حيث برزت عدة مشاكل وتوترات بين تركيا وجيرانها. فسوريا التي كانت تركيا تعتبرها بوابتها لدخول العالم العربي والشريك الإستراتيجي الرئيسي لها على المستوى الإقليمي.. وجدت نفسها عندما اندلعت الثورة في سوريا في موقف حرج، فهي من جهة لا تريد وقوع مذابح بشربة مثل ما حدث في حماة عام 1982 في عهد الرئيس حافظ الأسد، حيث قتل أكثر من 20 ألف ضحية هناك.. لذلك حاولت أنقرة التوسط لحل الأزمة السورية في مراحلها الأولى، لكن الدول الغربية قوضت جهود وساطتها، ولم يستجب أحد لمطالبها بضرورة التدخل الغربي لوقف الحرب ولإعلان منطقة حرّة بين على الحدود التركية السورية لحماية اللاجئين السوريين.

إن دعم تركيا لقوى المعارضة في سوريا يمثل مشكلة حقيقية لأنقرة، فتركيا وحلفاؤها يدعمون جماعات إسلامية مختلفة، فيما لم يؤد ظهور «داعش» إلا إلى تفاقم الوضع.

ولعل أهم ما يشغل بال أنقرة هذه الأيّام هو أربع قضايا أساسية: محاربة إرهاب «داعش»، والتحالف مع أكراد العراق، ومواجهة تمرد «حزب العمال الكردستاني» والتصدي لطموحات الأكراد في سوريا، وأخيراً إسقاط نظام «الأسد» الاستبدادي في دمشق.

أنقرة قلقة من موقف الشيعة العرب في العراق.. فالموقف الأخير لبغداد يرفض حضور القوات التركية على الأراضي العراقية لمساعدة الأكراد والتركمان في تحرير الموصل والمناطق المجاورة لها، دليل قاطع على تزايد النفوذ الإيراني في العراق مما يقلق أصحاب القرار في تركيا.

الأحداث في المنطقة تتغير بسرعة هائلة، وعلى العرب جميعاً توحيد مواقفهم واتخاذ سياسات واضحة في دعم أي سياسة إقليمية ما دامت تصب في مصالح العرب وقضاياهم.

المصدر: الاتحاد

أخبار سوريا ميكرو سيريا