من الذي اغتال ناجي الجرف؟


8258_136640000042543_4334702017705674391_nالمصدر – خاص

“اتطمنت عليكم قبل ما روح اتهنوا يا حلوين”، كان يعلم ناجي الجرف قبل أيام قليلة من اغتياله أنه سيغادر الحياة، كما يوضح الاقتباس السابق الموجه لابن أخيه بمناسبة زواجه. لكن ناجي لم يكن يقصد البتة بأن رحيله سيكون برصاصتين في رأسه. فلقد كان يستشعر بأن موته سيكون اغتيالاً من مرضه الخبيث الذي يعاني منه منذ مدة، والذي أدى إلى إصابته قبل أسابيع معدودة بنكسة صحية شديدة دخل على إثرها المشفى حيثما تم استئصال إحدى رئتيه لتفادي تمدد المرض في جسده.

كان ابتهال ناجي طوال الوقت ألّا يغتاله الموت ويبعده عن ابنتيه اللتين كان متعلقاً بهما بشكل شديد، بيد أن هذا الشعور لم يتحقق حينما كان متحضراً من أجل الذهاب لإطعام طفلتيه – كما توضح الصور التي وجدت بجانب جثمانه – اللتين لا أحد منا يدري إن كانتا تُصدّقان أن والدهما قد قتل، فلربما لا تزالان تعتقدان بأن “بابا ناجي” قد سبقهما إلى فرنسا وهم سيلحقونه بعد أيام قليلة. لا سيما وأن “والدهم استطاع إقناع موظّف السفارة الفرنسية في تركيا أن يُمنح هو وأسرته تأشيرة الدخول”.

لكن طفلتا ناجي “يم” 7 سنوات و”ايمي” 5 سنوات، غالباً لا يعلمان أن ثلاثة فتيان صغار بالسن – كما وصف شهود العيان – نزلوا من إحدى السيارات أمام مبنى الأغور بلازا الواقع في منطقة غازي مختار باشا بمدينة غازي عنتاب التركية، ووضع أحدهم مسدسه في رأس ناجي الذي لم تفلح مقاومته في إطلاق الرصاص لتجعله مرمياً على الأرض. استطاع هؤلاء الفتيان الهروب من المكان أمام أعين الناس، لقد أصاب الذهول والخوف غالبيتهم، في ظن أنهم عناصر تابعيين لتنظيم داعش.

يسود اعتقاد أن تنظيم داعش حقاً هو المسؤول عن عملية اغتيال الصحافي السوري – صاحب الصيت الحسن بين جميع الفئات الثورية العسكرية والمدنية والسياسية – لا سيما وأن أقارب ناجي الجرف البالغ من العمر 37 عاماً والذي ينحدر من مدينة السلمية، يُحمّلون التنظيم المسؤولية.

“ناجي” الذي يعادي أفكار التنظيم، بات اغتياله بالنسبة لعناصر الأخير “نصراً وخلاصاً من أحد المرتدين”، الذين أطلقوا تغريدة عبر تويتر يصفونه فيها بـ “عميل الصليبيين”. لكن ذلك لا يعني أن داعش هو حقاً المسؤول عن عملية الاغتيال، وفقاً لعدد من مناصري ناجي الذين أبدوا رأيهم هذا على صفحاتهم بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك.

وقد يكون أقارب ناجي الجرف بنو اعتقادهم ذلك، لأسباب عديدة في مقدمتها عمله مع مجموعة “الرقة تذبح بصمت” التي تنشط سراً منذ شهر نيسان 2014 في المدينة، والتي توثق انتهاكات التنظيم بعدما بات معقله محظوراً على الصحافيين إثر عمليات خطف وذبح طالت عدداً منهم، آخرها اغتيال ناشطين من المجموعة، عثر على جثتيهما مقطوعي الرأس في مدينة أورفا جنوب تركيا. بالإضافة إلى ذلك قيامه بإخراج وإعداد فيلم تسجيلي يحمل عنوان “داعش في حلب” يروي مشاهدات منشقين عن تنظيم داعش وكذلك نظرة عناصر الجيش الحر للتنظيم والأناس العاديين.

وقد أثارت حادثة اغتيال ناجي الجرف، مخاوف شديدة وحذراً بين أوساط الناشطين والصحفيين في مدينة غازي عنتاب بالخصوص وتركيا عموماً، على اعتبار أن غالبيتهم ملاحقين أو مطلوبين لتنظيم داعش.

يذكر أن “ناجي الجرف” كان يشغل منصب رئيس تحرير مجلة حنطة السورية، بالإضافة لعمله كمدير لـ “بصمة سوريا” التي تنسق الدعم للمنظمات المدنية والإعلامية. ومقتله قبل يوم واحد من سفره إلى فرنسا مع أسرته يطرح تساؤلات عن الجهة الحقيقة التي تقف وراء عملية الاغتيال، سواءً أكان تنظيم داعش أو غيره.


المصدر : الإتحاد برس