on
سورية: ريف درعا يوجه اجتياحاً متعدِّد الجنسيات
تشهد الجبهة الجنوبية في سورية تصعيداً غير مسبوق بكثافة الهجمات الجوية الروسية، إذ تجاوز عددها منذ فجر الإثنين حتى ظهر أمس الثلاثاء، تسعين غارة استهدفت مدينة الشيخ مسكين ومحيطها. وتشهد تلك الجبهات معارك ضارية منذ ثلاثة أيام، بين قوات النظام المدعومة بمليشيات متعددة الجنسيات، وفصائل المعارضة السورية التي تحاول التمسّك بسيطرتها في تلك المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية.
وبدأت محاولات النظام لاقتحام مدينة الشيخ مسكين منذ نحو ثمانية أسابيع، إلا أن اليومين الأخيرين، شهدا تصعيداً كبيراً، إذ دفع النظام بالمئات من قواته والمليشيات التي تساندها منذ فجر الإثنين، في محاولة لاقتحام المدينة، في حين نفذت الطائرات الروسية أول من أمس نحو سبعين غارة، وحتى ظهر أمس الثلاثاء أكثر من عشرين هجوماً إضافياً مماثلاً، مكّنت النظام من إحراز تقدمٍ شمالي المدينة.
ويقول الناشط الإعلامي أحمد المسالمة، إن “المليشيات تقدّمت الأحد بعد سبعين غارة روسية، وسيطرت على كتيبة النيران شمالي المدينة”، مبيناً أن “الاشتباكات على أشدّها وتجددت منذ صباح الإثنين متزامنة مع أكثر من عشرين غارة روسية إضافية، وقصف مدفعي وصاروخي تنفذه قوات النظام من مواقعها في أزرع”.
ونجحت قوات النظام فعلاً قبل ظهر الإثنين، في بسط سيطرتها على “اللواء 82”. ونقلت وكالة “سانا” التابعة للنظام، عن “مصدر عسكري” قوله، إن “وحدات من الجيش والقوات المسلحة أحكمت سيطرتها على تل الهش ومعسكر اللواء 82 المحاذي لمدينة الشيخ مسكين”. لكن ذلك لم يستمر إلا عدة ساعات، إذ شنّت فصائل المعارضة هجوماً عكسياً، استعادت خلاله السيطرة على مقر اللواء 82، وسقط فيه عشرات القتلى من المليشيات الأجنبية التي تقاتل مع النظام، بحسب ما أكدت مصادر محلية في درعا.
وفضلاً عن خسائر القوات المهاجمة في معارك أمس، يوضح الناشط المسالمة أن “الجيش السوري الحر قصف خلال المواجهات الدائرة منذ يومين مواقع قوات النظام في مدينة أزرع”، مؤكداً “مقتل القيادي في مليشيا حزب الله الملقب بالشبح مع نائبه وعدد من عناصره، خلال قصف المعارضة على مدينة أزرع، إلى جانب خسائر كبيرة مُني بها النظام، إذ قُتل من قواته 35 شخصاً وأصيب عشرات آخرون ودُمرت لهم دبابتان”.
وإضافة إلى أن النظام يهدف لتحقيق نصرٍ معنوي لقواته وحاضنته الشعبية، فإن موقع مدينة الشيخ مسكين الاستراتيجي، يغريه على ما يبدو في محاولة انتزاعها من فصائل المعارضة السورية، إذ إن الجهة المسيطرة على المدينة، بإمكانها التحكّم في شبكة طرق مواصلات وإمدادات حيوية بين دمشق شمالها، ومركز محافظة درعا جنوبها، إضافة لوقوعها بين محافظة القنيطرة غرباً والسويداء شرقاً.
وتبعد الشيخ مسكين عن مركز محافظة درعا نحو خمسة وعشرين كيلومتراً، والمسافة نفسها تقريباً إلى الجنوب من مدينة الصنمين، التي تحوي الفرقة الخامسة وثكنات عسكرية أخرى، تُعتبر أهم مراكز النظام العسكرية في عموم محافظة درعا، ولطالما اعتُبرت هذه الثكنات درع النظام الأقوى على بوابة دمشق الجنوبية. وكانت فصائل المعارضة السورية قد أحكمت قبضتها وسيطرت بشكل كامل على “اللواء 82″ ومواقع عسكرية كانت آخر نقاط تواجد النظام في الشيخ مسكين، في الثالث والعشرين من يناير/كانون الثاني الماضي.
وشهدت محافظة درعا في الأشهر التالية تقدّماً لافتاً وغير مسبوق للمعارضة، تمثّل بسيطرتها على معبر نصيب الحدودي مع الأردن، ومدينة بصرى الشام، و”اللواء 52” ومناطق أخرى، إذ مال ميزان القوى في درعا خلال الأشهر الثمانية الأولى في العام 2015، لصالح فصائل المعارضة، قبل أن تُصاب الجبهات هناك بالجمود، في الأسابيع القليلة التي سبقت بدء الغارات الروسية في سورية في 30 سبتمبر/أيلول الماضي.
من جهة أخرى يواصل الطيران الحربي الروسي ارتكاب مجازر بحق المدنيين في سورية، إذ ارتفع أمس الثلاثاء، عدد القتلى الذين خلّفتهم أربع غارات روسية استهدفت ليل الإثنين-الثلاثاء مدينة تل رفعت، شمال حلب، إلى عشرين شخصاً، فضلاً عن عشرات الجرحى. وفيما استهدفت الغارات الروسية يوم أمس قرية بداما قرب جسر الشغور في ريف إدلب الغربي، وبلدة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، ومناطق أخرى في ريف حماة الشمالي، فإنها واصلت استهدافها لمواقع في جبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية الشمالي.
وشهدت جبهة الساحل يوم أمس مواجهات عنيفة بين قوات النظام والمليشيات المتحالفة معها من جهة، وفصائل المعارضة السورية من جهة أخرى، خصوصاً في محيط برج القصب ومواقع أخرى في جبل التركمان، وذلك بعد يومٍ من استعادة فصائل المعارضة لسيطرتها على تلة غزالة قرب قمة النبي يونس في جبل الأكراد، إذ تبادل الطرفان السيطرة على التلة في اليومين الماضيين.
المصدر: العربي الجديد – أحمد حمزة