طارق الحميد يكتب : نفاق النظام الإيراني



طارق الحميد

ردود فعل النظام الإيراني، من أعلى سلطة وحتى الأتباع والحلفاء، على إعدام 47 إرهابيا في السعودية، وتحديدا إعدام الإرهابي نمر النمر، دليل على نفاق نظام طهران البعيد عن مفهوم الدولة، الذي لا يزال يعيش في حقبة ما بعد سقوط الشاه، ولحظة وصول الخميني لأرض المطار. السعودية نفذت حكم الإعدام في 47 إرهابيا، وليس في إرهابي واحد فقط. ونفذت حكم الإعدام في 45 سعوديا من أصل 47، ليس فيهم إيراني واحد، فما علاقة طهران بذلك؟ هل لأن النمر شيعي؟ وماذا عن باقي الإرهابيين؟ هل الإعدام حق للسنة، حرام على الشيعة؟ هل كل سني إرهابي، وكل شيعي، برأي إيران، حر، مجاهد؟ ما هذا النفاق؟ نمر النمر، وفارس آل شويل، وأسامة بن لادن، وأبو مصعب الزرقاوي، وحسن نصر الله، وبشار الأسد، وأبو بكر البغدادي، والميليشيات الشيعية الإيرانية بالعراق، وسوريا، كلهم إرهابيون، ووفق مسطرة واحدة، وهي مسطرة نبذ العنف، والتطرف، ورفض التحريض، والقتل الطائفي، ومسطرة احترام هيبة الدولة. نقول النفاق الإيراني، لأن طهران تصور الإرهابي النمر كمسالم، بينما تم إلقاء القبض عليه في عملية تبادل إطلاق نار مع رجال الأمن، وهذا أمر مثبت، وموثق. نقول النفاق الإيراني، لأن المرشد خامنئي يقول محرضا الغرب: «لماذا يصمت من يزعمون دعم حقوق الإنسان؟ لماذا يساند من يزعمون دعمهم للحرية والديمقراطية هذه الحكومة؟»، قاصدا السعودية، يقول خامنئي هذا الكلام وهو الذي يدعم بشار الأسد في قتل ربع مليون سوري، وتشريد أكثر من ثمانية ملايين، هذا عدا عن دعم المرشد للإقصاء الطائفي بحق السنة بالعراق، والتدخل السافر بالبحرين، واليمن، وغيرهما. يقول كل ذلك المرشد الإيراني وسجونه تعج بالمعارضين، نساء ورجالا، صغارا وكبارا، فهل بعد هذا النفاق نفاق! الحقيقة أن تنفيذ حكم الإعدام، وتحديدا بحق 45 إرهابيا سعوديا، واثنين من الجنسية المصرية والتشادية، هو شأن سعودي داخلي، ولا علاقة لإيران به، إلا إذا كانت طهران تعتقد أن كل شيعي ليس مواطنا ببلده، وهذه قصة أخرى، ويجب أن تكون مصدر قلق، ليس لمنطقتنا وحسب، بل وللمجتمع الدولي، لأن هذا يعني أن إيران لا تحترم المواثيق والاتفاقيات الدولية، ولا تحترم كيانات الدول، وهو ما يفسر لنا سلوك نظام ملالي إيران المعروف، ومنذ وصول الخميني إلى طهران، حيث كلما اختلفت إيران مع دولة ما تسمح لرعاعها بمهاجمة المنشآت الدبلوماسية على أراضيها، كما حدث أول من أمس بحق السفارة السعودية بطهران. ولذا فنحن أمام نفاق نظام إيران الصارخ، ونفاق كل من يحاول مسك العصا من المنتصف بمواجهة الإرهاب، والتطرف الطائفي بالمنطقة، التي يجب أن يقال فيها، وبالأفعال، إنه لا دخل لإيران بدولنا، ولا وصاية لها لا على الشيعة ولا السنة، وأنه يجب أن تبقى إيران في حيزها الجغرافي فقط، وقبل هذا وذاك، على نظام إيران أن يلتزم بنهج وسلوك الدولة، وليس العصابات.

المصدر: الشرق الأوسط

أخبار سوريا ميكرو سيريا