إيران وروسيا والخارطة الجديدة.. من يريد تقسيم سوريا؟


resizeimagehandler

هل وصلت كل السبل السورية إلى طرق مسدودة، وما بقي من حل في سوريا إلا حل التقسيم؟ سؤال جوابه آتٍ على فيض من الدم.

برزت تطورات ميدانية في الحرب السورية منذ مطلع 2015، وتصاعدت هذه التطورات بتحرير الثوار  إدلب وسهل الغاب بريف حماة، ووصولهم إلى تخوم الساحل، أبرز معاقل النظام السوري، وسط عجز الأخير عن التصدي للهجوم الواسع الذي شنه الثوار من جهة على سهل الغاب بريف حماة الغربي، الأمر الذي حدا بإيران إلى زج كبار قادتها في جبهات حماة. لكن فشل الحرس الثوري الإيراني في صد هجمات جيشي “الفتح والنصر” دفع بالحليف الروسي إلى التدخل بشكل مباشر للحفاظ على أهم قلاع الأسد وخزانه البشري في سوريا.
وقائع جديدة
نالت التطورات الميدانية على الحدود الشمالية من سوريا مع تركيا اهتمامًا كبيرًا في طريقة تعاطي إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، إذ اتجه لتقديم الدعم الجوي لوحدات حماية الشعب الكردية التي تمكنت من السيطرة على كامل الشريط الحدودي مع تركيا شرقي نهر الفرات، من عين العرب بريف حلب الشرقي إلى القامشلي بالحسكة. وأقفل العام 2015 على وقائع سورية جديدة وخطيرة، لعل أبرزها التغيير الديموغرافي الذي تنتهجه إيران في مناطق سورية محاصرة، بدعم جوي روسي، وآخر تنتهجه الوحدات الكردية في الشمال بحق المكون العربي، بحسب تقارير منظمات حقوقية دولية، بدعم جوي أميركي، وسط غياب شبه كامل لحل سياسي واضح المعالم، وإن كانت محادثات فيينا وضعت حجر الأساس للمفاوضات مزمع عقدها في الخامس والعشرين من الجاري في جنيف بين وفدي النظام والمعارضة.
التطورات الميدانية على الأرض ستحضر بقوة على طاولة المفاوضات، الأمر الذي يضع سوريا أمام سيناريوهات عدة، لعل أخطرها وأكثرها حضورًا هو سيناريو التقسيم. فالحليف الروسي، ومن قبله الإيراني، دعم خط الحماية القريب من الساحل السوري بالعدة والعتاد، وعمقه في محافظة حمص إلى القلمون فالغوطة الشرقية بريف دمشق، وصولًا إلى حماة وسط سوريا.
توافق الحلفاء
يوكد الخبير العسكري السوري محمد حسن، وهو ضابط منشق عن جيش الأسد،  سعي إيران وشركائها إلى التقسيم. وأشار إلى أن حلفاء النظام مقتنعون بأن صناعة هذا التقسيم تجري بالنار والعنف والقسوة، وليس بكواليس السياسة التي لا بد أن تخضع لموازين القوة على الأرض في آخر المطاف، وفق رأيه.
ويضيف الحسن أن هناك توافقًا بين حلفاء الأسد لتنفيذ هذه المخططات، فتحالف إيران- نظام الأسد- حزب الله- روسيا يخوض حربًا شرسة على عدة محاور يعتبرها الحدود الحقيقية للدولة المنشودة، التي سيفاوض عليها العالم قريبًا، “فعلى طول الخط الجغرافي الممتد من جنوب دمشق بما فيه جزء من سهل حوران مرورًا بأجزاء من محافظة القنيطرة وصولًا إلى الزبداني والقلمون حتى نقطة القصير، تمتد حدود الدولة التي يقاتل حلفاء الأسد على تثبيتها غربًا، يوازيها من الشرق الطريق الدولي دمشق-حمص، وصولًا إلى حماة، لتضم بذلك محافظات دمشق وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس”.
وكان نظام الأسد أعلن انتقاله للقتال في هذه المناطق باعتبارها ذات أهمية إستراتيجية أكبر من باقي الأراضي السورية، وبالفعل فإن كل الفعاليات العسكرية والجهود الحربية تتركز في هذه اللحظة داخل هذه المناطق.
تغيير في الأولويات
فشل نظام الأسد على الصعيد المحلي من خلال جميع سياساته وخططه التي طبقها وطهران على الأرض، بتفجير النزاعات الطائفية والإثنية وتغذية غول الإرهاب، ولم تنجح سياساته بصرف نظر السوريين عن أهداف ثورتهم الحقيقية، وإسقاط الأسد، والخلاص من كابوس الاستبداد وجميع الاحتلالات الداخلية والخارجية المرتبطة به.
لكن رغم ذلك، تبدو خطة نظام الأسد وحلفائه، والتي يسعى من خلالها لتقديم نفسه بديلاً عن الإرهاب، ليست جديدة، والتي طالما وصفها المراقبون بالخطة البديلة لديه في حال لم يستطع القضاء على الثورة، واستعادة السيطرة على كامل سوريا.
على الصعيد الدولي، نجح نظام الأسد في جعل العالم أمام خيارين “الأسد أو داعش”، بينما بقيت السياسات الدولية، وخاصة الأميركية منها، تتساهل مع إيران، وتغيّرت أولوياتها في الحدث السوري وباتت تنظر إلى الأسد على أنه مشكلة ثانوية أمام خطر الإرهاب المتمثل بداعش، وهو الضوء الأخضر لنظام الأسد للمضي في خطته نحو التقسيم.
بالمقابل، يرى قادة ميدانيون أن أخطاء فصائل المعارضة ساهمت في طرح سيناريو التقسيم، فضعف التنسيق وارتهان بعضها لقوى خارجية ومراعاة حسابات تلك القوى، كل ذلك كان عنصرًا مساعدًا لتنفيذ خطة إيران في سوريا، فقد تركت كل منطقة تواجه مصيرها منفردة من دون أن تستفيد من إمكانات فصائل الثورة التي تحولت مع الزمن إلى فصائل محلية باستثناء بعضها، كجيش الفتح وغيره.
عوامل الانقسام
العمليات العسكرية المستمرة في أكثر من منطقة لا هدف لها سوى رسم الحدود الجديدة التي يطمح أصحابها إلى إقامتها على أشلاء الدولة السورية، وخاصة على أطراف الساحل وفي ريفي دمشق وحمص من الزبداني والقلمون وغيرهما، هذا لا يعني أن سوريا إذا كانت ستتقسم، بسبب الثورة السورية، ولا هشاشة بنيانها ونسيجها الوطني، ولا نتيجة قرار أحد أمراء الحرب مهما كانت قوته العسكرية، وإنما إذا قرر المجتمع الدولي والأطراف النافذة فيه، هذا رأي الصحافي السوري رواد الحلبي.
وقال أحمد قره علي، المتحدث باسم حركة أحرار الشام الاسلامية، لـ”إيلاف”: “من الواضح أن مثل هذا القرار لم يتخذ بعد لدى أي دولة كبرى، لكن فرضية التقسيم، باسم الفدرالية أحيانًا، تزداد تواترًا في الأوساط الدبلوماسية الغربية، وتبدو كأنها الخيار الوحيد المطروح لوقف العنف الممارس من قبل الأسد وحلفائه، بعد خمس سنوات من القتل والدمار. هي في الواقع، ليست فرضية ولا تنطوي على أي خيار، وإنما تشكل طريقًا للهرب من استحقاق الحرية الذي طالب به السوريون، وتأكيدًا من الدول الكبرى المتنازعة على استهتارها بالمواثيق الدولية، واستعدادها الدائم للإخلال بالتزاماتها، وإمعانها في إخضاع مصير سوريا وشعبها لأجندة صراعات المصالح الدولية”.
التاريخ يقول رحلة سوريا في اتجاه الأقاليم المفترضة لن تكون سهلة، فالاستسلام للأمر الواقع الحالي يعني فوز الأسد بإقليم مفروض فضلًا عن إقليمي داعش والأكراد، لكن هذه الصيغة شديدة الخطورة على الدول المحيطة بسوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، لهذا هناك من يتوقع تصاعد الضغوط الميدانية لإرغام الأطراف على التوجه نحو الحل السياسي المفترض في جنيف-3.

– See more at: http://elaph.com/Web/News/2016/1/1064952.html?entry=Syria#sthash.GaV1URzU.dpuf