الفودكا الروسية تغزو مطاعم اللاذقية في سوريا


13

هافينغتون بوست عربي-

يستبدل إيهاب زجاجات العرق، فخر الصناعة السورية، في واجهة محل صغير يملكه والده في مدينة اللاذقية الساحلية، بعبوات فودكا استجابة للطلب المتزايد على هذا المشروب الكحولي بعد وصول قوات روسية الى المنطقة.

يقول إيهاب (32 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية: “في السابق كان الطلب على الويسكي والعرق أكثر، لكنه بات متزايداً الآن على الفودكا مع قدوم الروس الى سوريا؛ لذلك وضعت هذه الزجاجات في الواجهة كي يتلقفوها مباشرة”.

استقطاب الجنود الروس

وإيهاب واحد من أصحاب المحال والمؤسسات التجارية التي تسعى الى استقطاب الجنود الروس الذين وصلوا الى اللاذقية، المنطقة التي يتمتع فيها النظام السوري بنفوذ بالغ، مع بدء موسكو حملة جوية في 30 سبتمبر/أيلول 2015 دعماً للجيش السوري.

وتتخذ القوات الروسية مع طائراتها الحربية من مطار حميميم العسكري جنوب مدينة اللاذقية، قاعدة عسكرية رئيسية لها.

ويوضح إيهاب أنه بدأ تعلم كلمات باللغة الروسية للتفاهم مع “الأصدقاء الجدد” ولإشعارهم بـ”الألفة والانسجام” بعدما باتوا يترددون على محله.

ويتابع مبتسماً: “رغم عدم إتقاني اللغة الروسية أحاول استخدام بعض الكلمات التي حفظتها من أبي”.

زيادة نسبة المبيعات

ولا يخفي إيهاب تفضيله الزبائن الروس على سواهم. ويقول: “هم مشروع اقتصادي رابح، فقد زادت المبيعات بنسبة 20%، كما أنهم لا يجادلون في الأسعار”.

ويضيف: “أعاملهم معاملة خاصة، وأقدّم لهم هدايا من وقت الى آخر”.

وليس بعيداً عن متجر إيهاب، يقول محمد (26 عاماً)، الموظف في محل للملابس العسكرية: “زبائننا هم الروس أكثر من السوريين”.

ويضيف داخل المتجر الذي رفع على أحد جدرانه العلم الروسي: “ارتفعت المبيعات بنسبة 70%” منذ قدوم الروس.

وتتعدد المنتجات المعروضة داخل المحل في وسط شارع الجمهورية من بزات وسترات وأحذية عسكرية، الى جانب صور الرئيس بشار الأسد “التي نفدت بسبب زيادة الطلب عليها من الجنود الروس”، وفق محمد.

ويؤكد أن التعاطي مع الروس “مريح جداً”، مبدياً فخره لتعلم بعض الكلمات وبينها “بريفيت” أي مرحباً.

ويقول: “هم أيضاً يتعلمون العربية، ويستخدمون بعض الكلمات الشعبية مثل سلام والمتة”، المشروب التقليدي الساخن في سوريا.

أصبحوا أصدقاء

ويضيف: “أصبحوا أصدقاءنا، إذ يمرّون أحياناً لإلقاء التحية أو يلوحون لي أثناء مرورهم أمام المتجر”.

ويسعى أصحاب المطاعم والمقاهي بدورهم الى جذب الزبائن الروس.

في منطقة المشروع العاشر الفخمة في اللاذقية، افتتح حيدر (29 عاماً) مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي مطعماً أطلق عليه اسم “روسيا”، ورفع العلم الروسي عند المدخل، فيما زيّن جدرانه الداخلية بلافتات عليها كتابات باللغة الروسية.

ويقول بحماس: “بدأوا يتوافدون على المطعم رغم افتتاحه حديثاً”، مضيفاً: “أحب روسيا والروس منذ صغري، وحان الوقت اليوم للتعبير عن حبي لهم عبر مطعمي هذا”.

وتعد روسيا حليفة تقليدية لنظام الأسد، ويرتبط البلدان بعلاقات اقتصادية وعسكرية وسياسية. وشكلت موسكو مقصداً لعدد كبير من الطلاب السوريين الذين توجهوا إليها لمتابعة تحصيلهم الجامعي خلال الحقبة السوفييتية.

وبعد اندلاع النزاع في مارس/آذار 2011، قدمت موسكو دعماً دبلوماسياً وسياسياً واقتصادياً لدمشق قبل تدخلها العسكري المباشر.

قوائم طعام روسية

وفي موازاة طباعته قوائم الطعام باللغة الروسية، يحرص حيدر على إحضار أساتذة لغة روسية لتعليم العاملين في المطعم الكلمات الرئيسية تسهيلاً لتواصلهم مع الروس.

ويعلم حيدر جيداً ما يفضله الروس، فهم “يحبون الشاي مع الليمون والبيض المسلوق مع السلطة”.

ويتابع “أخطط حالياً لإحضار طباخ يعرف كل أنواع الأطباق الروسية”.

ولا يتردد حيدر في توديع زبائنه بالحفاوة ذاتها التي يستقبلهم بها، مردداً على مسامعهم مع ابتسامة عريضة كلمة “سباسيبا” باللغة الروسية أي شكراً.

وفي حين يرى حيدر أن الروس “حرّكوا السوق ونشّطوا حياة الليل والنهار”، يبدي أحد رواد المطعم، وهو جندي سوري، استياءه من الاهتمام “المبالغ به” بالروس.

ويقول منفعلاً: “اعترفت دول العالم بالجيش الروسي ونسيت الجيش السوري. نقاتل منذ 5 سنوات ولم أر يوماً محلاً اسمه سوريا أو الجيش السوري”.

رد الجميل للروس

لكن في الشارع لا يخفي السوريون امتنانهم للدعم الروسي المستمر منذ عقود.

ويعتبر طارق شعبو (30 عاماً) أن الفرصة مواتية اليوم “لرد الجميل والتعبير عن الشكر والامتنان” لروسيا.

في شارع الجمهورية باللاذقية، افتتح طارق عام 2012 “مقهى موسكو”. ويقول: “في عام 2012 احترنا كثيراً في تسمية المقهى، لكن بعد الفيتو الروسي الداعم لنا (في مجلس الأمن)، قررنا تسميته موسكو، وقطعت عهداً على نفسي ألا أتقاضى أجراً من أي زبون روسي”.

واستخدمت روسيا منذ بدء النزاع السوري أكثر من مرة حقها في النقض “الفيتو” لعرقلة صدور قرارات عن مجلس الأمن تدين نظام الأسد.

ويقول طارق: “كان مستشارون روس يرتادون المقهى قبل التواجد (العسكري) الروسي على أراضينا ولكن بأعداد قليلة جداً، أما حالياً فيمكنك مشاهدة زبائن روس بشكل شبه يومي”.

ويؤكد أنه يستضيف رواده الروس مجاناً بعدما سمع بمقهى يتقاضى نصف قيمة المشروب منهم، مضيفاً “جاؤوا ليدافعوا عنا وأقل ما يمكن فعله هو استضافتهم في هذا المقهى الصغير”.

ويوضح طارق فيما يهم بإشعال سيجارة بولاعة تحمل شعار الجيش الروسي حصل عليها من صديقه الروسي ليونيل: “اللغة الروسية باتت اليوم امتيازاً في اللاذقية، هي أهم من الشهادات العليا”.

ثم يضيف مبتمساً: “قولوا لأبوعلي بوتين صار عنده محل باللاذقية.. موسكو بيته ومطرحه”.

 

بعد مقهى بوتين … افتتاح مطعم (موسكو) في اللاذقية

أخبار سوريا ميكرو سيريا