اشتعال الاحتجاجات ضد تفشي الفساد الحكومي في إيران


الأزمات المختلفة التي تعاني منها إيران والتي لم يجد النظام حلا مناسبا لها سوى اللجوء إلى معالجات مؤقتة أشبه بمسكنات آلام، أضيفت إليها قضية الفساد المستشري في عمق تركيبة النظام والذي بات هو الآخر يعصف به ويضعه أمام تهديد جدي في ظل مظاهر العزلة الإقليمية التي بدأت تطوق البلاد.

تجمع المئات من الإيرانيين المتضررين جراء فساد مؤسسة “شانديز” المدعومة من الحكومة صباح الاثنين أمام البوابة الرئيسية لوزارة الداخلية في العاصمة طهران.

ونشرت مواقع المعارضة وناشطون عبر الشبكات الاجتماعية، مقاطع فيديو وصورا عن المظاهرة التي ظهر فيها محتجون وهم يهتفون فيها بعبارات “الله أكبر” و”اجتثاث الظلم والفساد”.

كما طالب المتظاهرون بمحاسبة رئيس بلدية مدينة مشهد مركز محافظة خرسان، وهي المحافظة التي تقع فيها مؤسسة “شانديز”، ورفعوا لافتات تطالب باسترداد أموالهم المنهوبة من “العصابات الحكومية”.

واتخذت قوى الأمن الإيرانية إجراء بنشر قوات مكافحة الشغب حول مكان التجمع وقطعت الطريق على المتظاهرين، ومنعتهم من الاقتراب من مبنى الوزارة.

ويقول المراقبون إن على النظام ألا يستمر في التغاضي عن الفساد وإخفاء الحقائق المريبة المتعلقة به، خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية ومجلس الخبراء.

وأشاروا إلى أنه لا أحد يستطيع التنبؤ بتحولات الساحة الداخلية وتعقيداتها لا سيما وأن طبيعة الدولة وتعدد مراكز القوة العنكبوتي يجعلان من السهل إجهاض أي جهود إصلاحية يمكن أن تمس مصالح الكبار.

وكان محتجون قد تجمعوا أمام مبنى المؤسسة بمدينة مشهد شمال شرق البلاد، الخميس الماضي، ويبدو أنهم وسعوا من رقعة احتجاجاتهم لتصل إلى العاصمة، وسط تكتم شديد من وسائل الإعلام الحكومية.

مراقبون: طبيعة الدولة وتعدد مراكز القوة يجعلان من السهل إجهاض أي جهود يمكن أن تمس مصالح الكبار

وتعتبر قضية مؤسسة “شاندير” لشركات البناء والإعمار واحدا من أكبر ملفات الفساد في حكومة الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد ويتهم فيها مسؤولون سابقون باختلاس حوالي 27 مليار دولار.

وفي إشارة إلى تفشي الفساد، قال حسين الخميني، حفيد أول مرشد للبلاد، في وقت سابق إن “الشعب مستاء من هذا الوضع في حين لم يتجرأ أحد في السنوات الأخيرة على أن يمس ألف تومان، إلا أننا نشاهد اليوم أن التلاعب بالمليارات لا يعتبر رقما ملحوظا”.

ومنذ انتخابه، ظل الرئيس الإيراني حسن روحاني يؤكد أنه يريد مكافحة الفساد المستشري في نظام الولي الفقيه الذي يرفع شعار الدفاع عن الفقراء حيث بلغت هذه الظاهرة مستوى لا يمكن إنكاره، مما اضطر المرشد الأعلى علي خامنئي نفسه إلى الاعتراف بها.

وكان خامنئي قال شخصيا خلال تصريح له إن “الحديث عن الفساد لا يجدي فائدة. لا يمتنع اللص عن السرقة بالكلام البحت عن السرقة. يجب التدخل”.

ومن أجل امتصاص الضغط والاحتجاج الشعبي المتزايد بخصوصه، اضطرت طهران إلى تشكيل مؤتمر “النزاهة الإدارية”، وهو عبارة عن لجنة تتابع وتحقق في عمليات الفساد، لكنه لم يقم بالمطلوب على ما يبدو منذ تأسيسه قبل عامين.

وفي خضم ذلك، تستمر الأجنحة المختلفة للنظام ولا سيما جناحي رفسنجاني وخامنئي بالتراشق في ما بينها واتهام الواحد للآخر بأنه سبب الكارثة الاقتصادية التي تخيم على إيران ويدفع الشعب الإيراني ثمنها.

جناح رفسنجاني لوح من خلال صحيفة “جمهوري” صراحة قبل أيام بأن زمرة خامنئي وقوات الحرس الثوري تعتبران بمثابة مؤشرات بارزة على الفساد الحكومي وإيجاد الهوة الطبقية الشديدة في المجتمع.

من جهته، أكد النائب البرلماني غلام علي جعفر زاده أيمن آبادي أن وزراء في حكومة نجاد التي كانت تزعم أنها تمثل الفقراء، كانوا يوزعون نقودا من الذهب الخالص على ضيوفهم في الأعراس والأفراح الخاصة.

وبرزت فضيحة الفساد بوضوح مع رجل الأعمال الإيراني بابك زنجاني الذي ارتبط اسمه برضا ضراب رجل الأعمال التركي الإيراني المتهم بقضايا فساد في تركيا، حيث تم الكشف في 2014 عن صفقات نفط مشبوهة واختلاسات كبرى قام بها.

وطالت الفضيحة نائبي نجاد، محمود رضا رحيمي، الذي يقبع في السجن لإتمام محكوميته (5 سنوات)، وحميد بقائي المحتجز منذ يونيو الماضي دون أن تفصح السلطات عن فحوى التهم الموجهة إليه.

المصدر: العرب