ليونيد بيرشدسكي يكتب: «روس» ألمانيا.. ضد الوافدين



ليونيد بيرشدسكي

زايد القلق من 1.1 مليون شخص من طالبي اللجوء السياسي استقروا في ألمانيا عام 2015 بعد موجة من الاعتداءات الجنسية والسطو في مدينة كولونيا في احتفالات رأس السنة والتي يعتقد أن مرتكبيها شبان وصفوا بأنهم من الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا. وعبر مهاجرون سابقون أو أبناء مهاجرين عن قلقهم من تدفق وافدين جدد من بلدان غالبيتها مسلمون. وفي عام 2014 بلغت نسبة سكان ألمانيا ممن لهم خلفية في الهجرة «بالمعنى الصارم» للكلمة 20.3 في المئة بحسب وكالة الإحصاء الرسمي الألمانية. وهذا يعني أن هؤلاء مهاجرون أو يعيشون مع أبوين من المهاجرين. ورغم شيوع فكرة أن الأتراك والبولنديين يمثلون أكبر جماعات المهاجرين في ألمانيا، لكن أكثرية ممن ينطبق عليهم هذا التعريف من الشعوب الناطقة بالروسية القادمين من الاتحاد السوفييتي السابق، في الأساس من روسيا وأوكرانيا وقازاخستان.

وكثير من هؤلاء المهاجرين البالغ عددهم 2.9 مليون وخاصة القادمين من كازاخستان يحملون الجنسية الألمانية، وكانوا قد غادروا بلادهم قبل انهيار الاتحاد السوفييتي بقليل أو بعده بقليل. وكثير آخرون من اليهود الذين دعتهم الحكومة الألمانية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. ثم تبعهم موجة من الأشخاص الذين ضاقوا ذرعا بنظام الرئيس فلاديمير بوتين أو جذبتهم مكانة برلين كمركز نشط للتكنولوجيا. لكنهم جميعا يمثلون جماعة متماسكة يتحدثون الروسية كلغة مشتركة ويشتركون في ثقافة الاتحاد السوفييتي. وينظر إليهم جيرانهم الألمان باعتبارهم جميعا «روس». وللروس في برلين محطة إذاعية ومنافذ إعلامية أخرى ونواد ومطاعم ومتاجر بقالة ومتاجر لبيع الكتب وأيضا مؤلفون وفنانون.

وأبلى الروس بلاء حسنا باعتبارهم جماعة مهاجرة كبيرة. فبعد أن فر كثيرون منهم من الفقر المدقع أصبح لديهم الآن وظائف جيدة في النشاط الاقتصادي والحكومة والجامعات. فلديهم كثير مما يخافون عليه وبعضهم يتوجس خيفة مما يراه ويقرأه عن الوافدين حديثا من الشرق الأوسط. وينتقدون المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لسماحها لعدد كبير من الناس بدخول البلاد دون تدقيق ملائم. لكن مازال عدد الشرق أوسطين والأفارقة في ألمانيا أقل من «الروس». وترى نسبة كبيرة جدا من «الروس» أن المسلمين والأفارقة مختلفين ويمثلون تهديدا محتملا.

واقترح «روسي» يدعى يفيجيني جيلر ويقيم في دوسلدورف ألا يسمح بدخول البلاد إلا للنساء والأطفال والرجال الذين تزيد أعمارهم على 40 عاما حتى لو جعل هذا من شبه المستحيل أن يستفيد الاقتصاد الألماني على المدى المتوسط من زيادة قوة العمل. ويرى «جيلر» أن المهاجرين الجدد لا يريدون الاندماج كما فعل «الروس» من قبل. فحتى وسط الأتراك الذين يعيشون في ألمانيا منذ عقود لم يحصل إلا 14 في المئة منهم على شهادة المدرسة العليا الضرورية للالتحاق بالجامعات والحصول على التدريب المهني، في مقابل حصول أكثر من نصف المهاجرين الأوكرانيين على هذه الشهادة.

ومخاوف «الروس» الواضحة من الوافدين يمكن اعتبارها دليلا على أن جماعات المهاجرين تندمج في المجتمع الألماني في نهاية المطاف. ومشاعر «الروس» هذه قد تمثل بادرة أمل بالنسبة للسلطات الألمانية لأنها تشير إلى أن الوافدين الجدد قد يشعرون ذات يوم مثل «الروس» الآن بأنهم ألمان بما يكفي كي يرفضوا الجيل التالي من المهاجرين.

المصدر: الإتحاد

أخبار سوريا ميكرو سيريا