on
منار رشواني يكتب: مضايا.. و”مقاومة” ورئيس “شرعي”!
منار رشواني
بعد سنوات على ما ارتكبه بحق السوريين منذ اندلاع ثورتهم في العام 2011، لا يُفترض أن تكون مستغربة أبداً الجريمة الأحدث لحزب الله؛ بحصاره بلدة مضايا، وتجويع أهلها حد القتل، منذ أكثر من 200 يوم. لكن المستغرب فعلاً، رغم هذا التاريخ الدموي المديد للحزب، هو ما تضمنه البيان الصادر عن إعلامه “الحربي”، أول من أمس، بأن ما تتناقله وسائل إعلام (تكاد تكون كل وسائل الإعلام في العالم، باستثناء التابعة لإيران) بشأن (جريمة) مضايا، هو “حملة مبرمجة بهدف تشويه صورة المقاومة”.
إذ لكأن الحزب ما يزال يظن أن هناك من يصدق أنه “مقاومة” بعد كل الجرائم المرتكبة دفاعاً عن بشار الأسد ونظامه المجمع على استبداده وفساده منذ عقود؛ فلا يستطيع حتى الشبيحة من كل لون الخروج عن هذا الإجماع، وإن برروه بأن الطريق إلى القدس تمر عبر تدمير سورية وتقتيل أهلها أو تهجيرهم كما هو مطلوب في مضايا والزبداني، وقبل ذلك تدمير العراق أيضا، وإبادة أهله على أساس طائفي، دائماً على يد إيران ومليشياتها.
بل وحتى هذه الطريق -المضحك المبكي الحديث عنها أصلاً- اختفت مع التدخل العسكري الروسي المباشر في سورية، ضمن تنسيق على أعلى المستويات مع إسرائيل التي تتواصل عملياتها العسكرية في السماء وعلى الأرض السوريتين، ربما بكفاءة أعلى من السابق، كما أظهر قتل سمير القنطار قبل فترة وجيزة.
أما إن كان حزب الله يصدق ما يقول، فيكون السؤال: ما هو تعريف “المقاومة” اليوم؟ أو بعبارة أدق: مقاومة ضد من، طالما أن إسرائيل مستثناة عملياً؟
هذا سؤال تجيب عنه الممارسات قبل التصريحات الإيرانية الرسمية الطائفية، كما من خلال دور أتباعها في العالم العربي ومنهم حزب الله؛ في العراق وسورية وحتى اليمن حيث التحالف مع علي عبدالله صالح بكل ما يمثله من استبداد وفساد أيضاً على امتداد عقود حكمه، وسعيه للثأر بعد عدم تمكنه من توريث الرئاسة لابنه.
وفي الحديث عن التوريث، لا بد وأن يحضر مباشرة رمز “الممانعة” الأقدم من صالح وابنه، وهو بشار الأسد؛ الذي يقال إنه رئيس “شرعي”، وبالتالي تجري على أرض “بلده!” وبحق “شعبه!” جريمة مضايا وسواها. لكن رغم ذلك يغيب نظام الأسد؛ رأساً وحكومة، عن كل الجدل، ولو حتى دفاعاً عن الجريمة وتبريراً لها كما فعل حزب الله!
وإذا كان هناك من يدافع عن إبادة الشعب السوري باسم حماية “الدولة السورية” المختزلة؛ حاضراً وماضياً ومستقبلاً، في شخص بشار الأسد، فيكون كافياً هذا الغياب، الجديد وليس الأول أبداً، للتدليل على ما بقي من سورية في ظل هكذا نظام.
يبقى الأهم، وهو أنه قد يُفك الحصار عن مضايا، ولربما ينجح حزب الله -مستقبلاً إن لم يكن الآن- في تهجير أهلها واستبدالهم بلبنانيين وإيرانيين وأفغان على أساس طائفي. لكن الجراح التي خلفتها الجريمة لن تندمل أبداً ولن تذهب ندوبها، وستظل وقوداً للفتن الطائفية التي ما أشعل نارها الأولى إلا الاستبداد والفساد، أياً كانت ذريعتهما الزائفة. وهنا يكفي إثباتاً النموذج الأحدث الذي قدمه أحد رموز “المقاومة والممانعة”؛ نوري المالكي، عبر سياساته في العراق حيث نشأ تنظيم “داعش” واشتد عوده
المصدر: الغد
أخبار سوريا ميكرو سيريا