محمد الحمادي يكتب: هل يُصعِّد العرب ضد إيران؟



محمد الحمادي

ليكن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي سيعقد في القاهرة، اليوم، على مستوى طموح وتطلعات الشارع العربي، وليكن على قدر المسؤولية التاريخية، وفي مستوى الحدث الكبير الذي تشهده المنطقة العربية والإقليم.

فعندما يجتمع وزراء خارجية العرب في ظروف حساسة كالتي نمر بها اليوم، فإنهم مطالبون بمواقف وقرارات وخطوات عملية وشجاعة، ولا شك أنهم يدركون أن في طهران من يجلس واضعاً رجلاً على رجل، مبتسماً، وهو يراهن على فشل اجتماعهم وانتهائه بلا نتائج، فهناك من يعتقد في طهران أن العرب لا يتفقون أبداً، فهم الذين لم يتفقوا من قبل على أشياء كثيرة، بما في ذلك قضيتهم الكبرى وعلاقتهم بإسرائيل، ومن ثم لم يكن لهم موقف موحد من تصرفات وتحركات وتدخلات إيران في المنطقة، وبالتالي فإنهم لن يتفقوا اليوم.

وهذا أحد الأسباب التي جعلت التصعيد الإيراني ضد المملكة العربية السعودية مستمراً، وفي الوقت نفسه تجعل النظام الإيراني لا يعترف بأي خطأ، ولا يتراجع عن أية خطوة ضد دول المنطقة، بل على العكس تماماً، فإن كل الأصوات داخل إيران تهيج الرأي العام الإيراني ليس ضد المملكة فقط، بل ضد العرب كلهم، ومنها تصريح وزير الدفاع الإيراني السابق بالأمس عندما قال إن «السعودية تقوم بتصرفات جنونية».. والحقيقة أن الكل يرى من أين يأتي الجنون في هذه المنطقة، ومن الذي يسعى له، ويبقى أننا لا يهمنا المجنون ولا تصرفاته المجنونة، فكل ما يهمنا هو موقفنا كعرب وقراراتنا كدول متضررة من سياسة جارة لا تكف عن العبث بأمن واستقرار المنطقة.

التصعيد الإيراني لا يمكن أن يقابل إلا بتصعيد عربي ومواقف أكثر وضوحاً، والسبب بسيط، وهو أن طهران هي البادئة بالتدخل وبالإساءة والاستفزاز، وهي المعتدية على الأراضي والمصالح العربية، وتماديها لم يأت إلا من غرورها، ومن تساهل العرب وتفرقهم، وعدم اتخاذ موقف موحد تجاه إيران.

والمؤسف أن بعض العرب إلى اليوم لا يفهم العقلية الإيرانية، وينخدع باعتقاد أن إيران تميز بينهم وبين الآخرين من العرب، ولا أعرف متى يدرك العرب من الخليج إلى المحيط أن النظام الإيراني ينظر للعربي في المغرب وأفريقيا والشام والخليج نظرة واحدة، ويضعهم في خانة واحدة وهي أننا «عرب».

فليكن الحدث الذي نعيشه اليوم فرصة لكشف النظام الإيراني، وإعادة بناء علاقتنا معه على أسس واقعية لا عاطفية حالمة.. لذا فإن وزراء الخارجية العرب مطالبون بأن لا يخرجوا من اجتماعهم اليوم إلا وهم متفقون وعلى قلب رجل واحد تجاه تصرفات إيران وعبثها، وكذلك يجب أن يكونوا متفقين على التصعيد الجماعي إذا أصرت إيران على التصعيد، فلا تراجع عن الحق، خصوصاً أننا نلاحظ أن طهران تصر على استخدام منطق «الثور» بدلاً من منطق «الدولة» في علاقاتها مع جيرانها.

المصدر: الإتحاد

أخبار سوريا ميكرو سيريا