ملف التأشيرة التركية: الاتحاد برس تسلط الضوء على معاناة مئات العالقين في لبنان


visaالمصدر – يمنى الدمشقي

ظن “وسام” أن اليومين الأخيرين الذين يفصلانه عن قرار تطبيق الفيزا في تركيا على السوريين سيكونان حاسمين في حياته، بعدما قضى ثلاثة سنوات في لبنان يعمل دون أن يؤمن لمستقبله شيئاً، انبرى في العمل في مجال إصلاح السيارات وبيع القطع المستعمل منها ليتمكن من إعالة نفسه وإعالة أسرته في سوريا، إلأ أن سوء المعاملة التي كان يتعرض لها في عمله والتي جعلت من رؤوسائه يتقاعسون عن دفع أجوره دفعته للتفكير جدياً، في السفر من لبنان إلى تركيا قبل تطبيق قرار الفيزا علّه يتمكن من عبور المتوسط ودول البلقان إلى أوروبا.

باع وسام سيارته وترك عمله ليسلك طريقه إلى تركيا، لم يكن يعلم بما تخبئه له الساعات القادمة في مطار بيروت، فسرعان ما وصل لختم جوازه فوجئ بمذكرة إيقاف بحقه أعاقته عن متابعة طريقه إلى تركيا، وألصقت به تهمة تزوير جوازات ! وغيبت أخبار الشاب عن أهله منذ أربعة أيام، ويعتقد أقاربه أن هذه التهمة ألحقت به عن قصد، إذ أنه بالأصل لاعلاقات له في بيروت ولم ينخرط كثيراً في أوساط السوريين هناك، ولا زال وسام حتى اللحظة مجهول المصير ولازال أهله يخشون من أي قرار قد تتخذه الحكومة اللبنانية بترحيله إلى سوريا.

ولم تكن قصة وسام هي الوحيدة من بين عشرات القصص لسوريين آثروا الهروب من سوريا إلى تركيا مروراً ببيروت قبيل تطبيق قرار فرض التأشيرة عليهم، ولنبيل حكاية أخرى وهو أب لثلاثة أطفال وزوجته حامل، إذ عاش نبيل في مصر ما يزيد عن عام ونصف تلقى خلالها المساعدات من منظمة الأمم المتحدة إلى أن قطعت الأمم المتحدة المساعدات عنه، وبات عاجزاً عن تأمين كافة متطلبات أسرته فاتخذ قراراً بالعودة إلى سوريا رغم أن منزله قد تدمر، فعاد وعاش مع والده ووالدته المريضين لما يزيد عن عام أدرك خلالها أنه من المستحيل البقاء في سوريا ولا بد من تأمين أي طريقة للعيش مع أسرته بعيداً عن آلة الحرب والموت، فاستدان من أهله وأقاربه وباع قلادة لزوجته ليتمكن من تأمين بطاقة الطائرة من سوريا إلى تركيا حتى دفع (600) دولار وآثر العمل في فترة الشتاء في تركيا إلى أن يعود موسم الهجرة في الصيف ويسلك طريق البحر، إلا أن نبيل كان من الموقوفين في مطار بيروت الذين منعوا من السفر إلى تركيا، ولا يدري حتى الآن ماذا يفعل خاصة أن عودته إلى سوريا باتت محتمة.

ويروي السوريون الذين وصلوا مطار رفيق الحريري من دمشق أنهم يتعرضون لمعاملة سيئة من قبل الأمن اللبناني الذي تقصد تعسير إجراءاتهم ليفوتهم موعد الطائرة المتجهة إلى تركيا، متهمين لبنان بالتواطئ لإعاقة سفرهم.

وإذ تتنوع قصص هؤلاء تتنوع معها مأساة سوريين آخرين ربما لم يكونوا عالقين في المطار إلا أنهم باتوا يعتبرون لبنان سجناً آخر للسوريين يحاولون بطريقة أو بأخرى الخروج منهم وإيجاد مهرب من حياة لم تعد مضمونة هناك، حيث تقول عبير وهي فتاة سورية تعمل مع إحدى الهيئات الخيرية “سجلت وعائلتي مراراً في برنامج إعادة التوطين التابع لمفوضية الأمم المتحدة، إلا أن طلبات الرفض تتالت علينا ولا مستقبل لي وإخوتي في لبنان، كنت آمل في الصيف القادم أن نسافر إلى تركيا علني أجد عملاً أفضل من الذي أعمل به لكنني الآن فقدت أي بصيص أمل في ذلك، كيف لدولة كتركيا ادعت أنها تساندنا وثورتنا حتى آخر رمق أن تتخذ قراراً مصيرياً بحق السوريين كهذا؟! أظن أن آلاف السوريين اليوم باتوا في سجن كبير يدعى لبنان”

وإذ يجهل الكثير من السوريين مصيرهم حتى الآن سواء من العالقين في مطار رفيق الحريري أو في لبنان، يعودون لطرح سؤالهم المعتاد “لماذا يتوجب عليهم دفع الضريبة الأكبر في أي لعبة سياسية”؟!


المصدر : الإتحاد برس