(البالة) … سوق يزدهر في سوريا مع غلاء الألبسة الجديدة
12 يناير، 2016
خالد عبد الرحمن:
يلقى سوق (البالة) أو الملابس المستعملة في سوريا، إقبالاً متزايداً على بضائعه، بسبب غلاء أسعار الألبسة الجديدة محلية الصنع، وانخفاض القوة الشرائية لليرة السورية بين يدي الناس.
وبات يلجأ إليه في الفترة الأخيرة نازحو المناطق الساخنة، للتعويض عما تركوه وراءهم، بعد هروبهم بملابسهم التي يرتدونها فقط من المناطق التي تشهد اشتباكات.
في وسط مدينة كفرنبل تحول أحد الشوارع في المدينة إلى ما يشبه سوقاً للبالة والألبسة المستعملة، يعرض التجار في هذا السوق بضائعهم على بسطات الملابس، وفي المحال التجارية التي حولوها لهذا الخصوص.
“علي” مدرس في إحدى المدارس، بدى منهمكاً باختيار بنطال (جينز) وقميص من البسطة، وفي حديثه لـ “ ” عن (ولعه) بالألبسة المستعملة، ورخص أسعارها وامتداح جودتها قال إنه يواظب على شرائها كونها أوربية المصدر، ولا تبلى بسرعة، كما هو حال بعض البضائع المحلية رغم ارتفاع أسعارها، مؤكداً أن الموضوع ليس مرتبطاً بفقر الحال، وإنما البحث عما هو جيد، فهو يحرص ألا يضيع نقوده بلا طائل.
ويواظب “يحيى” هو وعائلته النازحة من سهل الغاب على زيارة محلات البالة والشراء منها بعد هروبهم من قريتهم الصيف الماضي بثيابهم التي كانوا يرتدونها، حيث نوّه في حديثه لـ “ ” إلى أنه كان يعمل بالزراعة ومع تقدم قوات النظام أضطر للخروج من القرية بملابسه الصيفية التي يرتديها.
وأردف أنه بعد توقف مصدر رزقه الوحيد، وبعد ادخاره لبعض المال ليزرع به الأرض في فصل الشتاء، يرى في البضاعة المعروضة في محال البالة بديلاً عن تلك الجديدة، حيث يحتاج ملابساً لأربعة أشخاص هم أفراد عائلته، الأمر الذي يبدو مكلفاً لو تطلب شراء الألبسة الجديدة.
ومنذ زمن طويل، واستيراد الألبسة المستعملة “البالة” محظور في سورية، سعياً من الحكومة السورية لحماية ودعم الصناعة المحلية، لكن أسواق البالة لم تتوقف عن العمل، والبضائع التي تصل إليه في معظمها عن طريق التهريب من الإمارات والأردن وتركيا التي أصبحت المصدر الوحيد لبضائع الشمال السوري اليوم، بحسب ما أوضح صفوان السراقبي مالك أحد محلات البالة.
وأشار السراقبي في حديث لـ “ ” أن الناس تقبل على شراء الألبسة المستعملة كون أسعارها منخفضة مقارنة مع مثيلاتها من الألبسة الجديدة التي تستورد من مناطق سيطرة النظام، بالإضافة إلى فتح معابر مع تركيا سهلت دخول تلك البضائع.
ونوه السراقبي إلى أن ارتفاع أسعار البالة يتأثر طرداً بارتفاع سعر الدولار، كون جميع تجار الألبسة المستعملة يشترون بضائعهم بالسعر العالمي “للطرد”، حيث يقومون بفرزها وبيعها بحسب جودتها، وتتراوح أسعار مبيع القطعة الواحدة بين الدولار الواحد كحد أدنى وعشرة دولارات بالحد الأقصى.
ولا تقتصر البالة على البيع في الأسواق، بل تعدت ذلك لتغزو العالم الافتراضي، من خلال إنشاء عدة مجموعات عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” للترويج للألبسة والحاجيات المستعملة.
“البالة” هذا النوع الجديد من التجارة بات يلقى إقبالاً متزايداً كأحد الحلول البديلة التي يلجأ السوريون إليها، للتعايش مع الظروف القاسية التي تفرضها عليهم ظروف الحرب والنزوح ويجتهدون لدفع أضرارها.