ماذا حول بيان المتحدث باسم لجنة المفاوضات د. رياض نعسان آغا ؟


Screenshot_1-51

خاص – المصدر

أصدر الدكتور رياض نعسان آغا المتحدث باسم لجنة المفاوضات بياناً ضجت به وسائل الإعلام مؤخراً، وذلك بعد أن تعرض لحملة هجومية شنتها بعض الجهات والشخصيات ضده، على أنه كان أحد رجالات النظام قبل إعلان موقفه المعارض لنظام بشار الأسد بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سورية.

ولو تمعنا في تلك الحملة غير المبررة والتي توجه اتهاماً ليس باتهام إذ معظم شخصيات المعارضة كانوا يوماً موظفين في دوائر النظام، بل هنالك منهم من كان لديه العلاقات المتميزة مع الحكومة السورية ككل بحكم عمله، إلا أننا نشهد هنا حملة عامة ضد الشخصيات التي قد يكون لها يد في عملية التفاوض مع النظام، لاسيما تلك الشخصيات التي أتت من خارج التيار المطلوب والذي اعتمد على شخصياته في مختلف التشكيلات الرسمية المعارضة بدءاً من المجلس الوطني السوري منذ بدايات الثورة السورية.

لم تبدأ اليوم تلك الصراعات في صفوف المعارضة السورية، بل ما يحدث اليوم هو امتداد لما بدأ منذ الأيام الاولى، حيث تعمل جهات معينة على انتزاع أيه شرعية من أية شخصية لم تكن من الدائرة المطلوبة، ليتم حرق أي اسم يدخل على المعارضة من خارج ما تم توريثه للمعارضة من أعضاء المجلس الوطني السوري والائتلاف، تلك الأيادي الخفية التي لم ولن تتوقف عن هذه الطريقة في تهميش هؤلاء الذين لم يكونوا ضمن السرب المنسق والمنمق والمفترض.

فالقضية لا تتعلق بشخص الدكتور رياض نعسان آغا فحسب، بل هي قضية تتعلق بكل من قد يصل إلى موضع يتعلق بالقرار في المعارضة السورية، ولا يكون ضمن الأجندة المطلوبة، والتي سارت عليها المعارضة السورية منذ البداية وأثبتت فشلها يوماً بعد يوم، فإياكم ثم إياكم أن تقتربوا من دكاكيننا الخاصة وتحاولون إدارة بعض أقسامها، لاننا سنجعل كل واحد منكم عميلاً للنظام، وكما تعلمون لدينا القدرة المالية والاداة الإعلامية المأجورة لذلك.. هذا هو الحال للأسف.

نص بيان الدكتور رياض نعسان آغا

بيان شخصي

كثر الهجوم علي منذ أن ظهرت متحدثا باسم الهيئة العليا للمفاوضات، وكان المهاجمون يتهمونني بأنني عملت مع النظام !! وكأنهم يكتشفون سراً . وأنا لم أنكر يوما أنني عملت في الدولة التي أنتمي إليها، وقد تدرجت في العمل الوظيفي من مدرس أدب ، إلى إعلامي ، وشغلت موقع مدير برامج التلفزيون السوري عشر سنوات، وتخللها فترة جمعت فيها إدارة ثانية هي مديرية الانتاج الدرامي، وفي عام 1990 رشحت نفسي عضوا لمجلس الشعب عن فئة المستقلين بعد توسعة التمثيل لهم، وووجدت أن الديموقراطية حلم بعيد المنال فلم أترشح لدورة ثانية، وفي هذه الفترة دعيت للقاء رئيس الجمهورية، وانعقدت صلتي الثقافية معه وطلب مني أن أكون مدير مكتب الشؤون السياسية في رئاسة الجمهورية ، وبعد وفاته أوفدني بشار الأسد سفيرا ثم أعادني وزيرا للثقافة ، وقد قام بعدة تعديلات في حكومة العطري شملت ثمانية وزراء ، ثم تعديل ثان شملني مع الأخ نادر البني وزير الري يومذاك ودون أن يوجه لنا أي اتهام كما يزعم المغرضون .. بل إن رئيس مجلس الوزراء كرمنا بوداع عبر فيه عن خلق كريم وعن محبته لنا معاً .. وليس سرا أنني كنت قد خالفت الرأي فيما حدث في احتفالية دمشق عاصمة الثقافة مما وسع الخلاف بيني وبين إدارتها العليا التي قادتها أسماء الأخرس ، وتوسع الخلاف الصامت إلى أن تمت إقالتي .

لم اكن قط معارضاً سياسياً ، ولم أكن منتميا إلى أي حزب أو تنظيم سياسي، وكان عملي طوال حياتي في ميدان الثقافة والأدب والإعلام ، وهذا معروف ، ولا أحد ينكر علي حضوري في قنوات الإعلام على الصعيد العربي، وكنت أنتج البرامج الثقافية والفكرية وأكتب مسلسلات درامية وهي مصدر رزقي الأساسي ، وأعتمد على ما يأتيني من ريعها، وكله من قنوات تلفزيونية خارج سورية، تكلفني بالعمل ، وقد أنجزت لها مئات الحلقات التلفزيونية التي وفرت لي حياة مقبولة ماديا. ورغم أني شغلت موقع سياسي في رئاسة الجمهورية لكنني لم اكن قط من الحلقة السياسية الضيقة وكان عملي ينصب على إعداد دراسات ومتابعات حول السياسة العربية و الدولية أقدمها شخصيا للرئيس .

ولم أكن أعلم أحداً خارج الأسرة والأصدقاء بأنني أشغل هذا الموقع ، لدرجة أن جيراني لم يعرفوا إلا يوم وفاة الرئيس وظهوري في برنامج بلا حدود للحديث عن مستقبل سورية بعد وفاة الرئيس ، وكان ذلك تلبية لطلب رسمي ، وكنت أفضل أن يكون بشار رئيساً في وقت كان المنافس الوحيد فيه هو عمه رفعت ، وكان بشار يعدنا بمشروع إصلاحي كبير ، وكانت الغالبية تخشى حكم رفعت، وترى في بشار شابا اطلع على تجربة ديموقراطية في أوربا ، وهو ينتمي إلى جيل حداثي ، وكنا نراه مهذبا ولطيفا وقد استقبل المئات من الشباب قبل أن يصل إلى الرئاسة . ورغم أنه عزلني بعد نحو خمس سنوات في الوزارة ، إلا أنني شعرت أنني ارتحت من عناء نفسي لامجال لذكره هنا ، ويشهد على ذلك زملائي الوزراء .ولم يكن ثمة أي خلاف بيني وبين الحكومة .

وحين قامت الثورة وانفجرت من درعا ، فوجئت بالرد الأمني العنيف وبقتل الشباب المتظاهرين فأعلنت فوراً رفضي لذلك ، وكتبت مقالات من دمشق أدعو فيها إلى حل سياسي وعدم التصدي بعنف ، وحاولت جاهداً وقف سفك الدم ، حتى ازورّت العين مني ، فقررت الرحيل مع أسرتي، فأنا مع بشار حين يقدم للناس إصلاحاً ومحال أن أبقى معه وهو يأمر بقتل الناس .

لم أعلن انشقاقاً لأنني لم أكن أشغل منصباً ، ولم أتقدم للعمل مع المعارضة لأن الهجوم علي لم يكن من النظام بمقدار ما كان من بعض المعارضة التي واجهتني بعنف لفظي .. بتهمة أني كنت مع النظام.

عملت عامين مع صديقي د. رياض حجاب لتأسيس التجمع الوطني الحر للعاملين في الدولة ، وكان فيه عدد كبير من وزراء وسفراء ودبلوماسيين كبار ومديرين عامين وقضاة ألخ .. ثم حضرت العديد من المؤتمرات المعارضة ،، ولكني لم أتقدم لأي موقع قيادي في المعارضة. وأخيرا دعيت لمؤتمر الرياض ، ولم أرشح نفس لموقع قيادي ، فحتى لجنة الأعلام في الهيئة فضلت أن يكون رئيسها الأخ سالم المسلط، ولكن الزملاء كلفوني أن أكون أحد المتحدثين باسم الهيئة، وواقفت كرمى لهم .. لم أرشح نفسي لأكون مفاوضاً .. ولست في وفد التفاوض ..

ليس لدي أي طموح لمستقبل سياسي ، ولا أفكر بأي موقع مستقبلي لأن مستقبلي صار ورائي .. يهمني فقط مستقبل سورية.. ملايين من الناس عملوا مع الدولة وهم اليوم معارضون شرفاء .. وأهمهم ضباط جيشنا الذين انشقوا بالآلاف وأنا اليوم أطلب ممن له عندي مظلمة قديمة حين كنت في السلطة الثقافية أن يفضحها .. وأتحدى أن يقول لي أحد أنني أسأت إليه أو ظلمته. موظفو السفارات و الوزارات ممن عملوا معي أحياء .. و ربما تحول أحدهم إلى شبيح ، لكنه لايملك حادئة سيئة يرويها ..

لا أطلب شهادة حسن سلوك من أحد لكن بعض السوريين بني عقلهم على الريبة والشك وبعضهم على الضيق والحسد والحقد الشخصي .. بعضهم لايصدق أن من عملوا مع النظام فيهم أناس شرفاء فهم بنظره لصوص وقتلة ومجرمون ، وهذا فهم ضيق أو انفعالي نزق ، يظلم ملايين الناس .. وأستغرب من اولئك الذين يتهمون بدون أدلة ..وتتيح لهم وسائل الاتصال أن يشتموا من يشاؤون ..

إحدى الفنانات السوريات وهي تقيم الأن في السويد اتهمتني في صفحتها بسرقة آثار من سورية بشراكة مع أسماء الأسد وأبيها فواز الأخرس!! وسأقاضيها في محكمة سويدية، والقوانين هناك صارمة، فهي تشوه سمعتي بكلام باطل تافه رخيص، والمؤسف أن هذه الشبيحة السخيفة تقدم نفسها على أنها معارضة!!! وهي لم تجب عن سؤال هام لماذا لم يحاسبني النظام حين عزلني، ولم يحاسبني حتى وأنا في المعارضة وقد حكم علي بتهمة الإرهاب وليس بحكاية تهريب آثار من اختراع الفنانة الدرامية التي بدت روايتها مضحكة حين جمعتني مع أسماء و فواز الأخرس!!! وللإنصاف لم يتم أي تهريب لآثار في فترة تكليفي، ومدير عام الآثار د. بسام جاموس ود. ميشيل مقدسي وفريق المديرية والوزارة احياء ويشهدون .. وجلهم اليوم مع النظام !!

مفجع أن تكون أخلاق بعض من يدعون المعارضة فيها من الإسفاف ما لم يصل النظام إليه رغم خروجنا عليه .. فنحن العاملين سابقاً في الدولة، لم توجه إلينا أكاذيب من طرف النظام كما وجه إلينا بعض المعارضين من ذوي النفوس المريضة، وكنت أسكت عنهم، لكنني الآن سأقاضيهم أمام المحاكم الدولية ..وقد هب بعض الأصدقاء من المحامين المغتربين الشرفاء لمساعدتي في ذلك .

لا أمن على أحد بأنني تعرضت لعقاب قاس جدا من النظام، ولن أشكو قرارات المصادرة أمام من فقدوا أبناءهم ، لكن طرد أمي من بيتها وهي في الثمانينات من العمر سيبقى حدثاً مؤلماً في ذاكرتي. ويعلم أصدقائي أنني خرجت بدون مال إلى الإمارات، ولم أدخلها لاجئا سياسياً، لكنني عملت رئيساً لتحرير مجلة فكرية أدبية أسستها برعاية كريمة من دولة الإمارات، وهذه الوظيفة الأدبية هي مصدر رزقي إلى اليوم، ولا أملك بحمد الله سوى مرتبي منها، وهذا فضل من الله، لولاه لتعرضت لوضع مادي مفجع، فقد كان من سوء حظي أن كل ما جنيته في عمري من كتابتي وبرامجي كنت أحوله إلى اسمنت كي يجد أبنائي سكناً لهم.

أعلم أنني لست مطالباً بتقديم هذه السيرة الذاتية، وكان بوسعي أن (أطنش) لكنني أحترم آراء الناس، وإن وجدت رفضاً شعبياً حقيقياً لعملي مع هيئة التفاوض ( وهو تبرع كما يعلم الجميع) فسأنسحب بهدوء وقد أغناني الله بلطفه ورعايته عن رضا سواه .


المصدر : الإتحاد برس