بيان مهم من المكتب السياسي للمنبر الديمقراطي حول جولة تفاوض جنيف3
14 يناير، 2016
استقبل نائب وزير الخارجية الروسي السيّد غينادي غاتيلوف والمبعوث الخاصّ للشرق الأوسط السيّد سيرغاي فيرشينين في جنيف الزميل سمير العيطة العضو المؤسّس في المنبر الديموقراطي السوري. وقد تمّ التباحث حول العراقيل التي تواجه إطلاق عمليّة التفاوض من أجل حلّ سياسيّ ولوقف إطلاق النار المزمع عقدها في جنيف في 25 كانون الثاني تماشياً مع قرار مجلس الأمن رقم 2254. وقد شدّد العيطة على التعامل بجديّة وإيجابيّة مع مخرجات مؤتمر الرياض وضرورة شموليّة التفاوض لكافّة الأطراف للحفاظ على الوحدة السوريّة، وعلى أهميّة إدماج المجتمع المدنيّ ومنظّماته ومجالسه المحليّة بشكل مستقلّ في العمليّة التفاوضيّة.
كما قدّم نبذات عن شبكات المجتمع المدني والمجالس المحليّة وتقارير حول الانتهاكات والقصف من المؤسسات الطبيّة الإغاثيّة.
وكان سمير العيطة قد التقى قبل ذلك بالسفير الأمريكي المكلّف بالشؤون السوريّة السيّد مايكل راتني، وكذلك بنائب المبعوث الأمميّ السيّد رمزي عزّ الدين.
وقدم الزميل د. سمير العيطة الورقة التالية لكافّة الأطراف التي التقاها:
حول جولة تفاوض جنيف 3
بعد خمس سنوات من الصراع، وصلت معاناة السوريين من الجوع والحصار والفقر، ومن النزوح والهجرة والتشريد، ومن القصف والقتل والدمار والفوضى، حدوداً غير مقبولة بأيّ عرفٍ إنسانيّ ودوليّ. وباتت الأولويّة القصوى للغالبيّة العظمى من السوريين هي وقف القتال.
بالتالي، بعث قرار مجلس الأمن رقم 2254 الأمل بين السوريين في خلق آليّةٍ لوقف القتال ولحلٍّ سياسيّ مستدام، ينبنيان على توافقات واسعة إقليميّة-دوليّة انطلقت في اجتماعات فيينّا “للمجموعة الدوليّة لدعم سوريا”، تؤطّر إنهاء الصراع على بلدنا. لذا الواجب الوطني يحتّم دعم هذه الآليّة بشتّى السبل وعدم إضاعة الفرصة المتاحة لإنقاذ البلاد، خاصّة وأنّه تمّ وضع جدولٍ زمنيٍّ محدّدٍ يُلزم جميع الأطراف السوريّة كما الإقليميّة والدوليّة. بدايته جولة مفاوضات مزمع عقدها في 25 كانون الثاني.
لقد ربط قرار مجلس الأمن انطلاق الجهود لوقف إطلاق النار بانطلاق العمليّة التفاوضيّة. ولذا يجب أن تنطلق هذه العمليّة التفاوضيّة بأقرب فرصة، بالرغم من كلّ التحفظّات، بالضبط لأنّ وقف النار هو الذي سيسمح بإعلاء صوت المجتمع السوري فوق صوت السلاح. يجب إذاً إيجاد حلول إيجابيّة وميسّرة كي يتمّ الأخذ بعين الاعتبار أنّ أيّ وفدٍ للحكومة السوريّة الحاليّة كما أيّ وفدٍ “للمعارضة” لا يمكنهما أن يمثلا في الظروف الحالية إرادة الشعب السوريّ وأن يكونا نتاج الخيار الحرّ للسوريين، كما نصّ عليه القرار الدولي.
يفرض واقع التشرذم السوري على الأرض كما تشابك الملفّات السياسيّة والأمنيّة والإنسانيّة والاقتصادية أن تكون المفاوضات متعدّدة الأطراف، يتمثّل فيها الطيف الأوسع. كلٌّ بخصوصيّاته. بالتالي يجب التعامل بإيجابيّة وجديّة مع مخرجات مؤتمر الرياض للمعارضة. لكنّ على الأطراف الدوليّة والأمم المتحدة أن تجد صيغةً كي يتمّ تمثيل القوى السياسيّة والعسكريّة السوريّة التي استُبعِدَت عن جهود تشكيل وفد “المعارضة” والتي تكافح باستمرار الإرهاب، لأنّ تواجدها ضرورة لشموليّة العمليّة السياسيّة وللحفاظ على وحدة البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، إنّه في منتهى الأهميّة أن يتمّ أيضاً إبراز تمثيل قويّ ومستقلّ للمجتمع المدنيّ وللأطراف التي لا تتبنّى السلاح. إذ من الضروريّ أن يكون المجتمع المدني رقيباً فعليّاً على جولات التفاوض، وأن يتمّ اعتماد وفدٍ رسميّ من قبل الأمم المتحدة للقيام بهذا الدور الرقابيّ الفعّال. فالمجتمع السوري الذي يعاني الأمرّين هو صاحب المصلحة الأساسيّة في وقف الحرب.
ومن الأمثل أن يضمّ وفد المجتمع المدنيّ ممثّلين عن جمعيّات المجتمع المدني الأهليّة والنسائيّة والإغاثيّة والطبيّة والحقوقيّة، التي تجمّعت في شبكات مشتركة. وكذلك المجالس المحليّة، التي جرت انتخاباتها مؤخّراً على أسس القوانين النافذة، حتّى في المناطق غير الخاضعة للسلطة المركزيّة، على المستوى المحلّي وعلى مستوى المحافظات. بما فيها مناطق الحكم الذاتي في الشمال. بالإضافة إلى فعاليّات وشخصيّات يُمكن أن تؤسّس لمناخ الثقة والحياد في المرحلة الانتقاليّة.
فهذه الأطراف المدنيّة تقوم حاليّاً بدور رئيس في تأمين حياة المواطنين وغذائهم وصحّتهم، في كافّة المناطق السوريّة، في ظروفٍ شديدة الصعوبة وبالرغم من التجاذبات السياسيّة والفوضى. وبات أغلبها يعمل ويتفاعل مع المواطنين بشكلٍ مستمرّ منذ 3 سنوات. بالتالي هذه الأطراف المدنيّة هي الأكثر قدرةً على القيام بالوساطات الضروريّة بين أطراف المجتمع لرأب صدعه، ومع مؤسسات الدولة والمجتمع الدوليّ لتأمين مستلزمات المواطنين وخدمتهم، وكذلك مع القوى المتصارعة بالسلاح للتوصّل وضمانة وقف القتال. وهنا يكمُن الهدف الأساسيّ لقرار مجلس الأمن.
كذلك لا بدّ أن تنبثق عن الجولات الأولى من التفاوض أفرقة العمل الأربعة التي تُعنى بمواضيع: السلامة والحماية الاجتماعية؛ والمسائل السياسيّة والقانونيّة؛ والمسائل العسكريّة والأمنيّة ومكافحة الإرهاب؛ واستمرار الخدمات العامّة وإعادة التعمير والتنمية. حسب ما جاء في البيان الرئاسي لمجلس الأمن في 17 آب/أغسطس 2015. والتي سمّى الأمين العام للأمم المتحدة أربعة “ميسّرين” من أجل السهر على أنجاح مهامّها. إنّ تواجد منظّمات المجتمع المدني والمجالس المحليّة والقوى والفعاليّات الأخرى منذ الجولات الأولى يفتح المجال لضمانة تواجدها القويّ ومساهمتها الفعّالة في جميع هذه اللجان.
من ناحية أخرى، سيبقى التفاوض السياسي ولوقف إطلاق النار شكليّاً ودون جدوى طالما لم يظهر هناك توافق دوليّ واسع حول تعريف الإرهاب والمنظّمات الإرهابيّة في الحالة السوريّة. فكلّ طرفٍ من أطراف الصراع يتّهم الآخر بالإرهاب. والمستفيدون همّ التنظيمات المتطرّفة الإرهابيّة الحقيقيّة كداعش والنصرة. كما لا بدّ من إيجاد توافق دوليّ من خلال مجلس الأمن لضبط عمليّات القصف الجويّ والعمليّات البريّة التي تقوم بها دول كثيرة في سوريا. دون هذا، لن ينجح التفاوض في خلق آليّة مشتركة يُمكن أن تحقّق وقف إطلاق النار المنشود، وتوحيد كلّ الجهود السوريّة والدوليّة لمكافحة الإرهاب الحقيقيّ.
لا بدّ أن يتحلّى جميع السوريين بروح المسؤوليّة أمام استحقاقي الحلّ السياسيّ والسلام المأمولين. وأن يجدوا صيغاً للتعامل مع الاختلافات، بعيداً عن الإقصاء والاحتكار. كي يتمّ الحفاظ على وحدة البلاد والمجتمع، والخروج من الدمار الذي أخذ إليه جنون الاستبداد وصراع القوى الإقليميّة والدوليّة على سوريا.
المنبر الديمقراطي السوري (منبر النداء الوطنيّ)