لماذا قطعت السعودية علاقاتها مع طهران؟ وهل سينكعس ذلك على فرص التسوية في سوريا؟


68-Coverآدم ملحم – المصدر

قالت دراسة حديثة صادرة عن “مركز أسبار للدراسات والبحوث” إن الخلاف السعودي الإيراني يضع الدول الفاعلة في الملف السوري أمام عقبة احتوائه وجعله ذو انعكاس غير مباشر على مسار حل الأزمة في سوريا، مرجحةً أن تلعب الولايات المتحدة الأمريكية دور الوسيط بين البلدين كونها تنظر إلى الرياض كأحد الحلفاء الاستراتيجيين في المنطقة، وتنظر إلى طهران كشريك مستقبلي في المراحل القادمة.

وأشارت الدراسة التي حملت عنوان “انعكاس التوتر السعودي الإيراني بين الأزمة السورية والاقتصاد العالمي” إلى أن أحد الخيارات الأمريكية في جمع الطرفين سيكون مكافحة الإرهاب بعد قبولهما بقائمة المجموعات الإرهابية التي تضعها الأردن.

وعزت الدراسة قطع السعودية علاقتها مع طهران إلى جملة من القضايا الداخلية والخارجية، تتجاوز إحراق السفارة السعودية في طهران عقب إعدام النمر، منها الخوف السعودي من حصول فوضى في المنطقة تدعمها إيران، تتجاوز الإخلال بالأمن العام في البلاد إلى تعطيل السياسات النفطية في المملكة، بسبب من استمرار النمر بدعم حركة تمرد واسعة في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط.

وكانت العلاقات السعودية الإيرانية قد شهدت توتراً كبيراً، عقب الاعتداء على السفارة السعودية في طهران، وذلك على خلفية إعدام السعودية لرجل الدين الشيعي نمر النمر بتهمة التحريض في المملكة، مادفع السعودية لطرد البعثة الدبلوماسية الإيرانية، واعقب ذلك تصعيد دبلوماسي خليجي وعربي إزاء طهران.

ومن الأسباب الداخلية التي أوردتها الدراسة لقطع السعودية علاقتها مع طهران، قطع الطريق أمام أي امتداد لحركة التمرد البحرينية التي لا تزال تغذيها إيران، إضافة إلى تصاعد الجدل بين البلدين عقب حادثة تدافع منى، والانتقادات الحادة التي وجهتها طهران للسعودية عقب ذلك.

وأوردت الدراسة العديد من الأسباب الخارجية التي دفعت السعودية لاتخاذ هذه الخطوة، والتي تمثلت وفق الدراسة بسعي الرياض لوقف التدخل الإيراني في المنطقة العربية، والذي زاد بحدة كبيرة عقب أحداث الربيع العربي، وخاصة في سوريا واليمن والعراق، إضافة إلى خشية الرياض من أن يدفع الاتفاق النووي إلى زيادة قوة طهران في المنطقة، خاصة بعد إقدامها على اختبار صاروخ بالستي في تشرين الأول من العام الماضي، والتي خلصت لجنة الأمم المتحدة إلى الإقرار باستطاعته حمل رؤوس نووية.

وعزت الدراسة الباعث الخليجي لمواكبة الموقف السعودي من طهران، كون السعودية ومنذ شنها عاصفة الحزم في اليمن أبدت استعداداً تاماً، لوقف مد النفوذ الإيراني في الخليج انطلاقاً من أهمية حفظ الأمن القومي السعودي والخليجي على حد سواء مؤكدةً أن تحرك حلفاء السعودية العرب والإقليميين، تجاه تبني موقفها من إيران، أعطى قرار الممكة امزيد من القوة، وأتاح لها تقوية دبلوماسيتها مع حلفائها.

وعن مستقبل الدبلوماسية السعودية مع باقي حلفائها كواشنطن أو الحلفاء الجدد كروسيا وتركيا، قالت الدراسة إن السعودية قد تستطيع تبديد القلق الأمريكي الذي أبدته إدارة أوباما عقب إعدام النمر، من خلال عدم تصعيد موقفها مع طهران، في حين أكدت الدراسة أن العلاقات السعودية والروسية لم تتأثر رغم اختلاف وجهات النظر بين البلدين حول العديد من الملفات وفي مقدمتها سورية، في حين يبدو الموقف التركي أقرب إلى التوافق غير المعلن مع موقف الرياض.

وأكدت الدراسة أن توتر العلاقة بين السعودية وإيران، لم يؤثر في رفع أسعار النفط، وعزت الدراسة ذلك إلى أن الأسواق العالمية لديها اعتقاد أن المواجهة بين البلدين لن تصل أبداً إلى مستوى الصراع العسكري المباشر، إضافة إلى كثرة المعروض في سوق النفط بظل رفض أوبك خفض إنتاجها، لكنها أشارت إلى أن استمرار الأزمة بين البلدين قد يؤدي إلى تدهور مفاجىء في أسعار النفط.

يشار إلى أن “مركز اسبار للدراسات والبحوث”، هو مؤسسة أبحاث ، تهدف إلى توفير المعلومات السياسية والاقتصادية و الاجتماعية، أمام الباحثين وصناع القرار، بهدف دعم آليات اتخاذ القرار، وتحقيق التكامل المعلوماتي الذي يرسم خارطة الأولويات للمراحل المقبلة.


المصدر : الإتحاد برس